الثلاثاء، فبراير 14، 2006

لا مكان إلا للقوي ... فأعدوا لهم ما استطعتم من قوة

كان هذا قبل أيام ، بمجرد أن قرأت هذا الخبر عن دعوة قادة حماس لزيارة روسيا تداعت بعض الأفكار فإذا بي أرى صلة لا تخفى بين عديد من الأحداث المتباينة ، و قد نشر هذا المقال في جريدة شباب مصر في أول فبراير في هذا العنوان

لا شك أن ما تلا الخبر من أصداء أكدت أفكاري ، فقد أبدت فرنسا نوعا من التأييد ، و تبعها كثير من دول الاتحاد الأوروبي بدرجات مختلفة من التحمس ، في حين اعترضت إسرائيل بشدة ثم تراجعت حدة الاعتراض ... و ربما يكون الروس يبحثون عن دور لهم كما قيل ، إلا أن المعزى يبقى ، و هو أن حركة حماس بثباتها على مبادئها و قوة أفعالها (دون النظر في الأفعال ذاتها) قد فرضت على الآخرين أن يفسحوا لها المكان


و من أبرز ما ورد في الأخبار قبل يومين كان قول رئيس الوزراء الإسرائيلي العامل أولمرت إن إسرائيل سوف تحدد حدودها النهائية ، فإسرائيل لمن لا يعلم ليست لها حدود رسميا ... إن مثل هذا التصريح الذي أتي بعد تراجع في درجة الحدة في رد الفعل على فوز حماس و على الدعوة الروسية ، يشير إلى أن الإسرائيلين يشعرون بأن هناك قوة أكبر ستتعامل معهم ... و في كل حال فإن حماس بلا شك في موضع اختبار عظيم ، و لاشك أيضا أن الدرس في غاية الوضوح

و هذا كام المقال
قال الرئيس الروسي إنه سيدعو قادة حركة حماس لزيارة موسكو ، و قد أيده في ذلك و إن بشكل غير مباشر رئيس
الوزراء الإسباني ، و في نفس الوقت فإن أوروبا و أمريكا تتحدثان عن مطالبتهما للحركة بنبذ العنف ، و إعلان الالتزام بما التزمت به السلطة الفلسطينية حتى الآن ، في حين بدأت ملامح التسليم بأن حماس هي الطرف الذي يجب السماع له ... ، و منذ أيام قليلة استضافت شبكة سي إن إن الأمريكية محمود الزهار ، و ذلك رغم أن الولايات المتحدة تعلن أن حماس منظمة إرهابية ، و على غير المعتاد في مثل هذه اللقاءات فقد كان مقدم اللقاء في غاية من الإثارة محاولا انتزاع تصريحات من محمود الزهار ، كان المقدم متلهفا لسماع كل حرف يتلفظ به الزهار ، و من قبل عندما كان يحدث أن يستضاف أحد أعضاء الحكومة الفلسطينية أو السلطة عموما لم تكن لترى أبدا مثل هذه الإثارة ، و ذلك لأن كلامهم معتاد لا جدة فيه ... من ناحية أخرى و في خطابه السنوي تجاهل الرئيس الأمريكية فوز حركة حماس في الانتخابات الفلسطينية ... برغم أن العالم كله يتحدث عن هذا ... فالكرة في الحقيقية بين أرجل الحماسيين

!!بدرجة مختلفة حدث شيئ من ذلك في مصر بعض فوز حركة الإخوان بخمس البرلمان المصري ، و هي درجة أقل بالتأكيد ، لأن في فلسطين سيكون الحماسيون هم الحكومة ... و قد رأينا و سمعنا مرشد الإخوان المسلمين في وسائل الإعلام كل يوم ، و رأينا من يتحدث عن اتصالات أوروبية و أمريكية بالإخوان ... كان انشغالا و تطلعا و إثارة لا تقل عن هذا الحماس و التحفز الذي علا وجه مقدم برنامج السي إن إن في لقائه مع محمود الزهار ... و منذ عام أو يزيد كانت زوبعة حول تصريحات مهاتير محمد عن اليهود ... و قد انتهت و لم يرجع الرجل عما ظن انه الحق ، و لم يستطع أحد شيئا حياله ... و منذ سنين أعجزت الحيل أمريكا و حلفائها حيال كوريا الشمالية .. ثم هل ننسى أن الانتفاضة الأولى كانت السائق للإسرائيلين للجلوس مع الفلسطينيين ، و قد كانت حماس قائدة هذه الانتفاضة

ما هذا؟

لقد فرضت حماس نفسها على الدنيا ، و كذلك فعل الإخوان في مصر ، و دول العالم تترقب ما يقوله قادة حماس ، و يبدو أن الأمور في فلسطين سوف تتغير ملامحها لتعتدل قليلا في الاتجاه السليم ... لا يبدو أن حماس ستوافق دائما على كل المطالب الإسرائيلية كما اعتادت سلطة فتح أن تفعل ... و لما كان الزهار يتحدث كنت أسمع الألفاظ الصحيحة ، كان يقول إن على إسرائيل أن توضح معني وجود العبارة التي تصف إسرائيل بين النيل و الفرات في داخل الكنيست ، و ذلك عندما سألوه عن كون حماس تريد القضاء على إسرائيل ... هل كان أحد من فتح يجروء على هذا في السنوات العشر الماضية ... كان الزهار يتحدث عن حقوق اللاجئين في العودة على أنها حقوق لا طلبات .. كان يتحدث عن أصول القضية الفلسطينية .. كان يقول ما الذي يفعله الإسرائيليون ... كان يسمي الأشياء بأسمائها الصحيحة ... و لم يكن فاقد الذاكرة مثل كثيرين من العرب .. و بهذا يمكن للعالم أن يعرف الصورة الحقيقية ، هنا يعرف الإسرائيليون أن هناك طرفا آخرا في المعادلة ... طرفا ليس تحت السيطرة ... و هو درس من التاريخ لو ان الذاكرة ليست مفقودة .. فإن منظمة التحرير لم تعرف الطريق إلى العالم من خلال منبر الأمم المتحدة إلا بأن فرضت نفسها على الدنيا بقوة الفعل لا بالكلام اللطيف ... و قد كنا نتغنى طوال نصف قرن بذلك و لكن لم يتحول هذا إلى عقيدة في أذهان من استولوا على مقاليد الأمور في بلادنا ... و لم تكن حرب أكتوبر إلا من منطلق أن القوة هي البداية للحوار ... و لم يكن نصر حزب الله في لبنان إلا مثالا صارخا لمن يفهم ....و ليس الذي يجري في العالم اليوم ضد الدانمرك و غيرها من البلاد إلا مثالا آخرا ...

نحن قوة هائلة و لكننا نفتقد القائد الذي يوجهنا ... بعد أن استولى غير المؤتمنين على مقاديرنا بل و سلموا بعضها إلى من يضيرهم أن نكون بخير ... إنها القوة تفرض احترام من يمتلكونها ، و العالم قد وقف يرقب ما سيقول قادة حماس و ما سيفعلون ... و قد أدرك هذا العالم أن لدى هؤلاء القدرة على المبادرة و أن لديهم قناعات راسخة لا تباع .. و هذه هي القوة .. قد تكون حماس مجرد حركة تحت قيود و ضغوط كثيرة ، و لكنهم يملكون قرارهم و ذاكراتهم ، و عيونهم ليست عليها رقابة تمنع من الرؤية ، و ألسنتهم ليست ملتوية تسمى الأشياء بأسماء ملفقة خبيثة ترضي العدو و حسب ... و بهذا لا يمكن أن يسوقهم غيرهم ...

مرة أخرى هي القوة ... لا حل آخر غيرها ... و ملامح هذه القوة هي الذاكرة السليمة و التمسك بالمبدأ و السعي نحو الهدف المحدد و تسمية الأشياء بأسمائها الصحيحة و نشر الحقائق على الدنيا ، و رؤية هذه الدنيا كصورة واحدة مترابطة ..

ليست الحال سهلة و ليس التحدي سهلا هكذا بل هو من أخطر ما يكون ، هو الامتحان .. فإما أن يفلح قادة حماس في أن يكونوا على قدر المسئولية و إلا فإن العواقب ستكون وخيمة لعقود طويلة .. ستطول إلى أن يمتلك آخرون هذه القوة من جديد ليفرضوا على الدنيا أنفسهم ... و هو درس للجميع ، ليعلموا أن القوة هي ما نحتاجه ، و من موقع القوة نتحدث و نتحاور ... و إن لم نملك هذه القوة فلسوف نقول ما ليس في صالحنا و لسوف نبقى دائمين تابعين نقوم برد الفعل فقط ... و سيكون غيرنا هو الفاعل و سيكون له عندئذ الحق في أن يوجه العالم نحو ما يريد .. إذ ما الذي سيمنعه ؟

من سيدخل الجنة

 جاء في التليفزيون المصري، في رمضان الحالي، أن المفتي السابق علي جمعة، يحدث الأطفال، فسألته طفلة، لماذا المسلمون فقط سيدخلون الجنة، وهناك أد...