الأحد، نوفمبر 09، 2008

الطعام المغشوش

عدت إلى بنها، بعد سنوات من الحياة في فلوريدا بالولايات المتحدة، عاصرت فترة حكم بوش، كان وصولي قبل أحداث سبتمبر بشهر، و غادرت قبل نهاية حكمه البائس بأربعة شهور، لكني عشت هناك أدميا آمنا على نفسي، أتعامل مع الناس باحترام فأجد الاحترام، و أثق أن من سيقوم بعمل سيتقنه، و لن يغشني، ثم عدت إلى مصر، بنها بالتحديد، و أنظر حولي لا أصدق ما أرى، لقد هوت البلاد إلى هوة سحيقة في سبع سنوات، و دعني من أي شيئ إلا الأكل ... الأكل مغشوش ... أمسك أكياس الدجاج و أنظر فيصعب تصديق أن هذا الذي آراه سليم، المشروبات الغازية ليس طعمها كما في أمريكا، الخبز فيه رمل، الشاي (شاي ليبتون الشهير و شاي أحمد الهندي الذي طعمه لا يوصف من حلاوته كما شربتهما في أمريكا) ليس لهما الطعم نفسه رغم ان أمريكا ليست بلد شرب الشاي ... اشتريت علبة لبن دلة، و لما جئت أفتح وجتها تفتح بسهولة غريبة، ثم وجدت الورقة المغلفة بالألمونيوم التي يجب أن تسد فتحة الزجاجة مفتوحة و مدفوعة لداخل الزجاجة بالفعل، و اللبن رائحته النشا، و طعمه ليس اللبن كما أعرفه، و بعد يومين أشتريت علبة جبن دومتي فدخل البائع و جائني بالعلبة في كيس بلاستيك، فلما عدت البيت وجدت العلبة مفتوحة، و الجبن في الداخل في كيس عليه اسم الشركة و كان مقفولا رغم أن الماء في الداخل و خارج الكيس .. فلما رفعت الكيس وجدته مفتوحا من أسفله

و لقد اشتريت هذا من أماكن معقولة، فلا شك أن البائع الثاني (محل ماركت أبو السعود القريب من الطريق السريع في بنها - عند محل كشري عجيبة ) لاشك أن هذا البائع غشاش، ولكن لا أظن أن بائع اللبن غشاشا فقد كانت العلبة تبدو سليمة، و قد اطلعت على علب أخرى، و هو جاري و أنا أعرفه ... غير أن المشكلة الأكبر هي في انعدام الرقابة، لا أحد يراقب أو يحاسب، أن أنهم فاسدو الذمم لا يراعون الله في أرواح الناس
أين الدين في مصر؟ و ما جدوى كل هذه الفضائيات الدينية، و القرآن المرتل في كل مكان، حتى في رنات التليفون المحمول، إن الناس لا يسمعون أو لا يفهمون ... لكن من الذي لا يعرف أن الغش حرام، و من الذي لا يعرف أن التسبب في إيذاء الناس حرام؟
إن هناك مشكلة أكبر فينا، نحن المصريين، لقد انحطت الأخلاق و انحططنا، على العموم و ليس كلنا بالطبع، فكيف نأمن أن نأكل شيئا، كيف نصدق كلام أي متكلم، كيف نثق في عمل أي عامل؟ كيف نصلي صلواتنا و بماذا نتوجه إلى الله في الدعاء و نحن نقتل إخواننا قتلا بطيئا

الثلاثاء، مايو 27، 2008

اللعبة المكررة

قال الرئيس الأمريكي بوضوح لكل العرب إننا نلعب معكم هذه اللعبة طوال الوقت و لكنكم أضعف من أن تفهموا ، و هذه اللعبة هي لعبة الكلام و الوعود ، فقد وقف يعلن أنه مجرد واحد من الإسرائيليين و يؤكد تعهد أمريكا بحماية كل الإسرائيليين ، بينما يوزع الكلام المعاد عن دولة فلسطينية ، و من تفاصيل اللعبة أيضا أن تنشط الجهود قبل نهاية فترة الرئاسة ، لكي تكون المهرب من تنفيذ أية وعود ، و قد فعل هذا كلينتون و بوش الأب و ريجان ، غير أن هذا الرئيس أقل حكمة منهم

و اللافت أن أولمرت الإسرائيلي يلعب اللعبة ذاتها ، فهو موقن أنه غير باق ، إما لضعف موقفه السياسي أو بسبب قضية الفساد الواقع فيها ، و هنا يلعب ، فلماذا لا يبدأ مفاوضات مع سورية ، أولا هي مناورة سياسية ، ثانيا يمكن فيها أن يحاول فعل شيئ بخصوص حزب الله ، ثالثا يمكن فيها أن يصنع نزاعا سوريا داخليا ، و في المحصلة بالطبع فهو لن يعطي أي أحد أي شيء - فهي مجرد لعبة

و لو كان لأولمرت غرض في نجاح أي مفاوضات فإن محمود عباس هناك ، كما أن مصر تعرض هدنة في غزة لكنه يرفض ، فالمسئلة مجرد لعبة ولا يجب أن يتحول اللعب إلى جد ، هكذا يفكر الإسرائيليون و الأمريكيون

لكن المحزن أنهم يحققون مكاسب جدية من هذه الألعاب

تلك هي حقيقة ما يقال عن المفاوضات السورية ، و ستثبت الأيام ذلك ، فالعرب يحكمهم أغبى الحكام

الثلاثاء، مايو 13، 2008

من غزة إلى لبنان

نفس السيناريو الذي جري في غزة منذ ما يقرب من سنة بدأ في لبنان ، فكما قيل إن حركة حماس قامت بانقلاب في غزة يقولون الآن إن حزب الله اللبناني قام بانقلاب في لبنان ، و كما تكشف أن حركة فتح كانت ترتب لعمل ما في غزة و استبقه الحماسيون و أجهضوه ، فقد بدأت الأخبار تأتي أن إنزالا إسرائيليا تم إجهاضه لوجود شبكة اتصالات حزب الله في مطار بيروت ، كما نشرت صحف أمريكية أن ما يسمى بجماعة الأغلبية في لبنان قد حشدت السلاح و تحولت من صورة الميلشيات إلى شكل شركات الأمن للتحايل على الدعوات بنزع سلاح الميلشيات ، و قد ظهر جنبلاط كسير العين بعدما بدأت أسرار أعماله البشعة في الانكشاف ، و وقف الحريري اليوم ليقول بسفاهة إن عملية حزب الله تمت بغطاء إسرائيلي ، دلالة على تخبطهم

و يأتي رد الفعل المصري و السعودي الشديد العصبية ليدل على أن شيئا ذا خصوصية قد جرى ، و تحدثهما عن السنة و الشيعة لا يشير إلا إلى تخبط مماثل شديد بسبب المفاجأة و لا يدل إلا على نوايا غير سوية كان يجرى العمل من أجلها ، فإن المحاصرين في غزة الغارقة في الظلام من السنة ، و الذين يقتلون يوميا في العراق من السنة ، و الصومال المحتل أثيوبيا سني ، و السودان المحاط بالمؤامرات سني ، فأين هذه الغيرة على السنة ، هل لا توجد إلا في لبنان ؟

هل لا يوجد لمصر من سياسة إلا ما ترضاه أمريكا ؟ و كيف يمكن أن يكون هناك كل هذا العدد من العملاء ضد مصالح شعوبهم ، و كيف لهم أن يستمروا في السلطة كل هذا الوقت ؟ لا أفهم

الخميس، أبريل 24، 2008

مقدمات المعركة القادمة

تتسارع الاتصالات في المنطقة ، فالرئيس التركي يقول إن إسرائيل تريد الانسحاب من الجولان ، و يبدو أن للخبر أساسا ، و وزيرة الخارجية الأمريكية في رحلات مكوكية مستمرة ، و الرئيس الفلسطيني في واشنطن اليوم و كان في روسيا الأسبوع الماضي ، و هناك خطوة في سبيل تخفيف الحصار على غزة ، ساهمت فيها مصر التي تجتهد لتحقيق هدنة ، بينما إسرائيل قد أجرت مناورات مؤخرا ، و كذلك يبدو أن سوريا تفعل بتحريك قواتها ، و الكونجرس الأمريكي يصعد من اتهام سوريا بالعمل لحيازة قدرة نووية ، و باراك قال إنه لا يمكن هزيمة حماس (أمر غريب) و الرئيس المصري في أوروبا ، و وزيرة خارجية إسرائيل كانت في قطر تتحدث عن عودة الفلسطنيين إلى أرضهم (؟) مثلما عاد اليهود، و أخيرا قيادة الجيوش الأمريكية في المنطقة أعطيت للجنرال بترايوس ، مما يعني أن هناك حاجة له على مستوى أكبر من العراق

فماذا يجري ؟ ... في العادة دائما ما يجري إعطاء الوعود للفلسطنيين قبل كل محرقة تقام في المنطقة ، و لقد فشل المالكي في لجم الصدريين ، و خسر الرئيس الباكستاني سيطرته على البلاد ، و استطاعت حماس أن تحرز بعض النصر الميداني و السياسي ، و سوريا لا تتوقف عما لا يرضي أمريكا ، و يبدو أن مبارك يفقد السيطر على الغضب المتنامي في مصر ، فيبدو أن الأمور كادت تخرج عن الإطار المرسوم ، و بالتالي كان لابد من التعجيل بالأحداث ، قبل أن يهوي الاقتصاد الأمريكي بشدة فيصعب على بوش أن يعمل لحرب ، و ربما تكون الولايات المتحدة تستغل تحركات الرئيس الأسبق كارتر ، لتوحي بالأمل ، و الخلاصة في ظني هي أن هناك عملا يجري سوف يسفر قريبا عن احتراق جزء آخر من الأرض العربية أو الإسلامية

الأربعاء، مارس 05، 2008

حقيقة ما يسمونه انقلاب على النظام في غزة

يشير تقرير مجلة فانيتي فاير عن خطة الإدراة الأمريكية الإطاحة بحماس في غزة قبل عام إلى عدد من الأفكار ، منها الآتي
إن الذين هاجموا حماس كانوا خاطئين أو مغرضين أو ضحايا إعلام موجه
إن مصر و غيرها كانوا يعلمون بالخطة و ساهموا فيها
حماس قوية
الرئيس الأمريكي يصدق دعاواه عن نشر الديمقراطية ، إذ أصر على إجراء انتخابات رغم أن فتح قالت إنها غير مستعدة ، و الأهم هو أنه ظن أن الفلسطينيين سوف ينتخبون من يريده هو ، فهو يصدق نفسه ، و يعيش في عالم من الأوهام
في نفس الوقت فلا مانع عند دعاة الديقراطية أن ينقلبوا على نتائج الانتخابات النزيهة ، لو لم ترقهم
مصر منساقة إلى الهاوية بالمشاركة في هذه السياسات
يمكن قراءة التقرير هنا

الخميس، فبراير 21، 2008

صوفي أبو طالب


رحل رابع رؤساء مصر منذ ثورة يوليو صوفي أبو طالب ، و إن كان حكم مصر أياما فقط ، فلقد كان جديرا بالمنصب ، كان رجلا فاضلا مصريا يعرف معنى هذه الهوية ، هو الذي كان وراء مادة الشريعة الإسلامية في الدستور ، و هو الذي عمل من أجل تقنين الشريعة عندما رأس مجلس الشعب ، و حتى اليوم الأخير في حياته كان يقول إن حل كل المشكلات هو في إعمال الشريعة ، لم يكن كلاما أو دعوة للغير ليعملوا ، فقد عمل هو نفسه ، فأنجز التقنين ، و من قبله جعله الدستور ، و بقي على إيمانه إلى اليوم الأحير ... قال ذلك في تجمع عالمي في ماليزيا ، ليس بينه و بين نفسه أو في حوارات جانبية ، كلا بل علانية و أمام العالم ، ثم لقي ربه بعدها مباشرة ، رحمه الله

الاثنين، فبراير 04، 2008

إيران إلى الفضاء














الخبر المثير للاهتمام اليوم هو إطلاق إيران صاروخا تدشن به برنامجا فضائيا ، فليس فقط تخصيب اليورانيوم و اكتساب المهارة و الخبرة النووية ، بل و في نفس الوقت هم يعملون في اتجاه آخر من اتجاهات التقنية المتقدمة ، و قد بدأوا يبنون الأقمار الصناعية بأيديهم و يريدون إطلاقها إلى الفضاء بأيديهم كذلك

لا أملك إلا الإعجاب بهذه الدولة ، في هذا الإطار ، و لا أستطيع كتم الغضب من حال بلدي مصر ، التي مازالت تفشل في ضمان وصول رغيف الخبز لأبنائها

و لم تنته دهشتي حتى الآن منذ سمعت أن سوريا تصدر القمح ، بل إن مصر طلبت شحنات قمح سورية على وجه العجل ، لكي يأكل المصريون ... كما أن سوريا تمد الأردن بالماء و الطعام
و هنا نسأل: هاتان دولتان من دول محور الشر الأمريكي ، و لكنهما تسيران إلى الأمام ، بينما مصر و الأردن دولتان من دول المحور الأمريكي نفسه ، و هما تتسولان الطعام ، فهل هذه مصادفة؟

الغريب أن المتحدثة باسم البيت الأبيض الأمريكي دانا برينو قالت اليوم إن إيران تعزل نفسها أكثر عن بقية العالم ، بسبب اختباراتها الصاروخية

الأحد، يناير 27، 2008

أمرت أن أقاتل الناس و أفكار أخرى

فكرتان أود أن أشرك فيهما من يرغب ، أما الأولى فتأتي بعد قراءة تقرير مثير للجنة كان أنشأها الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر ، لوضع سياسة للتعامل مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر ، و كان مما جاء فيه أن تدريس التاريخ في المدارس يربط الإسلام بالسياسة في لاوعي النشأ الصغير ، مما يجعل اللجنة ترى في من يميل إلى الدين من المواطنين رافدا طبيعيا للجماعة ، و يضاف إلى هذا أن اختلاط أعضاء الجماعة بعامة الناس يفشل المحاولات الحكومية المستمرة لسنين لتشويهها و إقناع الناس بأنهم إنما يتسترون وراء الدين لأغراض سياسية ، ذلك بأن الإخوان تميزوا بطاقات عالية و قدرات متميزة على المستوى العملى مما جعلهم ناجحين بارزين عموما و محل الإعجاب ، و على المستوى التنظيمي فإن نفور الجماعة من الأيدولوجيات الأخرى جعل من الصعب تصويرهم على أنهم عملاء لقوى أجنبية ، و مما يزيد الأمور تعقيدا هو صعوبة التمييز بين المتدين الطبيعي و عضو الجماعة.

و بناء على هذا أوصى التقرير بالعمل من خلال مناهج التعليم على محو فكرة ارتباط الإسلام بالسياسة ، و على إبراز مفاسد الخلافة ، خاصة العثمانية منها ، و كذا باعتبار كل المتدينين سواء ، و معاملتهم نفس المعاملة "المعادية" و اعتبار التضحية ببعض الأبرياء مقبولة لتوقي خطر أكبر ، و كذا منع قبول ذوى الإخوان وأقربائهم حتى الدرجة الثالثة فى السلك العسكرى أو البوليس أو السياسة ، و التضييق على الموجودين منهم بالفعل في هذا في هذه المناصب ، و تضييق فرص الظهور والعمل أمام المتدينين فى المجالات العلمية والعملية ، و عزلهم عن أى تنظيم أو اتحاد شعبى أو حكومى أو اجتماعى أو طلابى أو عمالى أو إعلامى ، ثم التوقف عن سياسة استعمال المتدينين فى حرب الشيوعيين أو العكس ، حيث ثبت تفوق المتدينين فى هذا المجال ، و لكن إعطاء الفرص الأكبر للشيوعيين لحربهم وحرب أفكارهم ، مع حرمان المتدينين من الأماكن الإعلامية ، و تشويه تاريخ الجماعة.

و على الجانب الآخر يوصي التقرير بإدخالهم فى سلسلة متصلة من المتاعب بالاستيلاء أو وضع الحراسة على أموالهم وممتلكاتهم ، و اعتقالهم مع المعاملة المهينة ، للوصول إلى اهتزاز الأفكار فى عقولهم و "انتشار الاضطرابات العصبية والنفسية والعاهات والأمراض بينهم" ، و إعجازهم عن الوفاء بمتطلباتهم الأسرية مما يؤدي بمن يعولون ، إلى التمرد عليهم و رفضهم و رفض أفكارهم ، و تضطر العائلات " .. لغياب العائل ولحاجتها المادية إلى توقيف الأبناء عن الدراسة و توجيههم للحرف و المهن ، و بذلك يخلو جيل الموجهين المتعلم القادم ممن فى نفوسهم أى حقد أو أثر من آثار أفكار آبائهم".

و أيضا إعدام كل من ينظر إليه بينهم كداعية ، و من تظهر عليه الصلابة سواء داخل السجون أو المعتقلات أو بالمحاكمات ، و استخدام الإفراجات بشكل دعائي ليكون ذلك سلاحاً يمكن استعماله ضدهم من جديد فى حالة الرغبة فى إعادة اعتقالهم ، حتى يخرج المعفو عنه إلى الحياة فإن كان طالباً فقد تأخر عن أقرانه ، و يمكن أن يفصل من دراسته ويحرم من متابعة تعليمه ، و إن كان غير ذلك فقد تقدم زملاؤه و ترقوا و هو قابع مكانه ، و إن كان تاجراً فقد أفلست تجارته ، و إن كان مزارعاً فلن يجد أرضاً يزرعها حيث وقعت تحت الحراسة أو استولي عليها ، و يصبح الجميع في حالات من الضعف الجسمانى و الصحى ، و السعى المستمر خلف العلاج و الإحساس بالعجز المانع من أية مقاومة ، مع الشعور العميق بالنكبات التى جرتها عليهم دعوة الإخوان ، مع خروجهم بعائلاتهم إلى مستوى اجتماعى أدنى نتيجة لعوامل الإفقار التى أحاطت بهم.

و يبدو أن هذا التقرير كان معلوما من زمن ، و يقال إن الشيخ محمد الغزالي قد تحدث عنه في أحد كتبه ، و لكنه يبقى صعب الهضم ، فإلى هذا الحد بلغت الأفكار الشيطانية ، لا سياسة في هذا ، بل هي محاربة للأفراد في أرزاقهم و في أنفسهم و في ذويهم ، و يصعب التعليق ، إلا بملاحظة أن هذا بالضبط هو ما يجري حاليا في مصر ، من الاعتقالات المتلاحقة ، و المصادرات ، و المحاكمات "العسكرية" و محاربة أعضاء الجماعة في أعمالهم ، و كثير منهم من رجال الأعمال الناجحين ، كما أن مقاومة وجودهم في الجامعات أشهر من يتحدث عنه أحد ، و نحن نقرأ في الصحف عن قرارات الإفراج المرتقبة من حين لآخر ، و رغم أن أكثر المسجونين حاليا ليسوا من أعضاء جماعة الإخوان ، بل جماعات أخرى ، إلا أن التركيز الحكومي موجه للإخوان ، و السبب هو قدراتهم التنظيمية ، و السياسية ، و الوجود القوي بين الناس ، و من الصعب تصديق أن المشكلة تتركز في أن أفكار الجماعة تدعو للعنف أو الطائفية ، فإن تجربة المرشح الرئاسي السابق أيمن نور تقول بوضوح إن المسئلة هي حرب بقاء في السلطة ، لا أكثر و لا أقل ، الأمر الذي يجعل الحكومة المصرية في موضع الطرف المستغل للدين للبقاء في السلطة ، بحجة الدفاع عنه ضد التشدد و الغلو.

و يتذكر المرء بتأمل الرئيس الراحل السادات ، الذي كان واحدا من قادة ثورة يوليو ، و رجال عبد الناصر في حياته ، فلم يعارض سياساته ، لكنه هو الذي أعاد جماعة الإخوان إلى النشاط السياسي ، و عكس ما صنع عبد الناصر ، و هو الذي أتاح وجود الأحزاب الأخرى .. و لا أنسى مشهده على شاشة التليفزيون في أيام حياته الأخيرة إذ وقف ليوكد عل الألفاظ " .. مصر دولة مسلمة .. " ، و رغم هذا فهو القائل إنه لا سياسة في الدين و لا دين في السياسة ، و مع أنه الذي أعاد التعدد الحزبي فلقد تحدث عن الديقراطية ذات الأنياب ... فهل كان هذا تناقضا أم أن الرجل كان يرى نقطة التوازن بين الدين و العلمانية ، و بين القوى السياسية ، و كان يعمل من أجلها؟ أظن أنه كان يراها

و مما يستدعيه هذا الكلام كذلك هو النتيجة التي توصلت إليها الباحثة الألمانية كارين أرمسترونج ، في كتابها "الإسلام: تاريخ مختصر" ، و مفادها أن النظم العلمانية الحاكمة في البلاد الإسلامية اختلفت عن العلمانية الغربية ، في أن الثانية كانت تفصل الدين عن شئون الحكم و تتركه لحاله ، بينما كانت الحكومات العلمانية الإسلامية "معادية" للدين و المتدينين ، و هو فرق شاسع ، و يجعلنا هذا نرجع بالنظر إلى القرن الماضي أو نحوه لنري طبيعة تلك النظم الحاكمة في المنطقة خلال تلك الفترة ، بل إن قليلا من المبالغة يصل بنا إلى القول بأن الاستبداد و الدكتاتورية في العالم العربي خاصة قد ارتبط بالنظم العلمانية ...

و نسطيع أن نرى هذا فيما حولنا ، فلن نرى إلا حكومات تضطهد الإسلاميين (بمعنى التنظيمات الدينية السياسية) أو أنها حكومات قد استولت على الدين ، و ميعته و وظفته كما يحلو لها ، إلا ما رحم ربي ، فحتى الحكومة الوحيدة المنتخبة حقا ، فهي محاصرة و محل مؤامرة دولية ، فمن هم سبب العنف ؟ أهم الإسلاميون أم العلمانيون؟

أما الفكرة الثانية ، فهي عن الحديث النبوي المشهور " أمرت أن أقاتل الناس ، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، و أن محمدا رسول الله ، و يقيموا الصلاة ، و يؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم و أموالهم إلا بحق الإسلام ، و حسابهم على الله تعالى " ... و هو في كتابي البخاري و مسلم ، و يحير الكثيرين بسبب أنهم يرونه أمرا بقتال غير المسلمين لإجبارهم على الإسلام و هذا فهم يدل على جهل بأبسط حقائق تاريخ هذا الدين

يقول تعالى في القرآن الكريم " وَ كُلُوا و َاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ " ... و يوجد في الآية فعل أمر كذلك ، لكن أحدا لم تحيره هذه الآية فقال مثلا إننا يجب أن نستمر في الأكل و الشرب بلا توقف من دخول الليل حتى طلوع الفجر في رمضان ... و لن يقبل أحد أن تكون هذا هو مقتضى الأمر في الآية ، لأنه يعلم أن الصوم ليس كذلك و أن في الدين توجيهات أخرى تجعل مثل هذه الفكرة مرفوضة .. ، فإذا ورد هذا الحديث فإذا بالبعض يقرأه بلا تفكير على أنه أمر بالقتال لإجبار الناس على الإسلام ، بينما هم يعلمون أنه لا إكراه في الدين ، و المسيحيون و اليهود الذي عاشوا في ظل دولة الإسلام قرونا يشهدون على هذا

فما معنى الحديث؟ معناه بكل وضوح هو: لا يجوز قتال المسلمين بعضهم بعضا

فالأية تعلمنا أننا "يجوز" أن نأكل و نشرب إلى أن يبدأ وقت الفجر ، و نحن نأكل فقط إن شعرنا بالجوع .. المعنى هو كلوا و اشربوا خلال الليل ، لا مانع من هذا ، هو مباح إذا شعرتم بالجوع ، و كذلك الأمر في الحديث فهو يعني أن الحرب مباحة إن كان لابد منها و لا سبيل لتوقيها بل إننا مأمرون بالقتال إذا كان لابد منه ، و الفرار وقت الحرب خطيئة عظيمة ، إلا الحرب ضد المسلمين فإنها لا تجوز ، فطالما أعلن شخص أنه مسلم فإن قتاله كبيرة من الكبائر ، و حسابه على الله تعالى تعني لا تمييز بين مسلم جيد أو غير جيد ... الحديث يخبرنا أن الحرب مباحة إن كان لا مفر منها ، و للإباحة بالطبع و للقتال قواعد و ضوابط يبينها القرآن ، و يقول فوق هذا إن قتال المسلمين بعضهم بعضا لا يجوز في أي حال ، و تلك هي المسئلة

ليست في الحديث دعوة و لا أمر بقتال غير المسلمين لكونهم غير مسلمين ، و لكن فيه الإعلام بأن الحرب قد تقع و لا يجوز الفرار منها ، غير أن "الأمة الواحدة" من المسلمين لا يجوز أن تتقاتل

فلما نرى أنه لا قتل و لا تدمير في أنحاء الأرض إلا في بلاد المسلمين تقريبا ، نعلم أننا بعيدون عن فهم هذا الدين كثيرا ، و لما نرى الفهم الخاطئ و السيئ النية ، نعلم إن بعضا منا يكرهه و يعاديه

الثلاثاء، يناير 15، 2008

أمة الحمقى

يبلغ القرف مداه من هؤلاء الحكام العرب ، فأكثر الرؤساء الأمريكيين إجراما يسوح في بلاد العرب كالأمبراطور يتفقد مواشيه ، و الثاني الظاهر في الصورة حديثا بكبره و عجرفته على ما هو عربي أو مسلم (الرئيس الفرنسي) و في نفس الوقت الذي يتجول فيه بوش بهذه البلاد - ينزل ضيفا مكرما مع عشيقته ، و على حساب الشعوب العربية ، و ليس في دولة واحدة و لكن أينما حل ، ماذا يحدث؟

و الأنكى أن بوش يعود لبلاده الخائفة من كساد اقتصادي قادم - يعود بعشرين مليار دولار مبيعات أسلحة للسعودية ، فلماذا؟ ماذا ستفعل السعودية بها ، و ماذا فعلت بسبعين مليار سابقة اشترت بها من بريطانيا ، هل سيحاربون إيران ؟ ... إنهم سيفرون مع أول صاروخ إيراني ، و يستنجدون بالشجيع الأمريكي ، فعلام كل هذا السلاح ، و كان من السهل أن يحققوا مصالح جمة استغلالا لحاجة بوش إلى هذا المال ، بل و حاجته إلى صوره في بلاد العرب ، ليظهر بها أمام شعبه ....
و لا تتوقف المهازل ، ففرنسا ستقيم قاعدة عسكرية في الإمارات ..... يعجز العقل عن تصور أي فائدة للإمارات من هذا ، في حين تتنسم فرنسا عبير ماضيها الإمبراطوري ... من هم هؤلاء الناس الذي يحكمون في شعوب العرب؟
الجنون فقط هو نتيجة أي محاولة لفهم أعمالهم
و لن أنسى مصر ، بل إنها حاكمها هو الملوم على ما يجري ، و هو يطن أنه حافظ على مصر آمنة على مدى خمسة و عشرين سنة ، أي غباء هذا ، أين الأمن؟ و الجيوش من حولنا و نحن حتى لا نملك أن نقرر ما نريد إلا أن يريد حاكم أمريكا ، بل نحن حتى لا نزرع طعامنا إلا أن ترى أمريكا ذلك
لا أعلم ماذا أريد من هذا الكلام ، و لكن الإحساس بالعجز شديد على النفس ... فهل من نصيحة

من سيدخل الجنة

 جاء في التليفزيون المصري، في رمضان الحالي، أن المفتي السابق علي جمعة، يحدث الأطفال، فسألته طفلة، لماذا المسلمون فقط سيدخلون الجنة، وهناك أد...