الثلاثاء، أبريل 05، 2011

ملحوظات في إطار التحول الديمقراطي

كان واحدا من أسباب الموافقة على التعديلات الدستورية في الشهر الماضي هو تسريع عملية التحول و الوصول إلى إقامة نظام فيه برلمان و رئيس و جيش متفرغ للحماية، فلقد كان التأخير يحمل فرص فتح المجال الأوسع أمام التدخلات الأجنبية ، و هي تدخلات ستحدث بشكل غير مباشر من خلال التفاهمات بين تلك القوى الأجنبية و بعض القوى في البلاد

و لقد تبدلت الاتجاهات نسبيا فصار من الممكن القول إن الاستفتاء لم يكن ضروريا، فالرفض و القبول فيه قد أوصلا إلى نفس النتيجة هي إعلان دستوري، يلغي صلاحيات الرئيس المخيفة، و يطمئن الجميع معنويا من ناحية دستور 1971، و هذا التحول جاء استجابة للرفض القوي و المخاوف من دستور 1971، و هو رفض له منطق و لكن يشوبه الكثير من الخوف غير المنطقي بل المرضي أحيانا كما قلت في مقال من قبل

و رغم أن التركيز الإعلامي كان على الحملات المنسوبة إلى التيارات الإسلامية لدفع المصوتين للموافقة على التعديلات، فإن الغريب أن القنوات الإعلامية و الصحف كانت محشودة في حملات تعبوية لرفض التعديلات، ظهرت فيها كل الرموز للجماعات الحزبية و الجماعات النشطة المختلفة، و بكثافة مريبة

و قد كانت الصورة مثيرة للقلق فلماذا كان كل هذا التخويف من الموافقة رغم أنه كان ظاهرا قبل التصويت أن النية متجهة إلى الإعلان الدستوري لا إلى إعادة تفعيل دستور 1971، و التعجب كان أشد من قوى الأحزاب القديمة التي لم تكن إيجابية من قبل و لا بناءة، خاصة و أن التعديلات كانت تحقق لهما أمالها المرجوة منذ سنين، في حين أن القوى الأخرى الجديدة و خاصة الشبابية كانت موافقة، و أنا هنا أعتمد على نتائج الاستفتاء ذاته لأقول هذا، فإنه عندما تكون مظاهرات الثورة بلغت 15 مليونا أو نحوها، فلاشك أن هؤلاء الثوار سيكونون أول المصوتين و النسبة الأغلب من المشاركين في الاستفتاء، فلما تأتي النتائج أن 4 ملايين فقط رفضوا فهذا يعني أن أكثرية شباب الثورة وافقت

و الآن عادت أحزاب الوفد و التجمع و الأحزاب الأخرى تلك، و بعض من ضيوف التليفزيون يمارسون الكلام غير البناء و الهدام أحيانا برفض الإعلان الدستوري، أو على الأقل إبداء الأسى على كيفية إدارة الأوضاع ، و رغم أن الاستفتاء أثبت أن أولئك المتكلمين و الأحزاب المتكلسة و قوى أخرى ليس لها الحضور و لا التأثير فإنهم لا يتعلمون الدرس أبدا، ( و أشير مثلا إلى التوقعات أن حزب الوفد قد يرشح أحمد شفيق رئيسا للجمهورية، و إلى كلام رفعت السعيد و بعض الوفديين عن اعتراضهم لأن أحدا لم يستشرهم في محتوى الإعلان الدستوري) هكذا ، فالرفض و الاعتراض هنا بالفعل رفاهية و يبلغ حد الإدمان، فهم معارضون بالمهنة لا بالمبدأ و الرؤية الاستراتيجية، و هم لا بقدمون البديل الواضح

إن دافع كلامي الآن هو التأكيد - لنفسي على الأقل - أنني إنما أريد أن أجد النظام في مصر و قد تكون، من برلمان و رئيس و حكومة و دولاب عمل متكامل، ليقود البلاد نحو المستقبل، و أسعى مؤيدا لكل ما من شأنه تقريب ذلك، فإنه لا يصح أن نبقى حيث نحن

و لقد قال وزير الدفاع الأمريكي في مصر الأسبوع المنقضي إنه لا ينبغي التعجيل بإجراء الانتخابات البرلمانية و لنفس المبرر الشائع بين الأحزاب هنا و الذي هو إعطاء الفرصة للأحزاب الجديدة و القوى الناشئة، و لكن إن كان هذا القول مقبولا من الأحزاب المصرية و بعض الجماعات الأخرى لأنهم لا يستطيعون استيعاب الظروف دون تأثيرات المخاوف النفسية المترسبة فيهم و لتعقيدات عدة في أحوالهم و توجهاتهم، و لأنهم بشكل غريب يظنون أن أحزابا جديدة ستستطيع أن تكون مستعدة للمشاركة في الانتخابات و البرلمان في أول شهور وجودها ثم هم لا يصفون كيف لقوى مثل هذه أن تكون فعالة بدون الخبرة و بالتحديد في مرحلة انتقالية شديدة الحساسية - أو ربما هم يظنون أن الانتخابات من أجل المستقبل مجرد مباراة رياضية تحتاج الفرق فيها وقتا للاستعداد

إلا أن مثل هذا القول من وزير الدفاع الأمريكي مثير للاهتمام، و لا أستطيع التعامل معه بنفس المنطق، و لكني أجدني أعود لأفكر في أن تأخير الانتخابات يعطي للقوى الخارجية الفرصة للتدخل و التأثير، و لنؤجل قليلا الكلام عن القوى الداخلية المقلقة، فها قد ظهر الحزب الوطني علانية من خلال الفيسبوك، و تعالت الأصوات التي لا ترى أن هناك خطوطا حمراء في معرض الكلام عن الهوية المصرية و توجهات المستقبل و تزايدت مشكلة تهور بعض الجماعات السلفية، و حقيقة صار عدم اكتمال الوجود الشرطي مؤثرا - و بذكر القوى الخارجية فالمقصود هنا بالتأكيد هو الولايات المتحدة، و التي لا يخفى قلقها من التوجهات الجديدة للخارجية المصرية، التي تبدو عليها الاستقلالية نسبيا، فقد كان مرور السفينتين الحربيتين الإيرانيتين في قناة السويس لافتا، و كان تحذير وزير الخارجية إسرائيل من العدوان على غزة مختلف النبرة، خاصة و أن مصر يسرت الحركة عبر معبر رفح و سمحت لقادة حماس بالحركة، إضافة للتصريحات الودية نحو إيران و عدم اعتبارها بلدا عدوا، و تصريحات أخرى لوزير الخارجية فيها مسئولية أكثر نحو الأوضاع في المنطقة كانت مفتقدة في العهد السابق، و يضاف إلى هذا كذلك زيارة رئيس المخابرات الجديد إلى سوريا، و لا يمكن إلا أن نشير و بتقدير كبير إلى زيارة رئيس الوزراء إلى السودان، و يأتي قانون الأحزاب الجديد ليفتح الأبواب أمام مشاركة كل مخلص و قادر من أبناء مصر
هذه الأحداث القليلة لها دلالة مهمة على أن إمكان تحقق استقلالية القرار المصري غير بعيد، و مع الصحوة و الوعى القائم بين جميع طبقات الشعب و شرائحه فإن الفرصة كبيرة في أن يتم انتخاب برلمان قادر على أن يمثل مصر التي غابت عن دورها في العهد السابق، و يجعلنا هذا نريد أن يكون لدينا البرلمان و لدينا الرئيس المنتخبين منا، ليعملوا تحت رقابتنا من أجل المستقبل، فإن كل تأخير يبعد المستقبل عنا و يخلق العقبات في الطريق إليه

من سيدخل الجنة

 جاء في التليفزيون المصري، في رمضان الحالي، أن المفتي السابق علي جمعة، يحدث الأطفال، فسألته طفلة، لماذا المسلمون فقط سيدخلون الجنة، وهناك أد...