الأحد، يناير 27، 2008

أمرت أن أقاتل الناس و أفكار أخرى

فكرتان أود أن أشرك فيهما من يرغب ، أما الأولى فتأتي بعد قراءة تقرير مثير للجنة كان أنشأها الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر ، لوضع سياسة للتعامل مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر ، و كان مما جاء فيه أن تدريس التاريخ في المدارس يربط الإسلام بالسياسة في لاوعي النشأ الصغير ، مما يجعل اللجنة ترى في من يميل إلى الدين من المواطنين رافدا طبيعيا للجماعة ، و يضاف إلى هذا أن اختلاط أعضاء الجماعة بعامة الناس يفشل المحاولات الحكومية المستمرة لسنين لتشويهها و إقناع الناس بأنهم إنما يتسترون وراء الدين لأغراض سياسية ، ذلك بأن الإخوان تميزوا بطاقات عالية و قدرات متميزة على المستوى العملى مما جعلهم ناجحين بارزين عموما و محل الإعجاب ، و على المستوى التنظيمي فإن نفور الجماعة من الأيدولوجيات الأخرى جعل من الصعب تصويرهم على أنهم عملاء لقوى أجنبية ، و مما يزيد الأمور تعقيدا هو صعوبة التمييز بين المتدين الطبيعي و عضو الجماعة.

و بناء على هذا أوصى التقرير بالعمل من خلال مناهج التعليم على محو فكرة ارتباط الإسلام بالسياسة ، و على إبراز مفاسد الخلافة ، خاصة العثمانية منها ، و كذا باعتبار كل المتدينين سواء ، و معاملتهم نفس المعاملة "المعادية" و اعتبار التضحية ببعض الأبرياء مقبولة لتوقي خطر أكبر ، و كذا منع قبول ذوى الإخوان وأقربائهم حتى الدرجة الثالثة فى السلك العسكرى أو البوليس أو السياسة ، و التضييق على الموجودين منهم بالفعل في هذا في هذه المناصب ، و تضييق فرص الظهور والعمل أمام المتدينين فى المجالات العلمية والعملية ، و عزلهم عن أى تنظيم أو اتحاد شعبى أو حكومى أو اجتماعى أو طلابى أو عمالى أو إعلامى ، ثم التوقف عن سياسة استعمال المتدينين فى حرب الشيوعيين أو العكس ، حيث ثبت تفوق المتدينين فى هذا المجال ، و لكن إعطاء الفرص الأكبر للشيوعيين لحربهم وحرب أفكارهم ، مع حرمان المتدينين من الأماكن الإعلامية ، و تشويه تاريخ الجماعة.

و على الجانب الآخر يوصي التقرير بإدخالهم فى سلسلة متصلة من المتاعب بالاستيلاء أو وضع الحراسة على أموالهم وممتلكاتهم ، و اعتقالهم مع المعاملة المهينة ، للوصول إلى اهتزاز الأفكار فى عقولهم و "انتشار الاضطرابات العصبية والنفسية والعاهات والأمراض بينهم" ، و إعجازهم عن الوفاء بمتطلباتهم الأسرية مما يؤدي بمن يعولون ، إلى التمرد عليهم و رفضهم و رفض أفكارهم ، و تضطر العائلات " .. لغياب العائل ولحاجتها المادية إلى توقيف الأبناء عن الدراسة و توجيههم للحرف و المهن ، و بذلك يخلو جيل الموجهين المتعلم القادم ممن فى نفوسهم أى حقد أو أثر من آثار أفكار آبائهم".

و أيضا إعدام كل من ينظر إليه بينهم كداعية ، و من تظهر عليه الصلابة سواء داخل السجون أو المعتقلات أو بالمحاكمات ، و استخدام الإفراجات بشكل دعائي ليكون ذلك سلاحاً يمكن استعماله ضدهم من جديد فى حالة الرغبة فى إعادة اعتقالهم ، حتى يخرج المعفو عنه إلى الحياة فإن كان طالباً فقد تأخر عن أقرانه ، و يمكن أن يفصل من دراسته ويحرم من متابعة تعليمه ، و إن كان غير ذلك فقد تقدم زملاؤه و ترقوا و هو قابع مكانه ، و إن كان تاجراً فقد أفلست تجارته ، و إن كان مزارعاً فلن يجد أرضاً يزرعها حيث وقعت تحت الحراسة أو استولي عليها ، و يصبح الجميع في حالات من الضعف الجسمانى و الصحى ، و السعى المستمر خلف العلاج و الإحساس بالعجز المانع من أية مقاومة ، مع الشعور العميق بالنكبات التى جرتها عليهم دعوة الإخوان ، مع خروجهم بعائلاتهم إلى مستوى اجتماعى أدنى نتيجة لعوامل الإفقار التى أحاطت بهم.

و يبدو أن هذا التقرير كان معلوما من زمن ، و يقال إن الشيخ محمد الغزالي قد تحدث عنه في أحد كتبه ، و لكنه يبقى صعب الهضم ، فإلى هذا الحد بلغت الأفكار الشيطانية ، لا سياسة في هذا ، بل هي محاربة للأفراد في أرزاقهم و في أنفسهم و في ذويهم ، و يصعب التعليق ، إلا بملاحظة أن هذا بالضبط هو ما يجري حاليا في مصر ، من الاعتقالات المتلاحقة ، و المصادرات ، و المحاكمات "العسكرية" و محاربة أعضاء الجماعة في أعمالهم ، و كثير منهم من رجال الأعمال الناجحين ، كما أن مقاومة وجودهم في الجامعات أشهر من يتحدث عنه أحد ، و نحن نقرأ في الصحف عن قرارات الإفراج المرتقبة من حين لآخر ، و رغم أن أكثر المسجونين حاليا ليسوا من أعضاء جماعة الإخوان ، بل جماعات أخرى ، إلا أن التركيز الحكومي موجه للإخوان ، و السبب هو قدراتهم التنظيمية ، و السياسية ، و الوجود القوي بين الناس ، و من الصعب تصديق أن المشكلة تتركز في أن أفكار الجماعة تدعو للعنف أو الطائفية ، فإن تجربة المرشح الرئاسي السابق أيمن نور تقول بوضوح إن المسئلة هي حرب بقاء في السلطة ، لا أكثر و لا أقل ، الأمر الذي يجعل الحكومة المصرية في موضع الطرف المستغل للدين للبقاء في السلطة ، بحجة الدفاع عنه ضد التشدد و الغلو.

و يتذكر المرء بتأمل الرئيس الراحل السادات ، الذي كان واحدا من قادة ثورة يوليو ، و رجال عبد الناصر في حياته ، فلم يعارض سياساته ، لكنه هو الذي أعاد جماعة الإخوان إلى النشاط السياسي ، و عكس ما صنع عبد الناصر ، و هو الذي أتاح وجود الأحزاب الأخرى .. و لا أنسى مشهده على شاشة التليفزيون في أيام حياته الأخيرة إذ وقف ليوكد عل الألفاظ " .. مصر دولة مسلمة .. " ، و رغم هذا فهو القائل إنه لا سياسة في الدين و لا دين في السياسة ، و مع أنه الذي أعاد التعدد الحزبي فلقد تحدث عن الديقراطية ذات الأنياب ... فهل كان هذا تناقضا أم أن الرجل كان يرى نقطة التوازن بين الدين و العلمانية ، و بين القوى السياسية ، و كان يعمل من أجلها؟ أظن أنه كان يراها

و مما يستدعيه هذا الكلام كذلك هو النتيجة التي توصلت إليها الباحثة الألمانية كارين أرمسترونج ، في كتابها "الإسلام: تاريخ مختصر" ، و مفادها أن النظم العلمانية الحاكمة في البلاد الإسلامية اختلفت عن العلمانية الغربية ، في أن الثانية كانت تفصل الدين عن شئون الحكم و تتركه لحاله ، بينما كانت الحكومات العلمانية الإسلامية "معادية" للدين و المتدينين ، و هو فرق شاسع ، و يجعلنا هذا نرجع بالنظر إلى القرن الماضي أو نحوه لنري طبيعة تلك النظم الحاكمة في المنطقة خلال تلك الفترة ، بل إن قليلا من المبالغة يصل بنا إلى القول بأن الاستبداد و الدكتاتورية في العالم العربي خاصة قد ارتبط بالنظم العلمانية ...

و نسطيع أن نرى هذا فيما حولنا ، فلن نرى إلا حكومات تضطهد الإسلاميين (بمعنى التنظيمات الدينية السياسية) أو أنها حكومات قد استولت على الدين ، و ميعته و وظفته كما يحلو لها ، إلا ما رحم ربي ، فحتى الحكومة الوحيدة المنتخبة حقا ، فهي محاصرة و محل مؤامرة دولية ، فمن هم سبب العنف ؟ أهم الإسلاميون أم العلمانيون؟

أما الفكرة الثانية ، فهي عن الحديث النبوي المشهور " أمرت أن أقاتل الناس ، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، و أن محمدا رسول الله ، و يقيموا الصلاة ، و يؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم و أموالهم إلا بحق الإسلام ، و حسابهم على الله تعالى " ... و هو في كتابي البخاري و مسلم ، و يحير الكثيرين بسبب أنهم يرونه أمرا بقتال غير المسلمين لإجبارهم على الإسلام و هذا فهم يدل على جهل بأبسط حقائق تاريخ هذا الدين

يقول تعالى في القرآن الكريم " وَ كُلُوا و َاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ " ... و يوجد في الآية فعل أمر كذلك ، لكن أحدا لم تحيره هذه الآية فقال مثلا إننا يجب أن نستمر في الأكل و الشرب بلا توقف من دخول الليل حتى طلوع الفجر في رمضان ... و لن يقبل أحد أن تكون هذا هو مقتضى الأمر في الآية ، لأنه يعلم أن الصوم ليس كذلك و أن في الدين توجيهات أخرى تجعل مثل هذه الفكرة مرفوضة .. ، فإذا ورد هذا الحديث فإذا بالبعض يقرأه بلا تفكير على أنه أمر بالقتال لإجبار الناس على الإسلام ، بينما هم يعلمون أنه لا إكراه في الدين ، و المسيحيون و اليهود الذي عاشوا في ظل دولة الإسلام قرونا يشهدون على هذا

فما معنى الحديث؟ معناه بكل وضوح هو: لا يجوز قتال المسلمين بعضهم بعضا

فالأية تعلمنا أننا "يجوز" أن نأكل و نشرب إلى أن يبدأ وقت الفجر ، و نحن نأكل فقط إن شعرنا بالجوع .. المعنى هو كلوا و اشربوا خلال الليل ، لا مانع من هذا ، هو مباح إذا شعرتم بالجوع ، و كذلك الأمر في الحديث فهو يعني أن الحرب مباحة إن كان لابد منها و لا سبيل لتوقيها بل إننا مأمرون بالقتال إذا كان لابد منه ، و الفرار وقت الحرب خطيئة عظيمة ، إلا الحرب ضد المسلمين فإنها لا تجوز ، فطالما أعلن شخص أنه مسلم فإن قتاله كبيرة من الكبائر ، و حسابه على الله تعالى تعني لا تمييز بين مسلم جيد أو غير جيد ... الحديث يخبرنا أن الحرب مباحة إن كان لا مفر منها ، و للإباحة بالطبع و للقتال قواعد و ضوابط يبينها القرآن ، و يقول فوق هذا إن قتال المسلمين بعضهم بعضا لا يجوز في أي حال ، و تلك هي المسئلة

ليست في الحديث دعوة و لا أمر بقتال غير المسلمين لكونهم غير مسلمين ، و لكن فيه الإعلام بأن الحرب قد تقع و لا يجوز الفرار منها ، غير أن "الأمة الواحدة" من المسلمين لا يجوز أن تتقاتل

فلما نرى أنه لا قتل و لا تدمير في أنحاء الأرض إلا في بلاد المسلمين تقريبا ، نعلم أننا بعيدون عن فهم هذا الدين كثيرا ، و لما نرى الفهم الخاطئ و السيئ النية ، نعلم إن بعضا منا يكرهه و يعاديه

الثلاثاء، يناير 15، 2008

أمة الحمقى

يبلغ القرف مداه من هؤلاء الحكام العرب ، فأكثر الرؤساء الأمريكيين إجراما يسوح في بلاد العرب كالأمبراطور يتفقد مواشيه ، و الثاني الظاهر في الصورة حديثا بكبره و عجرفته على ما هو عربي أو مسلم (الرئيس الفرنسي) و في نفس الوقت الذي يتجول فيه بوش بهذه البلاد - ينزل ضيفا مكرما مع عشيقته ، و على حساب الشعوب العربية ، و ليس في دولة واحدة و لكن أينما حل ، ماذا يحدث؟

و الأنكى أن بوش يعود لبلاده الخائفة من كساد اقتصادي قادم - يعود بعشرين مليار دولار مبيعات أسلحة للسعودية ، فلماذا؟ ماذا ستفعل السعودية بها ، و ماذا فعلت بسبعين مليار سابقة اشترت بها من بريطانيا ، هل سيحاربون إيران ؟ ... إنهم سيفرون مع أول صاروخ إيراني ، و يستنجدون بالشجيع الأمريكي ، فعلام كل هذا السلاح ، و كان من السهل أن يحققوا مصالح جمة استغلالا لحاجة بوش إلى هذا المال ، بل و حاجته إلى صوره في بلاد العرب ، ليظهر بها أمام شعبه ....
و لا تتوقف المهازل ، ففرنسا ستقيم قاعدة عسكرية في الإمارات ..... يعجز العقل عن تصور أي فائدة للإمارات من هذا ، في حين تتنسم فرنسا عبير ماضيها الإمبراطوري ... من هم هؤلاء الناس الذي يحكمون في شعوب العرب؟
الجنون فقط هو نتيجة أي محاولة لفهم أعمالهم
و لن أنسى مصر ، بل إنها حاكمها هو الملوم على ما يجري ، و هو يطن أنه حافظ على مصر آمنة على مدى خمسة و عشرين سنة ، أي غباء هذا ، أين الأمن؟ و الجيوش من حولنا و نحن حتى لا نملك أن نقرر ما نريد إلا أن يريد حاكم أمريكا ، بل نحن حتى لا نزرع طعامنا إلا أن ترى أمريكا ذلك
لا أعلم ماذا أريد من هذا الكلام ، و لكن الإحساس بالعجز شديد على النفس ... فهل من نصيحة

من سيدخل الجنة

 جاء في التليفزيون المصري، في رمضان الحالي، أن المفتي السابق علي جمعة، يحدث الأطفال، فسألته طفلة، لماذا المسلمون فقط سيدخلون الجنة، وهناك أد...