الخميس، يوليو 06، 2023

تغيير خلق الله

قد طالما مر بالخاطر أنه كيف سيغير الناس خلق الله، وتفكر من تفكر في أنه يعني عمليات التجميل، التي تمارسها النساء، والرجال أحيانا، وربما قال البعض إنه يعني عمليات زرع الأعضاء، وما شابه من عمليات، والآن في هذا الزمن العجيب، وفجأة حاصرت البشرية حملات مكثفة، بكل الأشكال والأساليب، للترويج ونشر الانحراف الجنسي، وحماية الفسقة من أصحابه، وعقاب من يقاومون، ويدافعون عن عقائدهم، وعن أسرهم وأبنائهم.

جنون، تملك العقول، أين كان كل هذا وكيف انفجر بهذا الشكل، ولماذا هذا الإلحاح المستميت على تغيير طبيعة البشر التي خلقوا بها، وعاشوا معها منذ الأزل؟ بل إنهم عاشوا يقرأون ويحكون حكاية قوم لوط، وكيف أبادهم الله.

على مدى التاريخ كانت الفلسفات والأفكار، بل والصرعات تظهر، ثم تنتشر وينمو الاهتمام بها بشكل طبيعي، متدرج، فتستمر في التواجد أو تختفي بعد حين، مثلما كان مع الوجودية، والشيوعية، ونظرية نهاية التاريخ ... أما هذه المرة، وبالذات مع هذا الأمر، فالعملية منظمة، محكمة إجبارية كابسة، تحاصر البشر من كل جهة، ما الذي يجري؟ 

الحكومات الغربية تتسابق على إثبات دعمها وتشجيعها للمنحرفين جنسيا، المنظمات الدولية بالمثل، والمدارس والسينما، ووسائل الإعلام التقليدية، والإنترنتية، منفتحة بلا حدود، أمام هذا الانحراف، ومنغلقة بكل حزم أمام من يعارضه.

وفي لب هذا كله، تزايدت الأخبار عن عمليات تغيير الجنس، بنزع وزرع الأعضاء المميزة للذكورة الأنوثة، بل وعن القوانين في دول شتى تمنع الأبوين من التدخل، بل تمنعهم من نصح أبنائهم وتوجيههم.

ونسأل بكتاب الله تعالى، فنجد جوابا في سورة النساء، في الحديث عن الشيطان الذي "لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (118)"

إنه قد لعنه الله وطرده من رحمته، فأقسم أن سيتخذ من البشر نصيبا (مفروضا)، أي يكونون تحت سيطرته التامة، لا أنهم يوسوس لهم من حين لحين، فهذا النصيب سيكون أتباعا للشيطان خاضعين له، فما الذي سيصنعه منهم؟ تقول الآيات بوضوح: "وَلأضِلَّنَّهُمْ وَلأمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذْ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً (119)"

مازال الشيطان يقسم أنه سيفعل ويفعل، فهو سيضلل البشر، بالوساوس، والأماني، استغلالا لأهوائهم، ثم تبدأ مرحلة "الأمر"، فسوف يأمر، ومعنى أنه يأمر، بعد أن كان فقط يغوي الناس ليضللهم، ويمنيهم، معناه أنه تمكن من اتخاذ أتباعه المخلصين له، أي اتخاذ نصيبه من البشر، يعبدونه هو، فهو يأمرهم، لا فقط يوسوس لهم، إنه يأمر، واللفظ في الآية أتى مرتين وبثبوت النون، للتأكيد.

"لآمرنهم"، ياله من لفظ مخيف، فالشيطان لا سلطان له إلا على من اتبعه، فلما يقول لنا ربنا سبحانه وتعالى إن الشيطان سيصل إلى أن "يأمر" بعض البشر، فهي إشارة إلى مدى السقوط الذي سيصل إليه بعض البشر.

وبماذا سيأمر الشيطان نصيبه من الناس؟ سيأمرهم بتقطيع آذان الأنعام، ليجعلوها لغير ما خلقها الله تعالى، لقد خلقها الله مسخرة للبشر، فسيأمر الشيطان نصيبه من البشر، بألا يضعوا نعمة الله موضعها، ونحن نقرأ في الأخبار أن هولندا مثلا تدفع المزارعين للتخلص من الأبقار، لأنها تؤذي البيئة، واستبدالها بآلات تصنيع اللحم، والله سخر لنا الأنعام، لنأكلها ونركبها، ونتمتع بها: 

ففي سورة النحل: " وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5)"، وفي سورة الأنعام: "وَمِنْ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (142)"، وفي سورة غافر: "اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (79)"

ولما يمنع الناس استخدام الأنعام فيما خلقها الله له، فهو تغيير لخلق الله.

ثم يأتي المستوى الأشد، فيأمر الشيطان أتباعه في نصيبه من البشر، صراحة، بتغيير خلق الله من البشر، فقد كانت الأنعام خطوة من خطوات الشيطان، وهذا هو لب هجمة الشذوذ الجنسي القائمة، ليست فقط أن البعض يميل بهواه ضد الفطرة، بل إنهم ذهبوا إلى حد تقطيع أجزاء الجسم، وتركيب غيرها، وتغيير ما هو موجود منها، ليكون المولود ذكرا أنثى، وتكون المولودة أنثى ذكرا..

وهنا نفهم هذا الاندفاع المحموم من جانب حكومات الغرب وبعض حكومات الشرق، كأنما هم مجبرون على اتخاذ هذه الطرق، وعلى سن القوانين والنظم، وإجبار النساء والرجال على التحلل من كل قيمة نبيلة، ومعارضة الفطرة التي فطروا عليها، فمن الذي يجبرهم؟

إن هؤلاء هم أتباع الشيطان، هم من دخلوا في نصيبه الذي اتخذه لنفسه من البشر، وسمح به الله تعالى، مع إعلامه جل وعلا لكل البشر أنه ليس للشيطان سلطان إلا على من اختار اتباعه، كما في سورة النحل "إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (100)"

فهؤلاء الذين يتولونه هم نصيبه الذي اتخذه من الناس، وليس الشيطان سفيها ليتخذ من عموم البشر اتباعا، بل إنه سيتخير من يمكنه أن يأمرهم، ويستطيعون أن ينفذوا أوامره، سيتخيرهم من أصحاب السلطة والقدرة والنفوذ، وهم يرضون به، بينما هو ما يعدهم إلا غرورا، وهم مأواهم النار لن يجدوا عنها محيصا، في سور النساء: "يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً (120) أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصاً (121)".

ألا فلنعلم أن الشيطان يحكم، بالفعل، ليس فقط بالمجاز، واللهم لا تجعلنا ممن اتخذهم الشيطان أتباعا له.

من سيدخل الجنة

 جاء في التليفزيون المصري، في رمضان الحالي، أن المفتي السابق علي جمعة، يحدث الأطفال، فسألته طفلة، لماذا المسلمون فقط سيدخلون الجنة، وهناك أد...