الثلاثاء، سبتمبر 19، 2006

الخطوة التالية !!

ينبغي علينا أن نفكر في الخطوة التالية ، بدلا من مجرد انتظار أن يتعطف بابا الفاتيكان باعتذار ، فمن الواضح تماما أن كلامه كان مقصودا ، و هو ما يقول به الكثيرون من المسلمين مثل الشيخ القرضاوي ، و يقول به أيضا غير المسلمين من الكتاب في أوروبا و أمريكا.. و حتى من يدافعون عن بابا الفاتيكان فهم يدافعون بأن ما عبر عنه من أسف لرد فعل المسلمين يكفي ، أي أنهم لا يتناولون مضمون الكلام، و هنا نقطتان:

الأولى أن هناك استهانة واضحة بالمسلمين الحاليين ، إذ على المسلمين أن يرضوا بأن البابا يؤسفه أنهم غضبوا من كلامه و ألا يحاولوا الوصول إلى ما هو أكثر

الثانية هي أن هذه الاستهانة يؤكدها سلوك المسلمين أنفسهم ، فما الحكمة في أن تكون كل ردود الأفعال ، و الدعوات إلى المظاهرات ، و التحركات الدبلوماسية - أن يكون كل هذا لمجرد أن يقول لنا بابا الفاتيكان "أنا آسف على ما قلت و سوف أحذفه من المحاضرة" ... ما الذي سيتغير؟ إنه من الواضح كما سبق أن البابا لن يغير عن قناعته ، و الأدلة على هذا هي مواقفه السابقة من الإسلام التي تم تداولها هذه الآيام ، و كذلك تعليقات وردت في مقالات كتبها أوربيون كان من آخرها ما قيل اليوم في روما و أسبانيا من أن البابا قد نسف جهود البابا السابق بكلمته هذه ، و مع هذا فلم يكن هذا النسف عن طريق السهو بل كان تعبيرا عن سياسته التي لخصوها بالقول "دبلوماسية أقل و إنجيل أكثر" .. و المعنى واضح ، فالبابا الحالي سيكون أكثر صراحة و لن يجامل أو يتجمل ، و ما وراء ذلك من معاني واضح أيضا ، فالحروب الأمريكية "على الإرهاب" كما يدعون ، و تعاون المسلمين أنفسهم معها قد محى أي مهابة للمسلمين من قلوب غير المسلمين ، فلا داعي إذن للتجمل في الكلام عن المسلمين و إليهم ، و ثانيا فإن الدبلوماسية التي اتبعها البابا السابق لم تكن إلا دبلوماسية ، أي لم تكن إلا غطاء خارجيا لقناعات لا داعي لظهورها..

الآن صار ظهور هذه القناعات ممكنا ، لأن المسلمين لا يملكون الرد عليها إلا بالغضب و طلب الاعتذار ..

فما الذي يجب عمله؟ .. و أؤكد على كلمة "عمله" فإن الكلام لا يؤدي إلى شيئ ، و الغضب الذي يتكرر من وقت لآخر ثم يسكت يفقد قيمته.
إن هناك اجتماعات تجري بين الديانات في الفاتيكان .. هناك ما يسمى حوار الأديان ، و لا أظن أن مثل هذا الحوار مفيد أو له معنى بعدما نسفه بابا الفاتيكان ، فليعلن المسلمون امتناعهم من مثل هذه الحوارات ، و يدعموا هذا بالدراسات و الأبحاث التي تشرح و توضح الإسلام ، و تشرح و توضح المسيحية ، و يتم نشر هذا على كل المستويات ، و المقصود هو أخذ زمام المبادرة ، بالبدء في التعبير عن الذات على أساس القناعات التي يقوم عليها الإيمان بالإسلام ، فإذا كان لابد من حوار مع الكاثوليك على وجه التحديد ، فليكن هذا الحوار بمبادرة من المسلمين لا من الفاتيكان ، يجب أن نكون أقل دبلوماسية مما نحن عليه في هذا الحوار ... لقد كان مما قيل إن بابا الفاتيكان أراد وضع شروط لمثل هذا الحوار بالكلام الذي قاله ، أي أراد وضع المسلمين في موقف الدفاع قبل أن يتحدث إليهم ، و هو يمثل دينه في مثل هذه الحالة و لا عجب في أن يحاول فعل هذا ، و لكن علينا نحن المسلمين أن نكون أكثر فطنة ، فنعمل من أجل تحويل الأمور لصالحنا ، و إن تاريخ الكاثوليكية الدموي يساعد على هذا ، فنشر البحوث عن ذلك التاريخ و ربطه بالواقع القائم هو التصرف الأفضل ، لوضع الفاتيكان في موقع الدفاع ، و ٌٌإثبات إن العقل مازال موجودا و عاملا لدى المسلمين.

إن الغضب و طلب الاعتذار لا يفيد ، و لا يجب أن يكون إلا رد الفعل على المدي القصير ، أما الرد طويل المدى فهو ، على ما أظن يبدأ ، بما قلته

و لنذكر هنا خلاصة بحث نشره الباحث الفرنسي شارل جينيبير، في كتاب "المسيحية نشأتها و تطورها " الذي ترجمه الدكتور عبد الحليم محمود منذ نحو خمسة و عشرين سنة ، و لقد كانت خلاصة الباحث هي أن أوروبا لم تكن في يوم من الأيات تتبع التعاليم التي أتي بها السيد المسيح ... و تلك بداية مناسبة للتحدث عن تاريخ مسيحية أوروبا و نشرها بصورة أكبر على الملأ .. فإن الكاثوليكية على وجه التحديد غير مؤهلة لانتقاد الإسلام ، و لكن المسلمين يسمحون لها بذلك بل و يضعونها في المكانة الأعلى بالانتفاض و الصراخ طلبا للاعتذار من زعيم الكاثوليك ... و كأننا نطلب من بابا الفاتيكان صك صلاحية و غفران

إن المفكر الفرنسي الجليل رجاء جارودي قد انتقد ثقافة الغرب جامعة كأعمق ما يكون الانتقاد في كتابه "أمريكا طليعة الانحطاط" ، و كان مما قاله ، و هذا قبل عقدين أو أكثر من الزمان - إن كنائس أمريكا اللاتينية الكاثوليكية و بعض أفريقيا أخذت تنأى بنفسها و تتباعد عن قيادة الفاتيكان ، بينما نحن المسلمين نسعى لرضا الفاتيكان ...

لا يجب أن نهتم كثيرا باعتذار لن يأتي ، و لكن الذي يجب أن نهتم به هو أن نكون في موقف لا يجعل أحدا يتجرأ على التعدي علينا، و هذا يكون بأخذ المبادرة ، بنشر الأفكار و توضيح القناعات ، حتى نفسد على كل مضلل و انتهازي محاولاته للتطاول على الإسلام ، إذ كيف سينخدع أحد بكلام بعض المغرضين إذا كانت المعارف الصحيحة واضحة و متاحة و يجري الكلام فيها طوال الوقت ، و كمثال فلقد استمع لكلام بابا الفاتيكان ربما عدة مئات من الملايين ، و لكن هؤلاء لم يسمعوا إلا عن المسلمين الغاضبين و عن اغتيال راهبة في الصومال و الهجوم على كنائس في غزة .. أي أنهم سمعوا و رأوا ما يؤكد كلام البابا ..

إن هذه حرب أفكار و تواجه بنشر الأفكار عن الإسلام و عن غيره حتي لا يستطيع مضلل أن يدعي ما يريد.

نحن بلا ذاكرة ، و أفعالنا دائما ردود أفعال لا مبادرات ، و هذه خطيئة في حق الدين الذي نؤمن به ، غير أني لا يغيب عني واقعنا السياسي المؤلم ، و لكن لا أظن أنه يصعب القيام بالمبادرات رغم هذا ، و الإسلام مازال ينتشر في أوروبا و أمريكا ، و لكن يحتاج إلى الدعم الإعلامي و هو سلاح ناجع في عصرنا الحالي ، و يكفي الانتباه إلى تلك الصحف و الإذاعات و القنوات الفضائية التي تحاصرنا في بلادنا طوال الفوت محاولة تغييرنا لنكون كما ترضى أمريكا و أوروبا - يكفي أن نذكر هذا لنعلم كيف نبدأ.

إنها حرب و في الحروب لا يجب أن نغضب لأن الخصم يحاول أن يهزمنا ، و لا أظن أنه يجوز طلب الاعتذار من الخصم في الحرب ..

الجمعة، سبتمبر 01، 2006

انقسام مصر - نجيب محفوظ دليلا

إذا كانت الجنازة" الوهمية" التي أقيمت لنجيب محفوظ قد أقيمت بعد الجنازة "الحكومية" فقد يكون من الممكن تفسير الوضع بأنه الرغبة في أتاحة الفرصة لمن لم يستطع حضور الجنازة الحكومية .. و لكن بما أن الذي حدث هو العكس فذلك يعني أن سبب الجنازة الوهمية كان كراهية حضور عموم المصريين لجنازة فيها الناس " الممتازون" مثل الرئيس و شركاه

فعلى أي شيئ يدل هذا السلوك الحكومي إلا على المسافة الشاسعة بين الناس في مصر و بين الناس في الحكومة

إنني في الحقيقة أعجز عن تخيل كيفية انفصال الحاكم عن المحكومين بهذه الصورة ، و أعجز عن فهم كيفية تمكن هؤلاء من حكم كل هذا العدد الكبير من المصريين بهذه الطريقة دون مقاومة تذكر ... و ربما كان التفسير بسيطا و أنا الذي أبحث عن تفسير معقد لكي أبرر لنفسي عدم عمل شيئ ... ربما

الجمعة، أغسطس 25، 2006

فطرة الله التي فطر الناس عليها

عندما تقول النساء "لا" للرجال الذين يحاولون التقرب منهن ، فإننا نأخذ هذا على أنه تمنع و دلال ، الغرض منه إثارة الرجل أكثر ، و لكن هناك تفسيرا آخرا ، و ذلك أن هذه هي فطرة الله التي فطر المرأة عليها ، فهي بهذه الفطرة تتجنب الرجال من غير المحارم ، لأنها تعلم أنها لرجل واحد ، فإذا ما تعدى أحد من الرجال و حاول عن طريق غير ما هو متعارف عليه فإن فطرة المرأة تعمل لدفع هذا المتطفل ، غير أن الرغبة في الرجل تسبب الحيرة فيحدث النزاع ما بين الفطرة و بين الرغبة ، و هذا هو ما يقول فيه البعض إن النساء يتمنعن و هن الراغبات ، بينما الحال هو أنهن يرغبن و هن المتمنعات

الخميس، أغسطس 24، 2006

مسيحيو سوريا يصلون لنصرة حزب الله


اشعلت منى مزعبر (77 عاماً) شمعة للامين العام لجماعة حزب الله اللبنانية حسن نصر الله في كنيسة الصليب بوسط العاصمة السورية دمشق. وتقول منى «احبه لأني لم اشعر قط انه متعصب دينيا بل هو رجل وطني لا يسعى لأي مكسب شخصي. اشعل شمعة من اجله كل يوم كي يحفظه الله».

و دفع الهجوم الاسرائيلي على لبنان مسيحيي سوريا الى الوقوف خلف نصر الله المسلم الشيعي. و يقول اساقفة وكهنة ان المسيحيين في سوريا الذين يبلغ تعدادهم ثلاثة ملايين من 18 مليون نسمة يتوحدون بشدة مع نصر الله في معركته ضد اسرائيل التي احتلت مرتفعات الجولان السورية منذ عام 1967 و اخبر الكاهن الياس زحلاوي المصلين خلال قداس خاص اقيم في كنيسة سيدة دمشق الكاثوليكية «صلوا من اجل المقاومة.. صلوا من اجل حسن نصر الله. انه يدافع عن العدالة».

و في جميع انحاء دمشق يتابع المسيحيون مثلهم في ذلك مثل المسلمين قناة المنار التي يملكها حزب الله متقبلين تماما تصوير نصر الله للحرب على انها دفاع عن جميع العرب والمسلمين. وفي شارع المستقيم العتيق علق خلدون ازرع رايات حزب الله الصفراء في متجره الذي يبيع المشروبات الكحولية والبقالة. ويقول «نحن كلنا عرب في النهاية.. ونصر الله واحد منا. انه يحقق حلمنا».

وعبر اياد الياس وهو طبيب يعمل بمستشفى في حي الجرامنة المختلط عن امله في ان يطلق حزب الله المزيد من الصواريخ على الدولة اليهودية ، و قال ثابت سالم و هو معلق سياسي بارز ان نصر الله ايقظ مشاعر القومية التي كانت خاملة لسنوات. وقال «نصر الله يمجد الامة الاسلامية لكنه يعد ايضا رمزا لحركة التحرير الوطنية. لا عجب في ان المسيحيين ينجذبون اليه بهذا الشكل».

و وصف رجل اعمال مسيحي بارز نصر الله بأنه «ملك العرب غير المتوج» ، و قال «على النقيض من معظم الحكام العرب فان نصر الله ليس عميلا ، فهو قد ضحى بابنه» ، في اشارة الى هادي نصر الله ، الذي استشهد و عمره 18 عاما و هو يقاتل القوات الاسرائيلية المحتلة

عن موقع عرب تايمز

الثلاثاء، أغسطس 22، 2006

من أجل الشفافية

الشفافية في كل الأمور هي سر النجاح ، و الشفافية هي العلانية ، فإن "الإثم هو ما حاك في صدرك و خشيت أن يطلع عليه الناس" ، كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم

إنني ليس عندي ما أقوله عن حادث قطاري بنها و المنصورة ، فهل سأشتم و أصرخ ناقما على الحكومة .. إن هذه الحكومة تشعر بالأمان عندما نصرخ ، لأن الصراخ ينفث عن الغضب ، و هو ما يريده الحكوميون

أنا من بنها ، و أركب القطار إذا ما أردت الذهاب للقاهرة ، و لقد كان ممكنا أن أكون في هذا القطار

و لأن الحكومة آثمة بالتستر على الفاسدين و القتلة ، فإنها تخفي الحقائق ، و تمارس التضليل و الخداع بتضييع المسئولية ، و تمييعها بمرور الوقت

و بالشفافية يكون من حق كل مصري أن يعرف بدقة كيف تعمل هيئة السكك الحديدية ، من هم الذين يديرونها ، و ما هي خططهم لتحسين الأداء و الاستعداد للطوارئ ، و كم حجم الميزانية المخصصة للهيئة ، و كيف تم استخدامها ، و ذلك بالتفاصيل ، و بالأرقام المحددة ، فنعرف كم أنفق على المرتبات و المكافئات ، و كم أنفق على الصيانة و التجهيزات ، و كم أنفق على النثريات كلها ، و كيف يتم تقييم مستوى الأمان ،

و لمزيد من التحديد ينبغي أن يذهب واحد من أولئك الصحفيين الذين يجمعون التصريحات من الوزراء و التعليقات من الأفراد - أن يذهب أحد هؤلاء و يطلب نشر المعلومات التي تصف كيفية إدارة الهيئة منذ حادث حريق قطار الصعيد و حتى اليوم ، و هذه المعلومات يجب أن تكون بالأرقام و من الوثائق ، لنعرف منها ما هي التعديلات التي اتخذت بعد حادث قطار الصعيد ، و كيف تم تنفيذها ، و كم أنفق على هذا ، و كيف تم تقييم هذا التنفيذ ... ثم كيف خططت الهيئة للسنوات الماضية و كيف كان مستوى تنفيذ هذه الخطط ، و لابد أن يكون هذا من الوثائق لا من كلام مديري الهيئة
يجب نشر التحقيقات الكاملة في الصحف

إنه مال الناس و من حقي كمصري أن أعلم ما الذي يفعلونه في أموالي ، إن الحكومة تعمل عندي ، و يجب أن تثبت أنها بالكفاءة اللازمة

و إلا فإن الكوارث ستتكرر ، و سيموت المزيد من المصريين

الأحد، أغسطس 20، 2006

وعد الله بنصر الصابرين أتى

استمعت إلى تليفزيون المنار ، و للمرة الأولى على الإطلاق أستمع إلى أغنية وطنية حماسية ، فأجد أن لها معنى ، كم استمتعت بأغاني عبد الحليم الوطنية ، و لكن كان لابد أن أستخدم الخيال لأتصور أني أعيش في الماضي لكي أستطيع التمتع بالأغنية ، أما هذه فهي المرة الأولى التي لا حاجة فيها للخيال .. فهي المرة الأولى التي يحق فيها لأحد أن يفخر و يغني تعبيرا عما يجول في نفسه ، ربما لما يكن نصر لبنان ساحقا ، و لكنه في ظروف الحياة التي نعيشها قد كان كبيرا جدا ، و يكفي أنه يجعل للكلام معنى ، فكم تكلم كثيرون و ظنوا أن الكلام سيجعل لهم قيمة ، و لكن ها هي الأفعال تجعل للكلام قيمة و معنى ، إن هذا هو الفرق ... الفرق بين من يبحثون عن الكلام ليجعلوا لأنفسهم قيمة ، و بين من يبحث الكلام عنهم لتكون له قيمة ... إن هذه لنقلة كبيرة .. و لا أظنني سأنسى أبدا أول أعنية وطنية حقيقية في حياتي ، تلك الأغنية التي كانت تقول : وعد الله بنصر الصابرين أتى

و الله يؤيد نصره من يشاء ، و لعله سبحانه ينصرنا في مصر ، بفضله و منه

السبت، أغسطس 19، 2006

أخبار اليوم برئاسة مجرد قط

كانت أخبار اليوم ربما أفضل الصحف المصرية ، حتى وضعوا على رئاسة تحريرها قطا ادعوا أنه ممتاز ، فإذا هو لا يتورع ، و لا حتى يكتسب الذكاء المناسب ليتمكن من التعبير عما يريده الذين وضعوه على رأس هذه الصحيفة الكبيرة ، بحكمة و حنكة ، و على العكس فهو يأبى إلا الحماقة و الزعيق ليشد انتباه الجميع إلى غباء ما يكتبه و سذاجته فبل ذلك ... فهل ينسى له أحد ما كان كتبه عن المستشارة نهى الزيني التي فضحت تزوير الانتخابات في دمنهور ؟ ... الآن يكتب مرة أخرى بحماسة الأطفال و الأتباع ليهاجم الرئيس السوري ، ساخرا من أسمه أولا قائلا عنه الأسد الصغير ، و لا أفهم كيف كيف نسي السيد رئيس التحرير أن أسمه هو القط

وادعى القط أن اللبنانيين لم يكن لهم من ناقة و لا جمل في الحرب التي حققوا فيها نصرا ، عزيزا ، بل قد قال عن فرحة الناس بهذا النصر إنها .. "حمي البطولات الزائفة ، التي أصبحت فجأة تمثل محتوي و مضمون الخطاب الرسمي و الإعلامي في بعض الدول ، و ذلك في أعقاب صدور قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار في لبنان ، و التمهيد للانسحاب الإسرائيلي من المناطق التي احتلتها" ... و في هذا هو لا يريد القول بعد نجاح اللبنانيين في الصمود و المقاومة ، بل يأبى إلا الإشارة إلى قرار مجلس الأمن ، و إلى انسحاب إسرائيلي ، من أجل أن يوحي أن إسرائيل كانت منتصرة بقدرتها على التواجد داخل لبنان ، محاولا أن يطفئ الفرحة التي طال الحلم بها ... و كأنه يغيطه أن يجد الناس ما يبعث فيهم الأمل ... و لاشك أن قوله" .. الخطاب الرسمي و الإعلامي " .. يشير بوضوح إلى وظيفته ، فهو ليس إعلاميا ، بل هو بوق للخطاب الرسمي ، و لو أنه يستطيع أن يرى الناس في مصر ، لعلم أن مصر الرسمية ليست هي مصر ، و لكن أنى له أن يرى ، أنى لمثل هؤلاء أن يروا أو يفهموا .. و هل تم اختيارهم إلا لأنهم لا يرون و لا يفهمون

السبت، أغسطس 12، 2006

هكذا تستخدم الأمم المتحدة في تزوير التاريخ

في نص القرار الذي يكاد يصل مجلس الأمن إلى إقراره ، تم تزوير التاريخ ، و إثبات التاريخ المزور في هذه الوثيقة ، إذ جاء في مقدمة القرار النص أن مجلس الأمن ... " إذ يعلن قلقه الشديد بإزاء التصعيد المستمرّ للعمليات العسكرية في لبنان و إسرائيل منذ هجوم "حزب الله" على إسرائيل في 12 تموز/ يوليو 2006، و الذي أدّى حتّى الآن إلى سقوط مئات القتلى و الجرحى لدى الطرفَين ، و سبب أضرارا فادحة في البنى التحتية المدنية و أدّى إلى نزوح مئات آلاف الأشخاص في الداخل ... ".... و هو بوضوح يقول إن هجوم حزب الله على إسرائيل قد أدى إلى سقوط مئات القتلى و الجرحى و تدمير البنى التحتية ... أليس هذا هو الكذب الشرير في أشد حالاته شرا ، أليس هذا دليلا على عمى قلوب هؤلاء العرب الجاثمين في مقاعد الحكم ... إنه التاريخ تتم كتابته ، بالمقلوب ، و في وثيقة يحتج بها كل من يريد

كيف سيمكن لأي منصف أن يكتب في المستقبل القريب أو البعيد ليقدم الحقائق للناس في أنحاء العالم ، حتى أولئك المنصفون في أي مكان في العالم لن يصدقوا أن إسرائيل دمرت لبنان ، و لن يمكنهم إلا التسليم بأن إسرائيل دافعت عن نفسها ، ضد هذ الهجوم من حزب الله الذي قتل المئات ، من سيصدق العرب إذا تكلموا ، و ما الذي سترصده كتب التاريخ للأجيال التالية ، إلا ما تقوله الوثائق ، و ها هي ذي الوثائق تصاغ من أجل تصوير الظلم و البغي و العدوان بصورة العدل و الحق ، و من أجل إثبات التهمة على القتيل بأنه هو الذي قتل المئات من الأبرياء ، بل و دمر البنية التحية و شرد الملايين

الآن أفهم لماذ لا يسمعنا الغربيون ، الآن أعرف لماذا لا يصدقون اننا أصحاب الحق ، الآن أفهم لماذا هم في خندق إسرائيل طوال الوقت ، إنه لأننا لا نفهم ما يقال و يسجل من أجل التاريخ ، لأننا لا نرى أمامنا ، لأننا لا نعرف ماذا يجب علينا من أجل نيل حقوقنا ، و لأننا نبصم و نختم على ما يثبت أننا مجرمون قتلة معتدون ، و نعلن بأعلى الأصوات أن حقوقنا ليست لنا



الأربعاء، أغسطس 09، 2006

ردود فعل غير عربية

فنزويلا الواقعة في أمريكا اللاتينية سحبت سفيرها لدى إسرائيل و تنظر في قطع العلاقات احتجاجا على العدوان على لبنان

تركيا ألغت صفقة مع إسرائيل لتطوير و صيانة الطائرات التركية احتجاجا على العدوان على لبنان

عمدة لندن يعلن دعمه للمتظاهرين في لندن و تأييده لحملات جمع الأموال لمساعد أطفال لبنان

فيجي الواقعة في جنوب المحيط الهادي تمنع دخول 3 إسرائيليين لأنهم تعاملوا بقسوة مع الفلسطنيين عندما كان الثلاثة في الجيش الإسرائيلي

..........

مصر لا تفعل شيئا

..........

متى نحرر مصر من السيطرة الأمريكية؟

الثلاثاء، أغسطس 08، 2006

رئيس الوزراء يبكي

قالوا إن رئيس الوزراء اللبناني بكي عندما استعرض الدمار الذي صنعه الإسرائيليون في لبنان ، و ما كان يليق بالرجل أن يبكي ، لولا أنه علم أنه جالس ما بين أقرانه من ممثلي الحكومات العربية التي تواطئت و تخاذلت عندما كان اللبنانيون يقتلون في الغارات الإسرائيلية ... إن مجرد التواجد بين هؤلاء يصيب بالغم ... و من المفجع أنهم صفقوا له بحرارة بعدما أنهى كلمته ، فهل يدري أحد ما معنى حرارة التصفيق ... إنها الصفاقة .. إن هؤلاء لا يستطيعون أن يجرأوا على التفكير فيما يقتضيه الكلام من أعمال ، إذن فالتصفيق بحرارة هو الوسيلة الوحيدة للهروب من الموقف و من المسئولية ... إن المنطق يقول إنه كان يجب أن يلفهم الهم و الغضب لأحوال العرب أمام دموع الرجل ، فيدفعهم ذلك إلى أن يقوموا إلى عمل شيئ .. أي شيئ حقيقي ... و لكنهم مردوا على التصفيق و الكلام ثم التصفيق .... عجزة بلا نخوة و لا قيمة ، و لا أفهم إلى أي شيئ يظنون أنهم ساعون بما هم عليه؟

الأحد، أغسطس 06، 2006

بلا عنوان

تحاول إدارة الرئيس مبارك حاليا عمل شيئ للتغطية على المواقف المخزية التي وقفتها من العدوان الإسرائيلي على لبنان ، و ربما كانت حسابات الرئيس هي نفسها حسابات الإسرائليين و الأمريكيين ، إذ ظنوا أن العملية العسكرية ستكون سريعة ، و لكن افتضاح موقف الرئيس طال و لا يبدو له من تغطية سريعة ، و من المخجل أن يضطر الرئيس ذي الخمسة و العشرين سنة في الحكم ، أن يفعل شيئا أي شيئ ، ليحفظ ماء وجهه أمام شعبه ، أي سقوط هذا

هل تتجرأ الحكومات العربية فتعاقب الأمم المتحدة ؟ إن دول الخليج الغنية لاشك أنها تساهم في ميزانية الأمم المتحدة ، فهل تكون لديهم الجرأة ليقرروا توجيه تلك المساهمات كلها إلى لبنان ، فمادامت الأمم المتحدة قد تم الاستيلاء عليها لتكون ضد العرب و المسلمين بالتحديد ، فليس من الحكمة أن يستمر العرب و المسلمون في المساهمة في ميزانيتها ، بينما لا يحصلون منها إلا على ما يقتل و يخرب في بلادهم ... و لكن متى كانت الحكمة من خصال هؤلاء الحكام

يحذر الأمريكيون و البريطانيون من حرب أهلية في العراق ، فإذا كانوا هم من يحكم العراق ، فمن الذي يوجهون إليه التحذير ؟ إن هناك تفسيرا واحدا و هو انهم قد نجحوا بالفعل في تقسيم العراق ، و يعملون الآن على إبعاد الشبهات عنهم بمثل هذه التحذيرات ، لألا يقال إنهم هم من صنعوا الحرب الأهلية عندما ستندلع هذه الحرب الأهلية بكامل طاقتها

الخميس، مايو 11، 2006

قراءة في ملامح الأزمة المصرية


نشر هذا المقال في شباب مصر في مايو 2006 ، في هذا العنوان

ارتفعت حدة السجال بين الدينيين و العلمانيين ، مع تعقد الأزمة التي تلف مصر حاليا ، و رغم أن النظرة الأوسع على ما يجري في مصري توحي بأن ما يجري في الصحف من مقالات مضادة لبعضها البعض ، معزول نسبيا عن التيار العام ، إلا أن القراءة المتأنية تشير إلى أن هذا الاحتقان من أعمق مكونات الأزمة الراهنة.

و قد رصد ملامح هذه الأزمة عدد من الكتاب خلال الشهر الماضي ، و العنصر الذي كادوا يتفقون عليه هو أن مصر تعيش مرحلة نهاية نظام ، فإن عقدا قد انفرط و جهازا أليا قد تفكك و لم يعد يعمل ، كما قال المستشار طارق البشري الذي قال أيضا إن أسلوب بيع القطاع العام يجري بأسلوب "البيع لدواعي السفر" أي أنه بيع على عجل لا يراعي المصلحة بقدر ما يراعي سرعة التخلص ، و تحقيق ما يمكن تحقيقه قبل أن ينكشف ما هو خفي من أسرار ، و قبل أن تحل النهاية ... مصر تعيش أجواء مثل أجواء انتهاء عهد الرئيس السادات كما قال عبد الله السناوي رئيس تحرير العربي ، و الذي نقل على لسان المخرج يوسف شاهين أنه يتوقع أنه هو نفسه الذي سيقوم بإخراج فيلم نهاية النظام !!! .. و حيث إن مصر هي قاطرة التغيير في هذه المنطقة من العالم (رغم ظروفها الحالية) كما قال أديب ديمتري في صحيفة القدس العربي ، فإنه يرى أن الأحداث التي مرت و تمر بمصر ، يبرز منها احتمالان هما إما تغيير جزري شامل أو فوضى مدمرة لا يبقى معها شيئ ... فنحن نعيش عاصفة تمتحن قدرتنا على البقاء كما قال صلاح الدين حافظ في الأهرام ، فمصر و العالم العربي في رؤيته ، في حال غليان على فوهة بركان ، و برغم ما انقضى فإن ما هو أسوأ هو ما ينتظرنا ، و هو يبدو قريبا .. و قد حدد جمال أسعد عبد الملاك مصدر ما يجري بأنه غياب الثقة بالدولة و ضعفها بل و غبائها على حد قوله ، في معالجة الأمور .. و من الجهات الأخرى فجورج إسحاق يؤكد أن النظام يدفع الأمور إلى مزيد من الاحتقان الذي سيسفر عن انفجار غير مأمون العواقب ، و بالمثل فإن محمد عبد القدوس يرى أن النظام يعلن بوضوح أنه مستعد لجريان حمامات الدم من بقاء الحال ، و الدكتور محمد أبو الغار رئيس جماعة 9 مارس لأساتذة الجامعات يعتقد أن الشهور القادمة ستكون حاسمة بالنسبة للمصريين جميعا ...

إن هؤلاء الأسماء يمثلون على ما أرى معظم ألوان الطيف في الساحة المصرية ، و أظنهم على ما أعلم من غير المرددين لما تريده الدولة أن يقال ...

فإذا كان لنا أن نميز أهم ملامح المرحلة القائمة ، فهي الصراع بين السلطة و القضاء ، و الاحتقان الديني ، و تحليلان على وجه التحديد ، قد قدما وصيفا مدهشا و مهما لما يجري الآن في مصر ، الأول جاء في مقال المستشار طارق البشري في صحيفة العربي ، و الثاني من أديب ديمتري في صحيفة القدس العربي ، فقد رصد المستشار البشري ثلاث حالات بما فيه الحالة الراهنة للصراع بين السلطة و القضاء ، و في كل مرة كان هذا الصراع يأتي في نهايات النظام ، فالحالة الأولى كانت في بدايات سنة 1952 العصيبة و عقب حريق القاهرة حين أراد الملك تقديم خصومه للمحاكمة مطالبا بإعدام البعض بدعوى المشاركة في حريق القاهرة ، و فيهم أحمد حسين ، رئيس الحزب الاشتراكي آنذاك ، و قد عُرضت الدعوى على دائرة قضائية موالية للقصر ، و كان رئيس الدائرة سيبلغ سن التقاعد في يونيو من ذلك العام ، فعمد المحامون إلى الكثير من الدفوع و الردود و لإطالة أمد المحاكمة لحين تقاعد القاضي غير المحايد ، فاقترحت الحكومة (و لعلها كانت حكومة الوفد الليبرالي) مد سن التقاعد للقضاة (كما يحدث حاليا) ، فاجتمع نادي القضاة ذلك الوقت و رفض مد السن رغم ما في هذا من مصالح مادية للقضاة ... و قد كان النظام الملكي في نهاية أيامه ..

الحالة الثانية كانت عام 1969 عندما كان عهد جمال عبد الناصر في أضعف أحواله عقب هزيمة يونيو ، إذا سعى النظام بعد هزيمة يونيو إلى استخدام القضاء للتعامل مع الخصوم السياسيين ، بإدخال عناصر غير قضائية في النظام القضائي أو إدخال القضاة في الفعل السياسي الحكومي ، و التي وقف لها نادي القضاة وقفة قوية تمثلت في بيان مارس 1968 ، و في التكتل ضد قائمة الحكومة في انتخابات النادي فيما بعد ، مما أفشل المخطط الحكومي ، و أدى في نهاية المطاف إلى تغول سلطوي أوصل إلى التنكيل ب 189 قاضيا بفصلهم ، و منعهم من القيد في نقابة المحامين ، و هو ما يعرف بمذبحة القضاة ، كما أشار فهمي هويدي في مقاله بالأهرام ...

أما الثالثة فهي التي نعيشها الآن ، و التي بدأ البعض يردد فيها أن مذبحة للقضاة على مرمى البصر ، خاصة و قد جددت الحكومة قانون الطوارئ ، و صدرت الأوامر بالفعل ، بمنع المظاهرات و قمع المتظاهرين بأي شكل و أسلوب كما صرحت المسئولون الأمنيون ، إذا قالوا أيضا إن ما جرى على مدى العشرين شهرا الماضية من "كفاية" و أخواتها ، و من درجة من حرية التعبير الجماعي ، قد انتهى .... و إذا كنا من قبل نرى أن الحكومة تسمح بدرجة من التنفيس من أجل تأجيل الانفجار ، فإن تجديد القانون ، بحجة أحداث دهب التي جرت منذ أيام ، و بدء تفعيله بالتشدد ضد المظاهرات و رغبات المواطنين ، يعني أنه لن يكون هناك من تنفيس للغضب و الاحتقان ، و أن الحكومة تسعى نحو الانفجار ...

إن أطقم الحكومات و هي تهوي و تزول تحاول الإمساك بالرواسخ ، و قد صار النظام السياسي على درجة من الضعف و الافتقاد للمصداقية ، بما يدفعه للتخفي وراء القضاء الذي مازال له القدر الطيبة و المصداقية و التقدير لدى المواطنين .. فتزوير الانتخابات تحت شعار الرقابة القضائية الكاملة التي لم تحدث ، و توجيه الخصوم السياسيين للمحاكمة أمام محاكم أمكن السيطرة على رؤسائها ، هو آخر ما لدى السلطة من أحاييل لإخفاء الوجه القبيح لسلوكياتها و سياساتها ... و هذا الكلام من كلام المستشار طارق البشري ... و قد أيده الأستاذ فهمي هويدي الذي وصف أوضاع مصر منذ قيام ثورة يوليو ، متمثلة في تعاظم دور السلطة و انحسار و تدمير مؤسسات المجتمع الاجتماعية و السياسية ، و تأميم الأزهر و الأوقاف الأهلية و الصحافة ، و هو ما أوصل المجتمع إلى أن يصبح خاضعا لوصاية حكومية كاملة ، في حين ظل القضاء هو المرفق الوحيد الذي استعصى على الاحتواء أو التأميم ، كما قال ..

فإذا انتقلنا إلى جانب الاحتقان الديني ، الذي هو الجانب الأبرز الآخر ، و الذي لاشك يساوي أهمية الأول في الدلالة و القيمة ، فإن أديب ديمتري الصحفي المصري في باريس قد ربط بشكل مثير للاهتمام بين حادثة دنشواي سنة 1906 و بين حادثة عبارة الموت سنة 2006 ، رغم مائة سنة كاملةمن عمر مصر بين الحادثتين ... و الشبه بين الحادثين جاء من درجة الألم و المرارة المهولة التي أعقبتهما ، خاصة بعدما كشف حادث العبارة عن كم الفساد و التربح الذين يصعب تصورهما ، و الذين اخترقا الدولة ، و لم يقتصرا على النهب المادي بل تعديا ذلك إلى أرواح البشر و بأرقام تصل الألف ، كما قال صلاح الدين حافظ في الأهرام ..

و بحادثة دنشواي بدأت الروح تدب من جديد في مصر ، بزعامة مصطفي كامل ، و قد أطاحت الحادثة بالمعتمد البريطاني بمصر ، و تم استبداله بآخر أكثر خبثا و دهاء .. فكان ما سعى إليه هو إثارة الفتنة الطائفية ، و أدت جهوده إلى عقد المؤتمر القبطي بأسيوط سنة 1911 ، و الذي تبعه كرد عليه انعقاد مؤتمر إسلامي في القاهرة في نفس العام .. كانت فترة من أسود فترات التاريخ المصري القريب ، أوصل إليه استبداد و سيطرة الاستعمار و خنوع و استسلام بعض الطامعين من أهل البلاد ، و عندما يختفي المشروع التنموي الذي يوحد المواطنين ، و تحل محله الرأسمالية غير المنتجة و الليبرالية الجشعة ، فإنه يعم الفقر و يدب التحلل في أوصال المجتمع ، و مع اشتداد اليأس و الكرب ، و انعدام الثقة بالحكم القائم ، يلجأ كل إلى الله ، في كنيسة أو في مسجد ، لأنه لابد من هوية ، كما قال أديب ديمتري ... و إن كنت لا أرى أن المصريين براجماتيين مع الدين بهذه الدرجة التي يقول ، إلا أن الحقيقة هي المصري يلجأ إلى الله بدرجة أشد عندما يرى انسداد السبل في طريقه و عندما يعتصره البؤس و الاستبداد من كل المناحي .. و لقد فشلت على مدى ما يقرب من قرن كل المشاريع العلمانية ، و وصل البلاد إلى حال يصعب تصوره من انحطاط ، أفلا يكون المنطق هو في الرجوع إلى ما تم به النجاح من قبل ، و ذلك هو الدين ، و كثير من الكتاب و منهم أديب ديمتري و جمال أسعد عبد الملاك و أحمد عبد المعطي حجازي (الذي كتب مقالا أقل ما يوصف به هو الخلط في حقائق التاريخ القريب) و صلاح حافظ و غيرهم ...يرون أن تدين المصريين الحالي تدين شكلي ، جاء كرد فعل على سوء الحال .. و هو ما لا يبدو تفسيرا مقنعا ..

غير أن أديب ديمتري ، في مقاله الذي يبقى مثيرا للتفكير ، يربط بين حادثتي دنشواي و عبارة الموت ، باعتبارهما علامة على مدى الهوان و الألم الذي آلت إليه البلاد ، و بأن كليهما ارتبط بميول دينية عبث بها البعض ، و وجهها نحو الطائفية ... و لقد سارت الأمور نحو هذا في مصر بعدما وصل الهوان و الاستبداد أقصاهما كما تمثلا في مشانق دنشواي ، و انعقدت المؤتمرات الطائفية ، و طفت تلك النعرات إلى أن ثار المصريون في 1919 ، تحت شعار الهلال و الصليب ، كرد فعل واضح كالشمس على محاولات الفتنة ، التي يؤلبها البعض ، و على النتائج التي لا فرار منها ، عندما يملأ اليأس قلوب الناس من المستقبل ...

كانت ثورة 1919 كبيرة و فاصلة ، و لو كان التدين الذي سبقها شكليا ، لكان زعماؤها استبعدوه منها ، و لقد كانوا ليبراليين على أية حال ... إنما هذا هو المصري ، في قلبه الدين ، و هو ملاذه في كل حين ، لولا أن يتربص به المغرضون و المحرضون ..

و في مصر الآن ، حوادث مؤلمة أشد الألم ، و استبداد بشع ، و فشل تنموي صارخ ، و بطالة و فقر يتزايد و يستبد بالناس ، مصحوب ذلك كله باحتقان طائفي مخيف ، غذته الحكومة بأسلوب "الطرمخة" كما سماها صلاح الدين الحافظ ، و بتسييس الأزهر و تحويله إلى مصلحة حكومية غير فعالة إلا في خدمة النظام ، كما رأي جمال أسعد عبد الملاك ، و بتدميرها الحياة السياسية و النقابية و الجامعية ، مما أفقد الشباب منابر التعبير و العمل من أجل المستقبل ، في الوقت الذي نشط فيه بعض المصريين من الأقباط في الخارج لاستغلال الأوضاع ، كما قال أيضا جمال أسعد عبد الملاك ، و الذي انتقد تسييس الكنيسة المصرية ، و علاقتها غير الطبيعية مع السلطة ، الأمر الذي جعل المسيحيين في مصر و كأنهم رعاية الكنيسة ، و جعل أيا من مشكلاتهم أمورا كنسية طائفية ، لا مشكلات أفراد مصريين يجب التوجه بها نحو الدولة .. و هو في رأيه ، ما دفع بعض المسلمين إلى التعامل مع الأقباط على هذه الخلفية.

غير أن الدولة و حكومتها مهتمة و حسب بالبقاء في السلطة و على حساب مستقبل و سلامة الوطن ، و هو ما يدفع كل مصري إلى الزود عن نفسه ، بالتمسك بهويته التي في مركزها المكون الديني ، فيبدو و كأنه يعادي الآخر ، بينما هو يدافع عن ذاته ، و عن وجوده أمام استبداد و فساد حاكم ..

و الخلاصة من قراءة الأحداث ، يمكن أن تنحصر في أمر واحد ، ألا و هو نظام الحكم الذي فشل ، فلم يعالج فشله إلا بالاستبداد و البطش و القمع ، و تدمير كل ما قد يثير خوفه من قوى و مكونات المجتمع ... فهل الدين هو المشكلة؟ ... كلا .. لأنه لا مسلم سعيد و لا مسيحي سعيد ... و لكن كما ان النظام الذي استهلك كل الأدوات يتجمل بالتخفي وراء القضاء ، فإن كل مصري و منذ الأزل في مصر ، لا يجد الأمن من كل المخاطر و المخاوف إلا في الدين ... هل يسوء المسيحي أن يكون المسلم مسلما ، أو يسوء المسلم أن يكون المسيحي مسيحيا؟ .. كلا ، و على هذا يدل تاريخ مصر الطويل ، و لو كان هذا هو الحال ، لما بقيت مصر ، مصر التي نذكرها و لما بقي فيها أقباط باعتبار انهم الأقل عددا ... و الأحداث المتسارعة و الغليان الذي يشتد لا يدل إلا على ما دلت عليه الأحداث المشابهة على مدي القرن المنصرم على مصر ، ألا و هو أن نظام الحكم ، لا يقوم بواجبه ، و لا يعمل من أجل المستقبل ، و أنه قد دخل عهد الاحتضار ، و لكنه يقاوم من أجل البقاء ، بدون وجه حق .. و على حسابنا نحن ... و استمرار حالة الانحطاط و فقدان الثقة في الدولة يدفع بالمزيد من الأفراد بمحاولة أخذ زمام المبادرة ، و هو ما لابد أن يخرج عن نطاق العقل أحيانا ، بفعل الضغط الشديد من الداخل ، و التدخلات و الأطماع الظاهرة من الخارج ...

===============
لنا الله يا دكتور مجدي
مجدي إبراهيم محرم
(5/5/2006 3:42:05 AM)
مقالة رائعةيا دكتور مجدي حقا أمتعتنا فأنا لا أخفي عليك مدي سعادتي بمقالك المترابط والمتماسك الذي شرحت فيه ما تمر به مصرناالعزيزة ندعو الله أن ترسوا بنا على بر السلامة وأن تتجاوز المحن والفتن التي تمر بها وأن تقهر هذه الأمواج التي تحاول إغراق سفينتها لك كل المحبة
==============

تحية لهذا الرجل
نبيل ابوالسعود
(5/6/2006 5:54:50 AM)
الاستاذ الفاضلدكتور مجدي هلال أشكر لك هذه المقالة الواعية رغم وجودكم خارج أرض الوطن ( كما اعتقد ) الا انك معايش ومتفاعل مع ما يحدث هنا بشكل غاب عن أذهان وعقول الكثير من المغيبين عن هذا الواقع المتردي .أما حالة الإحتقان التي أشرت سيادتكم اليها هنا وعلى صفحات هذا الموقع ، فأنا أسميها ترفا يقصد البعض منه إلهاء البعض الآخر عن أهم الاولويات وهو ما جاء بمقالتكم .. ايضا ربما هو الخوف المهيمن على الكثيرين والذي يمنعهم الخوض في مثل هذه الأمور .. فالمجرم عند احساسه بقرب النهاية لا يتورع عن استخدام اقذر اساليب البطش والضربات العشوائية الطائشة في كل اتجاه ، ولعلكم تعلمون ما حدث لأحد القضاة الاجلاء من تعريته وسحله على مرأي من العالم دون أن يهتز جفن الفاعل .شكرا لك مرة ثانية وتقبل تحياتي .
==============

اللحاق بعشاق العطور
حسام السيسي
(5/6/2006 10:19:52 AM)
الاستاذ الفاضل مجدي هلال:معذرة اخي الكريم إذ لم أنتبه سابقا للمقال وذلك لتقصير مني حيث شغلونا شغلهم الله بذنوبهم عن متابعة مثل هذا المقال المهم ولا يسعني هنا إلا ان أعترف بالفضل للأخوين الغاليين مجدي محرم ونبيل ابو السعود فكونهما يعشقان هذه العطور الفكرية التي يفوح منها الطيب فقد لفت انتباهي تواجدهما في واحتك فسارعت للحاق بهما.واشاطر الاستاذ العزيز نبيل رأيه في موضوع حالة الإحتقان فهم يضطرونا الى الخوض في امور مستهلكة بدلا من الاهتمام بالأولويات الواردة في مقالك .تحية لكم جميعا ايها الأحباء ==============

أهلا بالطيبيين و معهم الطيب
مجدي هلال
(5/6/2006 7:20:11 PM)
الإخوة الاعزاء الأساتذة مجدي محرم و نبيل أبو السعود و صاحب الطيب حسام ، إنني لا وصف لسعادتي أن أستطيع المشاركة بشيء مفيد ، و ان أجد هذا التقدير منكم ...... و لأخي نبيل أقول إنني لا أظن إن البعد عن الوطن سبب لإهمال ما يجري فيه ، فمهما بعد الفرع عن الجذر فإنه يبقى منسوبا إليه ، و لو انقطع مات ... إن مصر دائما في قلوبنا أينما نكون .. و أدعو الله ان نراها في حال أحسن مما هي عليه ...

الجمعة، أبريل 28، 2006

المزيد من الإرهاب و الطوفان سيأتي




لقد تكررت الانفجارات ... ألم أقل ذلك ، و ليس هذا من الإرهاب الذي يتحدثون عنه ، و لكنه من إرهاب النظام الحاكم في مصر ، و استبداده و فساده ... لا يمكن ألا تكون هناك ردود أفعال ، إن هذا ضد الطبيعة ... سيستغل الظروف عدو من الخارج أو عدو من الداخل ، لا فرق ، فالمجرم الحقيقي هو من أوجد الظروف و حرص بكل ما أوتي أن يبقيها ، لا من استغلها ... لم تكن مصر تغلي هكذا من قبل ، و قبل خمسة و عشرين سنة ، اغتال السادات بعض أفراد من جماعات سرية ، و ما عذب السادات أحد و ما افترى ... أما اليوم فإن المصريين غاضبون ثائرون علانية ، و في كل المستويات ، لا في جماعات خفية ، فأي شيئ يمكن انتظاره في المستقبل القريب؟ .. إن العقول الفطنة يمكنها أن تقرأ الأحداث ، فتستنتج أن حدثا رهيبا لابد أن يكون في الأفق

لا يوجد رئيس قوي ، و لا حكومة قوية ، و لا يوجد رصيد يمكنهم الاعتماد عليه... فعندما سيحل الوقت الرهيب ، لن يبكي عليهم أحد ، و لعل الله أن يرفق بالمصريين

28-04-2006

الثلاثاء، أبريل 25، 2006

انفجارات دهب و ملمح من ملامح الطوفان القادم على مصر


عندما نضغط على البعض حتى يصابوا بالجنون ، فلا يجب أن نعجب إذا ما قاموا بأعمال الجنون ... و ما جرى في دهب هو نتيجة جنون في عقول البعض ممن أصابهم نظام حكم الرئيس مبارك بالجنون ، من بعد اليأس و الإحباط ، و كل مشاعر السلبية من الأمل في المستقبل ، و مع هذا يتساءل البعض لماذا جرى ما جرى .. فإن يستمر هذا التعجب من دون تفكير و نظر لرؤية الواقع ، فإن ما جرى سيجري مرات و مرات قادمة .. فهل سنلوم المجانين أم نلوم من جننوهم؟

الأحد، أبريل 09، 2006

حكمة الله - 8

نشر هذا المقال في شباب مصر في مارس 2006 ، و لقراءته حيث نشر انظر

http://www.shbabmisr.com/XPage.asp?browser=View&EgyxpID=5124

خليفة في الأرض تعني أن يكون له سلطان في الأرض على ما فيها ، و لكن أنّىَ للإنسان أن تكون له سلطة إلا بإذن الله ، فإنه تعالى مالك الملك ، و إن يأذن لخلق من خلقه أن يسيطر على شيء من الخلق و يمنحه سلطات لهذا فهي الخلافة ، مثلما يستخلف الحاكم أحد تابعيه ليحل محله في غيابه فيمنحه السلطات و يحدد له الحدود أيضا ، لذلك سخر الله للإنسان ما في الأرض جميعا ، و هذا التسخير فيه الإذن للإنسان باستخدام ما يرى مما في الأرض ، و بتغيير ما يحتاج التغيير لتمكن الاستفادة منه ، فالإنسان خليفة يصنع في الأرض ما يشاء في حدود ما قرره الله تعالى له في الرسالات المرسلة ، فالأرض للإنسان على الإطلاق في داخل تلك الحدود ، و لعل إسكان آدم الجنة و هو الخليفة للأرض تمثيل لهذه الخلافة ، فقد قال تعالى لآدم أن يسكن و زوجه الجنة و يأكلا منها حيث شاءا ، فهذا هو الإطلاق في معنى الخلافة ، و لكن هذا اقترن بنهي عن تلك الشجرة ، فهذه الإشارة إلى أن الإطلاق له حدود ، هو درس لآدم و بنيه ليتعلموا ما الذي يجب أن يكون عليه الحال في الأرض ، فإذا ما جاءوا الأرض ، أقاموا فيها خلافتهم على أساس أنها لهم مسخرة لا يحدهم عن استخدامها حد إلا شرع الله المرسل إليهم ، و لقد جربوا من قبل ما في مخالفة شرع الله من عواقب.

و إن المستخلف من قبل حاكم على قوم ، مجيد إذا التزم بالحدود التي حده بها الحاكم ثم أحسن و أبدع في استخدام السلطات مستوحيا ما قد يريده الحاكم ، فكذلك بني أدم عليهم أن يستخدموا السلطات إلى آخر المدي مستلهمين حكمة الله في ما يعملون ، و مستهدين بأوامره و نواهيه ، و لذلك فإن علينا أن نعلم حكمة الله أيضا ، قدر استطاعتنا ، مع علمنا و اتباعنا للأوامر و النواهي بلا جدال ، فباستلهام حكمته تعالى نبدع في الالتزام بالأمر و النهي.

و هنا قد تتبدى لنا إجابة عن سؤال ، و هو السؤال عن الحاجة لأن يكون الإنسان خليفة في الأرض ، لماذا لم يخلقه الله تعالى ليسكن الأرض و السلام؟ ، لماذا جعلنا خلفاء ؟ .. و الإجابة المتبدية هي أن نتعلم أن للإنسان أن يصنع ما يرى ، و بالتالي تصبح كل الأعمال جائزة ، و يكون المنع و التحريم لأمر من الأمور هو الاستثناء ، و يكون غير مبرر طالما لم نتحد حدود الله تعالى ، فإذا كشف العلم عن قدرة الذرة ، أو كشف عن بنية الجينوم البشري ، أوابتدع نظاما لتيسير الحياة ، أو حاول استكشاف المريخ ، أو استنسخ كائنا حيا ، أو ربما صنع ما يمنع الأنثى من الحمل ، أو غير هذا من أعمال و اكتشافات ، فإنه لا بأس به من حيث المبدأ .. و لكن ربما يتغير هذا بمزيد من النظر و التفكير

و لماذا يكون بأس و الإنسان خليفة في الأرض ، قد استخلفه فيها رب العالمين ، و سخرها له و كل ما فيها ، و علمه العلوم ليقوم بهذا ، و إن أمره سبحانه للملائكة بالسجود لآدم جاء بعد ذكر تعليم آدم الأسماء كلها ، فهو بهذا العلم حاز الفضل ، و صار مؤهلا للقيام بالخلافة ، وإن رد الله سبحانه و تعالى على الملائكة كان ذا شقين ، فالأول هو أنه سبحانه يعلم ما لا يعلمون ، و الثاني كان بتعليم آدم ، ثم توجيه الملائكة إلى أن هذا هو الفضل الذي يتميز به بنو البشر ، و الذي يؤهلهم للخلافة ... و إذا كان الله تعالى يعلم ، ثم هو يعلم آدم ، فياله من فضل عظيم ناله آدم و نلناه بالتبعية .. و هو يعني أيضا أن العلم له دور كبير في قيامنا بخلافة الأرض ، و لا يجب بهذا أن يكون له حدود إلا الحدود التي يبينها الله في القرآن.

و ربما يكون من الحدود قوله تعالى إنه لا يعلم الغيب إلا الله ،و إن الروح هي من أمره هو سبحانه ، و أنه هو الذي يحيي و يميت ، و أن البشر لن يخلقوا حتى ذبابة ، و أن هدى الله هو الهدى .... و أيضا قد حذرنا القرآن أن إبليس سيعمل على أن يجعلنا نغير خلق الله ، فهذا أيضا قد يكون حدا من الحدود ... و القرآن معنا لنستلهمه من أجل ألا نجاوز حدود الله .
===
.حتى لآن قد مررنا بالقرآن من أول الفاتحة ، إلى أن وصلنا إلى قصة خلق آدم ، و الدرس البليغ فيها ، و لقد كان ما قبل قصة الخلق و كأنه المقدمة لكتاب ... و الفصل الأول من هذا الكتاب كان قصة بدء الخلق ، و هو بالتأكيد مكان هذه القصة ... و ليس فقط ذلك الدرس الذي يمكن استخلاصه من قصة بدء الخلق ، و هو درس التجربة العملية ، بل إن هناك الكثير من المعاني في هذه الرواية المقتضبة لخلق آدم ، من بينها كما جاء في الحلقات السابقة نقض فكرة النشوء و الارتقاء بالنسبة للبشر ، و من بينها قبل هذا قيمة العقل ، فإن ما ميز آدم على الملائكة كان أن الله قد علمه الأسماء كلها ، و هو مفتاح القيام بخلافة الأرض كما سبق .. هكذا أراد الله أن يمر الناس عمليا بتجربة الانتقال من الجنة إلى الأرض بعد الإثم و المعصية .. ليدركوا أنما يقعون في المعصية عندما لا يتحرون أمر الله و نهيه و حكمته في خلقهم كما خلقهم ، أو في تسييرهم أمور حياتهم كما أراد لهم و ليدركوا ما في طاعة الله من فوز و رشاد ، فيتمثلوا هذا كما ينبغي في قيامهم بالخلافة في هذه الأرض.

و هكذا تم تقديم الكتاب ، بمقدمة مثالية ، جامعة و موجزة ، بل إن الأحداث المروية بعدها ، عن بدء الخلق ، موجزة للغاية ، و سيحوي الكتاب فيما بعد الكثير من التفاصيل ... و هكذا حقا تكون المقدمات ، و يكون السير بالقارئ في سبيل الهدي .... و لكن ماذا عن بداية هذا الأمر ؟! .. فإننا قد رأينا من هذا الفصل الأول من كتاب الله تعالى ، كيف كان بدء خلقنا ، نحن البشر ، و علمنا أن لدينا العقل و القدرة على التعلم ، و أننا مكلفون بمهمة هي الخلافة في الأرض ، فهل يكفي هذا؟ .. لا يبدو أنه يكفي ... فقد جاء أمر الله بنزول آدم للأرض التي قد خلق لها و معه بعض من التوجيهات ، فأولا كان أمر النزول لآدم و لإبليس و معه الإعلام بالعداوة التي ستكون بينهما ، و هذا في الحقيقة هو بدء الصراع بين الخير و الشر ، و هو مصدر الإلهام لأكثر أعمال البشر في الأدب و الإبداع و الفلسفات و غيرها ، بل إن هذا هو بدء الصراع أساسا في تاريخ البشرية ، قد بدأ مع نزولنا الأرض ، بل قد كان هناك يتشكل قبل النزول ، و لم ننتبه (أعني آدم) إلا بعد خسران أول معركة فيه ..

و إن هذا ليوحي إلينا أن الصراع ليس هدفه في الحقيقة أن ننتصر على الشر لنكون سعداء في حياتنا ، ذلك أن مدار الصراع هو أوامر الله و نواهيه .. فنحن مكلفون بمراعاتها ، بينما إبليس يعمل على أن نخالفها ، فالفوز لنا كلما كنا ملتزمين بها ، و الهزيمة كلما خالفنا إحداها .. تلك هي المسألة.

و قد كان بعد النزول أن تاب الله على آدم ، و ليس قبله ، فإن التوبة تحتاج عملا و إثباتا للرغبة فيها و النية في الانصلاح .. و بعد التوبة يكون أقوى تأثيرا أن يخبر الله آدم و زوجه و بنيه ، بالأمر ، و الأمر هو أمر هذه الرسالة - الدين - هذه الدعوة إلى الله ، التي جاء بها الرسول بعد الرسول ، و إنه حقا لسؤال ، كيف بدأ هذا ؟ و المكان الأمثل للإجابة لن يكون إلا هنا ، في بداية الكتاب ، و مباشرة بعد ذكر الحدث الأول في تاريخ البشر ، فمع هذا الحدث الأول بدأ الأمر ، إذ يقول تعالى:

"قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39)"

فتلك هي البداية ، فعندما قضى الله أن حان الوقت ، أن تهبطوا ، جميعا ، آدم و زوجه و بنو آدم ، و معهم الشيطان عدوهم ، بعدما عرفوا مدى عداوته بالتجربة – حان وقت هبوطهم إلى الأرض ، فقد أخبر الله تعالى أن لهم مستقرا فيها إلى حين ، أي أنهم عائدون إلى ربهم ، و لكن يخبر الله تعالى أيضا أن من تصله دعوة الله فيتبعها ، فلا خوف عليهم ، و من لا يتبعها فهم خالدون في النار ، و هذا هو الأمر ، فالآن يهبط آدم و من معه ، لينتظروا داعي الله تعالى ، من أجل أن يتبعوه ، ليعودوا إلى الجنة التي قد عرفوا و جربوا من قبل ..فالخلافة في الأرض إذن ليست سلطات و قدرات و حسب ، بل مسئولية تحري الهدى في خلال القيام بهذه الخلافة ، و معايشة هذا الصراع الذي بدء مع بدء الخلق و لن ينتهي إلا بنهاية الحياة على الأرض .. فلا يجب أن نفرح كثيرا بهذه الخلافة لأنها تأتي مع كثير من الهموم العظيمة ..

فآدم قد نزل إلى الأرض ، و بدأ ينتظر رسولا من الله .. و في إطار هذا ، يعلم قارئ القرآن ، قيمة ما يقرأ ، إنه القول الفصل ، و كلمة الله تعالى الأخيرة ، في دعوة البشر ، تلك التي ينتظرها البشر منذ آدم.

إن قصة خلق آدم ، و إسكانه الجنة ، و كبر إبليس عن السجود مذكورة مرات عدة في القرآن ، و هذه المرة الأولى لها أغراض محددة ، كما أن لكل مرة أخرى أغراض أخرى تناسب موضعها ، ففي هذه السورة الأولى كان الغرض الأول هو توضيح كيف بدء الأمر ، أمر الدين ، و خلافة الإنسان في الأرض ، فلقد أراد الله تعالى خلق خليفة في الأرض ، و قد ميز سبحانه هذا المخلوق بالعلم ، و كان هذا وحده الرد على الملائكة ، و الآن الأمر يبدأ ، فبعد الخلق و التعليم ، إشارة سريعة إلى عداوة إبليس ، و سبب العداوة قد أشير إليه من قبل ، و أما الغرض فهو تعليم بني آدم بأنهم نازلون الأرض ، لينتظروا الهدي من الله ، و قد عرفوا سبب الحاجة إليه ، ألا و هي وجود إبليس معهم ، كما و قد جربوا ما في المعصية من خطر ، و منذ ذلك النزول بدأ أمر الدين ، و هو مستمر إلى يوم الساعة ، و نحن الآن في الجيل الحالي من البشرية ، نحن الذين علينا تمثل هذا و فهمه جيدا.

بدء العهد الجديد في تاريخ البشرية

و تم تقديم الكتاب ، و الدعوة و المتلقين ، و تم الإعلام بأصل هذا الأمر ، و ستمضي السورة الكريمة الآن إلى ما ستمضي إليه ، فتتناول الكثير ، من الأمور ، تتنقل من أمر لأمر ، بسرعة كبيرة ، و كل الحكايات الواردة فيها مختصرة ، كما أن الأحكام كثيرة ، و متنوعة .. فالسورة شاملة عامة ، هي فسطاط القرآن كما وصفت ، تضع معالم رئيسية ، لنظام حياة البشر ، تورد كما من الأحكام و القوانين ، المتتالية ، المتنوعة ، التي قد لا نستطيع أن نضعها في إطار ما ، إلا إطار ملامح الدنيا التي يجب أن تكون .. أو لنقل تلك ملامح دين الله الذي اختاره ، تعالى ، لعباده ، إن سورة البقرة فيها بناء الإسلام ، فيها الهيكل الذي يتسع ليشمل كل شيء من الدين مما سيلي في بقية القرآن .. إنها مقدمة لأمر كبير ، مقدمة لدستور الحياة ، و يستطيع القارئ أن يدرك أن هذه السورة فعلا هي الفصل الأول من كتاب كريم .

و هذا العهد الجديد هو عهد الإسلام ، و كلمة الله الخاتمة ، و الراية ينزعها الله من قوم لم يحفظوها ، و ينعم بها على قوم آخرين ، جيل جديد من المؤمنين ، يتسمون باسم المسلمين كما سماهم أبوهم ابراهيم من قبل ، لا يتخذون لأنفسهم اسم قبيلة من القبائل و لا اسم بلد من البلاد و لا اسم إنسان من بني البشر ..

و من أجل التقديم لهذا العهد الجديد ، لابد من النظرة في العهد القديم ، و لذا فسورة البقرة بعد الحكاية السريعة الغنية بالدروس لقصة بدء الخلق ، تبدأ في ذكر بني إسرائيل ، و هم الذين من الله عليهم بكتبه و رسله فلم يحفظوها ، و ليس المعني ببني إسرائيل هنا اليهود و حسب ، فإن عيسى عليه السلام كان رسولا لبني إسرائيل .. و من رحمة الله ، أنه سبحانه أول ما يذكر أهل هذا العهد السابق ، ليكون في ذكرهم العبرة و العظة لأهل العهد الجديد ، فإنه تعالى يبدأ فيدعوهم للإيمان ، لألا تكون لهم حجة عندما لا يؤمنون ، و هو تعالى أعلم بقلوبهم ، و لكنه جلا و علا ، حكيم لطيف ، يقول تعالى:

"يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) وَآمِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41)"

و عهد الله هو التزام دينه الذي ارتضى الذي يأتي به نبيه الخاتم ، و هو العهد المأخوذ على بني إسرائيل ، أخذه الله عليهم عندما أنعم عليهم و فضلهم دون بقية الخلق بكتبه و رسله مدى الأجيال ، و كان من مما تضمنه العهد أن يتبعوا محمدا صلى الله عليه و سلم حين يرسل إليه ... إن إمكانية التفضيل لم تنتزع من بني إسرائيل ، لأنه لا يبدل القول لدى الله تعالى ، و لكنهم لم يفوا بما عليهم ... و الشرط ما زال قائما ، و لو تخيلناهم الآن قد تحولوا إلى الإسلام ، و أخلصوا فيه لله ، ألن يكونوا متميزين ، فقد عايشوا الأنبياء حقبا طويلة أكثر من أي شعب آخر ، قد اختارهم الله تعالى لذلك ، و لو كانوا اتبعوا رسول الله منذ البدء لصاروا الآن قادة البشرية ، و لكنهم لم يفعلوا ، و قد علم الله قلوبهم ، و لذا انتزع منهم الراية ، و مع ذلك يبقى العهد قائما ، فإنوا أسلموا و أخلصوا لله ، نالوا ما وعدوا ، و الآية تقول لهم "أوفوا بعهدي أوف بعهدكم" ، و الشرط قائم إلى يوم الدين ، و لكن الله أعلم بهم.

و لأن هذا عهد جديد في تاريخ البشرية ، تنتقل فيه كلمة الله من بين أيدي بني إسرائيل ، إلى بني إسماعيل ، فإنه لابد من النظر في العهد السابق ، عهد بني إسرائيل ، و لكن السورة في هذه المرحلة لا تروي قصة بني إسرائيل ، إنما تروي شذرات و فصول متفرقة ، و نتف مما كانوا يصنعون ، و بدون المزيد من التفاصيل ، و قد بدأ هذا مع الآية 40 أعلاه ، و استمر حتى قرب منتصف سورة البقرة ، في رحلة طويلة ثرية بالدروس و الحكم و العبر ، التي يجب على المؤمنين في العهد الجديد أن يعوها تمام الوعي ، ليقوموا بالأمانة ..

و تستمر هذه الرحلة حتى الآية 134 التي تقول:"تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (134)" و هذه بجلاء تمييز العهد المنقضي من العهد الجديد ، و ليس هذا فحسب ، فهذا التمييز يتأكد عندما يكرر الله تعالى الآية بنفس كلماتها مرة أخرى في آية 141:"تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (141)" ... نفس الآية تماما ، بلا زيادة أو نقصان ، أما ما بين التكرارين فهو المبدأ الذي يجب أن يعتمده المسلمون ممن سبقهم من أهل الكتاب ممن رفض اتباع محمد صلى الله عليه و سلم ، فيقول تعالى موجها المسلمين عما يقول به اليهود و النصارى ، و عما يجب على المسلمين قوله و فعله:

"وَقَالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (135) قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ فَقَدْ اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمْ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138) قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (139) أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمْ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنْ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (140)"

و بهذا فقد تم نقل الراية من عهد إلى عهد ، بعدما علمنا كيف بدء أمر هذا الدين و بدء خلقنا و وجودنا على هذه الأرض .. و كيف نفعل مع من سبقوا ، أما ما يلي في النصف الثاني من سورة البقرة فهو رسم ملامح الدين الخاتم ، و لا عجب بعد هذا و بهذا أن أول آية في هذا النصف الثاني تقول: "سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنْ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمْ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142)" ... نعم .. إنه التحول من القبلة في بيت المقدس إلى مكة .. أليس هذا هو الإعلام بأن العهد الجديد قد بدء.

حكمة الله - 7

نشر هذا المقال في شباب مصر في مارس 2006 ، و لقرائته حيث نشر انظر

http://www.shbabmisr.com/XPage.asp?browser=View&EgyxpID=5097

منذ بضعة أسابيع كتبت بعض الكتابات التي نشرتها شباب مصر ، كان ما فيها تتبعا للقرآن الكريم بترتيبه القائم ، و كنت وصلت إلى كتابة ست حلقات ، كان أخرها عن استخدام العقول في إطار التفكير المنظومي الذي يسعى ليرى الصورة الكاملة للحياة التي نعيشها في هذا الكون ، و لكن حتى و إن حاولنا التفكر في إطار أفضل الأطر ، فإنه يبقى هناك شيئ ، على الأقل تبقى هناك حدود هذا الإطار ، و أرجو ن يكون ما يلي إضافة لما سبق ...

لو أن استخدام العقل يصل بنا إلى اكتشاف وجود الله تعالى ، كخالق للكون بما فيه نحن من البشر ، لاغتر أصحابه به ، و رفضوا دعوة الرسل إلا أن يحكموا عليها بهذا العقل ، فيكون القبول أو الرفض قرارا عقليا و حسب ، و لا داعي للتذكير بالهوى في مثل هذه الحال ، الهوى الذي يستعبد الكثير من البشر ، فسوف يمنع الهوى هؤلاء من الإيمان ، كبرا ، أو رغبة في متع الدنيا ، أو انسياقا وراء قدرات عقولهم ، و كأنهم خلقوا عقولهم هذه أو حتى تخيروها ، و إن هذا لحادث في أنحاء الأرض من حولنا ، و المثال الأكبر هو العلمانية ، التي يريد بها الناس أن يقرروا دور الدين ، فيجعلوا له عملا هنا ، و لكنه ممنوع هناك ، بل و يقننون من القوانين ، ما يعاقب من يتكلم عن الدين حيث قد قرر البشر أصحاب العقول ، أن الدين ممنوع .

ما هذا إلا الكبر و الغرور ، و الهوى و الشياطين عاملون ، لقد خلد ناس الفلاسفة ، و بتخليدهم ظنوا أن العقل هو كل ما يحتاجونه ، و اتخذوه معتمدهم ، و ساروا في الدنيا مطمئنين به ، و إن هذا ليستدعي قول الله تعالى "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" ، لأن هؤلاء قد اطمأنوا بذكر عقولهم.

أما إذا كان العقل يعمل ، ليذكرنا بالفطرة التي فطرنا عليها ، فلن نغتر به ، و سيبقى مبجلا لدوره في اهتدائنا ، هذا الدور الذي قدره الله ، و الذي علمنا إياه في القرآن ، في قصتي إبراهيم و محمد عليهما الصلاة و السلام ، ثم إن هذا الدور سيستمر في مسيرتنا اتباعا لرسل الله ، و إن الإسلام الذي هو الدين عند الله ، قائم على العقل ، و يخاطب الفطرة ، و لن نحسنه إلا بأن نعبد الله كأننا نراه ، و هذا غير ممكن إلا عقلا ، كما و أن الإيمان بالله سيدفعنا إلى العمل لنحسن قيامنا بالخلافة في الأرض ، فكيف نكون الخلفاء ، ما لم نستغل ما سخر الله ، إن من الإيمان بالله أن نقبل و نأخذ ما سخر لنا لنستخدمه لعمارة هذه الأرض ، تحقيقا لمعنى الخلافة ، أنى لنا أن نفعل هذا ، إلا باستخدام عقولنا ، و هي ذاتها خلق من خلق الله ، نحن مكلفون باستخدامه.

ثم إننا أمة آخر الرسل ، فصارت الدعوة إلى الله بين أيدينا ، واجبة علينا ، فكيف سندعو الناس ، ما لم نخاطب فيهم الفطرة ، و أنى لهم أن يعلموا بالفطرة إلا بالنظر فيما نقوله لهم ، و ندعوهم إليه من تأمل في خلق الله ، إن التأمل في عظمة الخلق يوصل (يُذكِّر) بعظمة الخالق ، فتتم رؤية الله تعالى بالعقل.

هناك فرق كبير بين الظن أننا اكتشفنا وجود الله تعالى ، و بين القول بأننا تذكرنا علمنا بوجود الله تعالى عندما تذكرنا الفطرة ، إن التذكر يمنع الكبر ، بينما الاكتشاف قد يدفع إلى الكبر ، و الكبر باب إبليس إلينا.

دفعت الفطرة البعض من البشر للتفكر أكثر من غيرهم ، و هكذا بدأ تفلسف الفلاسفة ، فاستخدموا العقل ، و ظنوا أنه أداتهم الكافية ، و لكن هل العقل يكفي ؟ ... كلا ، إن له دورا و لكن ليس له كل الدور ، و لقد قال أبو حامد الغزالي "من يحاول أن يعرف الله بعقله كمن يحاول أن يزن الجبل بميزان الذهب" ، بما يعني أنها محاولة غير ممكنة ، و لكن التشبيه بليغ ، فالأداة ، و هي الميزان ، هي الأداة الصحيحة ، إنما الاستخدام خاطئ ، فلا سبيل إلا برحمة الله و هدايته ، و لو كان استخدام العقل كافيا لاهتدى إبراهيم عليه السلام وحده ، و كذلك لاهتدى محمد صلى الله عليه و سلم وحده ، بينما الله تعالى يقول له "و وجدك ضالا فهدى" ، و لقد حسم الله تعالى هذا الأمر بالقول "و ما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" ، فنحن إذن لا يجب أن نظن أن عقولنا وحدها كافية ، إلا أننا يجب علينا استخدام عقولنا ، لنحاول أن نتذكر ، قال تعالى في سورة السجدة ، مستحثا الناس على التذكر:"اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ 4 " .. فلابد أنه تعالي قد علم البشر أنه تعالى هو الخالق ، و أن هناك حسابا بعد حين ، و أنه هو وحده الولي و الشفيع ذو الرحمة ، لا إله إلا هو ، و هو سبحانه يقول لهم الآن ألا تتذكرون كل هذا ... و التذكر هنا معناه التأمل فيما يقوله الرسول ، و البحث في داخل النفس عن الفطرة التي تصدق ما يقوله الرسول ، إنه يذكرنا بما نعلم ، فهلا نظرنا في أنفسنا لنعلم أنا نعلم ...

روى ابن كثير أنه في السيرة عن زيد بن عمرو بن نفيل أنه لما خرج هو و جماعة من أصحابه إلى الشام يطلبون الدين الحنيف قالت له اليهود: إنك لن تستطيع الدخول معنا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله ، فقال: أنا من غضب الله أفر ، و قالت له النصارى إنك لن تستطيع الدخول معنا حتى تأخذ بنصيبك من سخط الله ، فقال لا أستطيعه ، فاستمر على فطرته و جانب عبادة الأوثان و دين المشركين و لم يدخل مع أحد من اليهود و لا النصارى ، و أما أصحابه فتنصروا و دخلوا في دين النصرانية لأنهم وجدوه أقرب من دين اليهود إذ ذك ، و كان منهم ورقة بن نوفل.

لعل هذا هو السبيل الأكثر فائدة لدعوة الناس إلى الإسلام ، بتخليصهم من الران ، و مساعدتهم على رؤية أنفسهم بغير آثار الدنيا عليها ، و عندها سيمكن بيسر أن يقبلوا تعاليم الإسلام ، لأنها هي ما في داخل كل منهم ، و ربما كان هذا هو السبب في إسلام الناس بعض العصور السابقة من مجرد مجاورتهم للمسلمين ، إذ كانوا يرون سلوكا تميل إليه النفس ، لأنها تعرفه من قبل ... يحتاج الأمر دراسات في علم النفس من أجل تخليص الناس مما يحكم سلوكياتهم ، مما يحاولون تفسيره بنظريات فرويد و غيره ، لابد من وضع النظريات و صوغ الأساليب من أجل العمل على تذكير الناس بالفطرة ، لإعدادهم لتقبل دعوة الله إلى الإيمان به.

قصة إبراهيم عليه السلام

تروي سورة الأنعام قصة نظر إبراهيم في الكون من حوله في الآيات التالية:

"وَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَ قَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (74) وَ كَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَ الأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنْ الْمُوقِنِينَ (75) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنْ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَ جَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَ الأَرْضَ حَنِيفاً وَ مَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ (79)"

فالقصة تبدأ بعدم اقتناعه بما يعبده قومه ، و لكنه لم يعرف البديل ، إلا أن الفطرة في داخله تعمل فتصده عما يعملون ، ثم يقول تعالى "و كذلك نري ..... الموقنين " ، كأن الله تعالى يريه الكون من حوله ليتأكد أن ما يجده في نفسه صحيح ، و أن الله لا يمكن أن تمثله تلك الأصنام ، فلما رأي الكوكب استكبره و استعظمه ، و لكن الكوكب يتغير حاله ، و الله تعالى لا يليق به التغير ، فكيف عرف إبراهيم أن الله لا يليق به التغير إلا بفطرته .. و كذا كان حال القمر و الشمس ، فلا يمكن أن يكونا ما يبحث عنه ، فماذا كان رد فعله بعد تأمله ؟ .. لقد كان أن علم أن الله أكبر من الشمس و القمر ، و أكبر من كل هذا الكون العظيم ، و هو لا يتبدل أو يتغير ، فكأنها ما وصل إليه الفلاسفة الأوائل من نتائج – لقد كانت الشمس الاختبار الأخير ، فلما أفلت هذه الشمس أيقن إبراهيم أن الله واحد ليس كمثله شيء ، فإن تكن هذه الشمس العظيمة يتبدل حالها ، فكم يكون عظيما خالقها و مسيرها في مسارها ، بل هو خالق كل شيء ، الذي فطر السماوات و الأرض ، فقرر إبراهيم على هذا أن ما يفعله قومه ضلال في ضلال ، و أسلم أمره لفاطر السماوات و الأرض و رجا أن يهديه الله ، و قد هداه الله تعالى برحمته.إلا أن هناك تفسيرا آخر ، فقد قال ابن كثير إن ابراهيم كان يناظر قومه في هذه الآيات ، و قال الطاهر ابن عاشور إن ابراهيم "أراد استدراج قومه فابتدأ بإظهار أنه لا يرى تعدد الآلهة ليصل بهم إلى التوحيد و استبقى واحدا من معبوداتهم ففرض استحقاقه الألوهية كيلا ينفروا من الإصغاء إلى استدلاله" ، و قال سيد قطب إن إبراهيم بهذا "كان يقيم الحجة على قومه حول الوحدانية و ينقض ألهوية غير الله" ، فهو قد هداه الله من قبل ، و لكن ليهدي قومه أخذهم إلى النظر و التأمل في خلق الله ، أراد أن يجعلهم يفكرون ، ليعلموا ما في داخلهم من فطرة ، فيكون من السهل عليهم تقبل ما يدعوهم إليه.

و هذا التفسير الثاني لا يناقض الأول ، بل إنه لأقوى في الدلالة ، إننا نرى ابراهيم عليه السلام معلما ، يقود قومه إلى الهدي بإقناع عقولهم ، بتشغيل هذه العقول فيما هي مؤهلة له ، و هو النظر في خلق الله ، فإذا ما رأت دلائل الوحدانية و الربوبية ، صار قبول الدعوة سهلا إذ لما أن يتم الكشف عن الفطرة ، و إزالة ما علاها من ران ، تكون الدعوة أكثر تأثيرا.إن إبراهيم عليه السلام لم يفعل ما فعله فلاسفة الإغريق ، فيعتمد على عقله للهداية بل أيقن أنه غير قادر على هداية نفسه بنفسه ، و قرر أنه لإن لم يهده الله فسيكونن من الضالين ، أو أنه قد هداه الله من قبل ، فلما أراد أن يهدي قومه ، أخذهم إلى استخدام عقولهم ، و حاول تذكيرهم ، لم يخبرهم بما يعلمه ، و لكن سار بهم في طريق الوصول إلى العلم ، و هذا طريق يبدأ بالنظر و التأمل ، ثم يسير تحت قيادة رسول من الله.

محمد صلى الله عليه و سلم في الغار

و تروي لنا سيرة رسولنا الكريم ، صلى الله عليه و سلم أنه كان يمضي شهر رمضان يتحنث ، في غار حراء ، و ما ذلك إلا نفس ما كان مع أبيه إبراهيم عليهما السلام ، التأمل في ملكوت السموات و الأرض ، إلا أن القرآن لم يحدثنا إلا بآية واحدة عن هذا ، في سورة الضحى: و وجدك ضلا فهدى"..و ما الضلال إلا البحث ، فالفطرة دفعته صلى الله عليه و سلم و الله هداه و اصطفاه ، فما كان منه إلا أن تأمل في السماوات و الأرض ، لعله أن يهتدي إلى ما هو حق ، بعدما قد حال الله بينه و بين ما يصنع قومه ، و هو لم يهتد إلا أن هداه الله ، بالوحي ، لا بعقله و حسب ، و لكن البحث يبدأ بالعقل ، و الهدى هدى الله ، قد كان محمد كريما عند ربه ليهديه كما هدى ابراهيم من قبل ، و لكنه لأنه الرسول الخاتم الذي ستبدأ رسالته بأمر " اقرأ " ، و الذي معجزته كتاب ، فقد علمه الله تعالى بالتجربة ، فقدر له أن يتفكر ، و فينقطع شهرا عن الدنيا متأملا ، باحثا عن الفطرة في داخله ، صلى الله عليه و سلم ، و ياله من إكرام ، قد كان ابراهيم معلم قومه ، و لكن محمدا كان الله معلمه ، ليعلم الدنيا كلها فيما بعد.

و قد صور القرآن حال ابراهيم ، و تدرج نظره في الكون ، بينما ليس في القرآن وصف لحال محمد صلى الله عليه و سلم ، ليس هناك ما يشير إلى كيف نفر مما كان يصنع المكيون ، و لا إلى ما كان يبغيه من اعتكافه ، ليس هناك أي وصف لما كان يدور في رأسه صلى الله عليه و سلم ، ليس إلا تلك الآية الموجزة " و وجدك ضالا فهدى" ، فليكن أي ضلال يمكن أن تخترعه عقول البشر ، و لسوف يكون طريق الهدى واحدا فقط.

من سورة الغاشية

سورة الغاشية بأكملها تلخص هذه الحال ، تلخص كيفية الاهتداء إلى صراط الله المستقيم ، و دور العقل في هذا ، السورة مقسمة إلى أقسام ثلاثة ، فالأول فيه المصير ، و هو إما الجنة و إما النار:

"هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3) تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً (4) تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (5) لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ (6) لا يُسْمِنُ وَ لا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (7) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (8) لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (9) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (10) لا تَسْمَعُ فِيهَا لاغِيَةً (11) فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ (12) فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (13) وَ أَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ (14) وَ نَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15) وَ زَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (16)"


و الثاني فيه دور العقل في الاهتداء إلى هذا المصير ، إما جنة و إما نار:

"أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَ إِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَ إِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَ إِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20)"

فدور العقل هو التفكر و التأمل ، في كل المخلوقات ، في السماء و في الأرض و فيما بينهما ، لأن هذا هو ما يرشد إلى الله تعالى و يساعد على التجاوب مع إيحاءات الفطرة التي في داخلنا ، و بالتالي إعداد النفس لتقبل دعوة الرسل ، و تحسس مواقع الزلل ، و هي ما لا يتناسب مع هذه الفطرة ، و هذا كان هو ما فعله إبراهيم و محمد عليهما الصلاة و السلام ، و ما حاوله المفكرون و الفلاسفة على مر العصور بدرجات متفاوتة من النجاح أو الضلال ، أما ما بعد التفكر و الاستعداد فهو الاستماع للرسول ، الذي سيبلغنا رسالة ربنا إلينا ، لنعلم كنه هذه الفطرة ، و لنتذكر كيف كانت ، و علام احتوت ، و هنا يأتي الجزء الثالث من السورة يقول مخاطبا رسول الله عليه الصلاة و السلام ، و موضحا أيضا دور الرسول:

" فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21)"

ما عليه إلا هذا ، و الله من ورائه ناصره و معينه ، و من شاء فليتبع الرسول و من أبى فله شأنه مع الله تعالى ، و الله سبحانه و تعالى يحذر في ختام هذا الجزء الأخير من لسورة ، فليس إرسال الرسول من الله ليكون لنا أن نقبل أو نرفض ، فالطاعة هي الواجبة بحكم الفطرة السليمة ، و لكن من يصر فإن التحذير له ، فليس الرسول بمكره أحدا على اتباعه و لكن من لا يتبعه فله من الله العذاب الأكبر ، و لن يحاسبه و يعاقبه إلا الله تعالى:

"فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ (22) إِلاَّ مَنْ تَوَلَّى وَ كَفَرَ (23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأَكْبَرَ (24) إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (26)" ... فليفكر صاحب العقل الآن هل يستطيع احتمال هذا ...

و من روعة التعبير القرأني استخدام لفظ الغاشية فالسورة ترهب الناس من الساعة القادمة التي ستغشى عقولهم فلا يدرون ما يفعلون ، فلن تنفعهم تلك العقول ، لن ينفع إلى ما خلقه الله فيهم من فطرة ، و لن يحميهم إلا أن يتبعوا الرسول المرسل من عند الله ، و سبب وقوعهم في ذلك هو أنهم قد استمرأوا أن يغشى على عقولهم و أن يعلو الران على قلوبهم في هذه الدنيا ، فينكرون الله الذي هم يعرفونه ، و لا يذكرون شهادتهم على أنفسهم بأنه ربهم ، و ذلك رغم الآيات من حولهم في السماء و الأرض ، و رغم الرسول بلغ الأمانة و أداها

.إن الله قد أعد كل شئ ليهدي إليه بدءا بخواطر النفوس و انتهاءً بإرسال الرسل ، و بالأرض المليئة بالآيات ، و بالسموات و المجرات ..... ولا ننسى أيضا الحكمة البالغة في نزول آدم الأرض بعد مكوثه بالجنة ، هذه وحدها تكفي رادعا عن المعصية ناهيك عن الكفر .. لو أننا نتذكر.

خلق البشر

لقد وصل بنا الحديث القرآني حتى الآن إلى أول ذكر لقصة خلق آدم في سورة البقرة ، إذ بعد التقديم الذي مر بنا ، نجد بدأ خلق آدم و هو أول حدث في تاريخ البشر ، فهذا إذن محله في كتاب الله الذي نقرأه ، و بجانب رواية ذلك الحدث ذلك نجد الحكمة البليغة التي لو وعاها أحد ، ما استطاع شيطان إليه من سبيل ، و هي بينة تماما لا غموض فيها ، تدحض حجج كل مكابر لم يتعظ بتاريخ الفلسفة : إلا إنها التجربة العملية.

أراد ربنا أن يخلق البشر ، أراد الله جلت حكمته أن يخلق كائنا لعمارة كوكب هو كوكب الأرض ، و إقامة الحياة فيه عبادة لله سبحانه و تعالى ، و كان المخلوق آدم ، خلقه الله من الطين ثم جعل فيه الروح و العقل و بقية الحواس ، و أسكنه الجنة مع حواء التي خلقها منه و جعلها زوجا له يسكن إليها.و كان الله سبحانه و تعالى قد أعلن ملائكته بذلك المخلوق فأبدوا الدهشة مما سيأتي به المخلوق الأرضي من شرور ، و رد الله سبحانه قولهم بأنه يعلم ما لا يعلمون ، و قد لا يكون هذا ردا على سؤال إنما هو يصلح كختام لحوار ، فقد يخبر الله الملائكة بالخليفة الذي سيتولى شأن عمارة الأرض ، و يبين لهم صفاته كأن يكون له العقل و الإرادة اللذين يكون بهما قادرا على الاختيار و أن من البشر من سيختار الكفر و يسبب في الأرض المفاسد و الشرور ، و قد أثار هذا الملائكة الذين لا يمكنهم تصور أن يكفر مخلوق و يجحد خالقه ، و لذا يبدو في سؤالهم العجب و الحيرة : " أتجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء " ..

وفي آية أخرى من سورة أخرى يقول إبليس لله تعالي "قال أنظرني إلى يوم يبعثون .. " أي أن إبليس يعلم بالبعث ، فلابد أن الله تعالى أخبر الملائكة و من معهم بحال البشر ، و ما سيقع لهم و منهم و من هنا كان تعجبهم ... و لكن الرد حاسم للملائكة و لنا أيضا : " قال إني أعلم ما لا تعلمون ". .. و أراد الله أن يكون نزول آدم الأرض بعد زلة يقع فيها ، و كأن زلته هي السبب رغم أن نزوله كان مقدرا و لهذا خلقه الله " .... إني جاعل في الأرض خليفة ..." و " هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا " ... فقد خلقنا من أجل الأرض و خلق الأرض من أجلنا ، فما الحكمة كون النزول للأرض مرتبطا بهذه الحادثة؟ ..

الحكمة الأولى

لعل الحكمة هي أن يدرك آدم و يعرف حقا ضرورة طاعة الله و يجرب بالفعل ما يكون في المعصية .. يجرب بالفعل عقاب الله على المعصية ، و إن لم يعلم من قبل لماذا نهي عن الشجرة ، و لعلها فقط كانت محل الدرس ، أما ما يحتاج المعرفة فهو أن طاعة الله واجبة بلا جدال ، فإذا سئل آدم من بعدها : ألله مستحق للعبادة ؟ .. سيكون رده من واقع ما رأى من نعيم الجنة و لطف الله و رحمته التي بهما أعد لخلقه ما أعد من نعم تنتظرهم في جنته .. سيكون رده قائما على مقارنته بين نعيم الجنة و شقاء الأرض بناء على أنه قد أخرج من الجنة إلى هذا الشقاء بعد معصية ، و سوف لن يستطيع شيطان أن يغوي آدم عن عبادة الله بعدما جرب أن يمد يده إلى ما نهي عنه و عوقب ، إنه ليس الترهيب من عقاب الله و حسب ، و لكنه رأى بعينه و جرب النعيم و جرب العقاب ، تجربة عملية ..

و لعل في هذا الفهم لحادثة الأكل من الشجرة ، ردا مناسبا يضاف إلى ما قاله ابن كثير في البداية و النهاية عندما أورد حديث احتجاج آدم وموسى عليهما السلام ، و في هذا الحديث المروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال "حاج موسى آدم عليهما السلام ، فقال له أنت الذي أخرجت الناس بذنبك من الجنة و أشقيتهم ، قال آدم يا موسى ، أنت الذي اصطفاك الله برسالاته و بكلامه ، أتلومني على أمر قد كتبه الله على قبل أن يخلقني ... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحج آدم موسى" ، و لكن ابن كثير قد نبه من أن هناك من استغل هذا الحديث بحيث يمكن أن كل مجرم أو مذنب قد يحتج به على أن الذنب و الإثم قد كتبا و قدرا عليه من قبل ، فلا يكون ملوما بإثمه و لا يكون عليه من قصاص أو عقاب ، الأمر الذي يفضي إلى لوازم فظيعة ، كما قال ابن كثير ، و قد قال أيضا إن العلماء قد قالوا ردا على هذا ، بأن جواب آدم إنما كان احتجاجا بالقدر على المصيبة لا على المعصية ، أي أن آدم قد اعترف أنه قد عصى الله سبحانه و تعالى ، و قد تاب الله عليه و اجتباه ، و هذه حادثة ، أما نزول الأرض فهو حادثة أخرى ، فهو مقدر و ليس بسبب المعصية و لا يلام آدم على أن الله قد خلقه للأرض ، فقد كان هو الغرض من خلقه ، و آدم لم يقل إنه غير ملوم في معصيته بل قد أقر و طاب المغفرة من الله و نالها ، و قد تاب عليه الله تعالى بنص الآية "فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم" ،

و هكذا لا يكون لموسى أن يلومه ، و تكون حجة آدم أقوى أمام لوم موسى له ، عليهما السلام ، .. و إن يكن نزوله الأرضَ مترتبا على زلة ما منه ، فلابد أن لهذا حكمةً ما ، و ما هي هذه الحكمة التي قدرها الله للبشر ، إلا أن تكون التجربة العملية التي يجربون فيها أن في معصية الله الشقاءَ و العذابَ و الهوانَ ... فيها الفرق ما بين لجنة و بين الأرض و ما فيهما.أولئك الذين لا يؤمنون بالله و لا بالجنة أو النار : ألم ير جدهم الأول ذلك بعينه ! .. لقد رأي ، علم أن وعد الله حق ، و وعيده كذلك ، لقد جرب أن يخالف أمر الله ، و نال العقاب فعلا ، عقابا مباشرا ، و ليس مجرد حادث ، يمكن تفسيره على أنه عقاب ... غير أنه النسيان ، يقود البشر نحو ما لا يعرفون .. و لعل هذا مما أراد الله أن يشير إليه عندما أمر الرسول أن " ذكر فإنما أنت مذكر " .. و قد قال الشاعر:

يا ناظراً يرنو بعيني راقد و مشاهداً للأمر غير مشاهد
تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي درج الجنان ونيل فوز العابد
أنسيت ربك حين أخرج آدما منها إلى الدنيا بذنب واحد

و إن كان الخروج من الجنة ليس بسبب الذنب و لكنه جاء بعد الذنب ليتعلم البشر ما في المعصية من خطر .

أليس عجيبا بعد ذلك أن يوجد الكفر .. لقد كان أبناء آدم معه ، و لقد حكى لهم ، و حكوا هم لأبنائهم ، حكوه بأن قالوا شيئا مثل إن أبانا قد عاش في الجنة ، فلما لم يطع الله في نهي نهاه عنه ، عاقبه الله سبحانه بأن أخرجه من نعيم الجنة ، إلى شقاء هذه الأرض ... فلنعش يا بني آملين في العودة إلى النعيم ، و لا سبيل إلى هذا إلا سبيل الله ، فاعتصموا بحبل الله و أطيعوه لتعودوا يا بني آدم إلى الجنة .... ولكن الحكاية انقطعت لأمر ما و عاد الناس يفكرون و يسألون: هل لو عصينا سيكون عقاب ..؟

و لقد أغرق الله الأرض في عهد نوح و لم يبق إلا من آمن معه و تم محق الكافرين ، و أتى على الأرض يوم جديد و هي مؤمنة خالصة ، قد شهدت جبروت الخالق و علمت قدرته و علمت استحقاقه العبادة ، و لكن أيضا انقطعت الحكاية و أغويت بعض النفوس و نبت الكفر من جديد .. فما الذي ينفع البشر بعد التجربة العملية ، و هل هناك أقوى من التجربة العملية من عظة

.إن طريق الهدي يحتاج ساقين للسير فيه: استخدام و العقل ، و اتباع الرسول .. فمن هو الذي يستطيع المشي بساق واحدة حتى تقوم الساعة ، مواجها شياطين الإنس و الجن من حوله ..

من هو؟

===============================================

الطريق الى الله - ايمن يونس

(3/20/2006 11:00:46 AM)

إن طريق الهدي يحتاج ساقين للسير فيه: التفكر و العقل وكلاهما يطلب الله منا ان نستخدمهما فى القران ويامرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بهما فى سنته المطهرة والاحاديث فى هذا السياق كثيرة والمواقف اكثرفمن يدعى ان الاسلام لا يستخدم العقل لا يعلم عن الاسلام شيئا

اشكرك بشدة على مقالك يا استاذ مجدى
===============================================

ماهية العقل - حسن عبد اللطيف

(3/20/2006 11:40:13 PM)

لأستاذ الفاضل د / مجدى هلال
ذكرنى مقالك بسلسلة مناقشات دارت بينى وبين أخ غائب اسمه يوسف المصرى – كان متخصصا فى أبحاث البيولوجيا ومقيما فى أمريكا – وكانت تلك المناقشات بينى وبينه قبل أن ينقلب على ويتعقبنى بالتهكم والسخرية لأنى هاجمت فكرة الخلافة – وأخذ يتهمنى بأنى أعيش من العمل فى محلات دونكن دونتس – كررها مئات المرات - ولا أدرى لماذا التركيز على ذلك المكان بالتحديد وليس فى ماكدونالدز مثلا أو ايجى أو فرايز أو سيف واى أو حتى وان دولار .. اشمعنى دونكن دونتس – العلم عند الله وحده ,,المهم أن هذا الأخ طيب الذكر دخل معى فى نقاش ذات ليلة حول ماهية العقل .. ولم تتم المناقشة فى هذا الموضوع لنهايتها – برغم اهميتها الظاهرة – وقد أهاج مقالك هذا عندى هذه التساؤلات من جديد ..

لذا دعنى أسألك عن ماهية العقل من وجهة نظرك .. ما هو العقل ؟سأنقل لك فى اختصار وجهة نظرى المتواضعة التى كنت أتمنى أن أوصلها ليوسف وهى على النحو الآتى:من سنن الله فى الكائنات أن يغرس فى الكائن غريزة حب البقاء والتمسك بالحياه والإفلات المحموم من الهلاك بكل السبل. وهذه هى أشد أنواع الغرائز على الإطلاق..وقد ظهرت تلك الغريزة فى ألوان من التكيف البيئى تذهل لبراعتها وجمالها وتعقيدها العقول .. وأبسط وأشهر الأمثلة يمكن أن نجدها مثلا فى تلون أجنحة الفراشات أو جلود الزواحف والبرمائيات تبعا للون البيئة .. ونمو الشعر الكثيف على أجسام حيوانات المناطق العظيمة البرودة وغير ذلك من عشرات ومئات وملايين الأمثلة الكثيرة فى مملكة الأحياء ..وإذا كان الانسان قد قطع مسيرة حياه هائلة شق خلالها طريقه فى الماضى الأرضى الرهيب عبر ملايين السنين حسبما تشير الى ذلك أعمار الحفريات ..

وإذا كان هذا الانسان اليوم هو أرقى الكائنات خلقة وتكوينا على الإطلاق - وإذا كان مع ذلك غير قادر على التحور والتكيف مع البيئة بالأساليب البدائية المتنوعة التى تملكها الكائنات الأخرى – فذلك يعنى أن العقل ( وأعنى به أداة التفكير واصطناع الحيل ) قد كفاه تلك الأساليب جميعا وحل محلها بكل كفاءة واقتدار بشكل يزداد تطورا وتعقيدا عبر الحقب والدهور ..أعنى أن العقل ( أو أداة اصطناع الحيلة عند الانسان ) هو الذى ينجو به الانسان من عوامل الهلاك وألوان التهديد المختلفة ( من حر وبرد وجوع وجفاف وخوف وحيوانات مفترسة وكل ما يخطر على البال من ألوان الخطر وتهديد البقاء .. ).تلك عندى هى الوظيفة البدائية للعقل – باعتباره امتداد للآليات الفسيولوجية المختلفة للنجاة من الهلاك التى تعرفها شتى الكائنات الدنيا الأخرى .فهل جعل الله من العقل ( تلك الآلية المكلفة بحفظ الحياه والفرار من الهلاك ) آلية للانسان تعينه فى البحث عن الخالق أيضا .. ؟اننى لا أظن أن التاريخ البشرى ينتهى عند حدود العشرة آلاف سنة الأخيرة التى شهدت ظهور المجتمعات وبدايات الحضارات ..

اذ أن الأمر يمتد فى عمق ظلمات الماضى مئات الآلاف من السنين – لم يكن العقل خلالها على صورته الحالية من النضج والرقى .. لذلك يجب علينا عند الحديث عن العقل أن نأخذ فى اعتبارنا مسيرة شاقة دامت ما يقرب من مليونين من الأعوام طبقا لمكتشفات علوم الانسان وأهل التنقيب عن الحفريات البشرية الموغلة فى القدم..

========================================

في ماهية العقل
مجدي هلال

(3/21/2006 3:34:46 AM)

أولا لابد ان صديقك يا صديقي حسن يقول لك دنكن دونتس لأن الكلمة ثقيلة مثير للضحك و توحي مع هذا بشيئ غامض لا أول له و لا آخر و لا شكل محدد .. هذا هو انطباعي ، و لذلك أنا لا أحب هذا المكان كثيرا ..

ثانيا إذا كنت تجد أن الإنسان لا يستطيع التكيف مع البيئة بنفس أسلوب الكائنات الأخري ، فإنني أفسر هذا بأن الإنسان لا يدخل في السلسلة التطورية التي قال بها دروين ، بل هو نوع مستقل ، خلق و لم يكن تطورا .. و على ذلك فلا دليل على القول إن العقل تطور و إنه لم يكن على صورته الحالية من النضج و الرقي .. لا دليل على هذا ، بل هناك قوله تعالى في أول سورة البقرة "و علم آدم الأسماء كلها" .. أي أن آدم و هو أول البشر كان عاقلا و تعلم كل الأشياء ... بل إنه كان مكلفا بأوامر و نواهي .. أي أن العقل كان هو العقل ، و الفرق فقط بيننا و بين الجيل الماضي هو في كم المعارف و في الخبرات المتراكمة التي نرثها عمن سبقوا ، لا في قدرات العقل ..

و قد خلق الله العقل لأننا المكلفون بالخلافة في الأرض ، فنحتاج أن نراكم الخبرات و نكتشف كيف نستفيد مما سخر الله لنا ، أما أن الوظيفة البدئية هي حفظ الحياة و النجاة من الهلاك ، فربما يكون صحيحا ، و لكن الأصح عندي هو أن حفظ الحياة وظيفة جانبية لأن الوظيفة الأسسية هي القيام بمسئوليات الخلافة في الأرض إرضاء لله الخلق ، و هذا يستوجب أن نحافظ على الحياة ، لأننا إن متنا لا يمكننا القيام بهذه الخلافة ، أي أن حفظ الحياة وسيلة و ليس هدفا ، و ما يجعلها هدفا هو أنها لابد منها للقام بالخلافة ، كما أن الخالق نهى أشد النهاية عن التخلص من الحياة بأي شكل كان سواء عمدا أو بالإهمال و اللامبالاة

فالعقل إذن هو الأداة التي نقوم بها بمهمتنا في الأرض ، و على هذا لأساس يمكن تعريفه ... الأمر الأهم هو كيف نستخدمه ، و كيف نجعله تحت سيطرتنا لا تحت سيطرة الهوى غير المعقول و لا إبليس ...و من أجل هذه السيطرة فقد وردت في كتاب الله كثير من الآيات التي تشير إلى حالات استخدم العقل ، على سبيل الأمثلة ، و الأطر التي يكون فيها استخدامه ، و هذا ما أظن ..

و كما قال الأخ أيمن يونس ، إن من يقول إن الإسلام لا يستخدم العقل لا يعلم عنه شيئا ، فإن في المشهد الأول من القرآن الكرين نجد العقل حاضرا ... "و علم آدم الأسماء كلها" ، و على مدى الرحلة مع الكتاب الكريم نجد العقل في كل محل ، لمن له عقل أو ألقى السمع و هو شهيد ..
تحياتي

الاثنين، مارس 20، 2006

هل مصر عربية ؟

مرة أخرى وجدتني مضطرا للكلام في موضوع بينما لا أستطيع فهم الفائدة منه ، في حين أن الضرر منه متحقق و أكيد ، و لكن البعض لا يجد ما يفعله إلا إثارة البلبلة و الاضطرابات ، بحجة أنها حرية ، و أن كل شيئ يجب أن يكون محل نقد ... إن كان لدى هؤلاء القدرة على النقد و التفسير و اكتشاف ما هو خاف من أمور ، فلماذا لا يعملون من أجل المستقبل ، بدلا من العمل على هدم ما هو قائم .. لماذا يريد أحدهم أن يهدم البيت الذي نعيش فيه ، لأنه لا يحبه ، أليس الأجدر به أن يذهب فيبني بيتا جديدا بالشكل الذي يحبه و يدعو الناس إليه ، فيرى هل سيذهبون أم سيبقون في نفس البيت القديم ... إن محاولتهم هدم القديم لا تعني إلا عجزهم عن تقديم ما يمكن أن يكون أفضل منه.
و قد كتب أحد الكتاب الذي كنت أحب القراءة له ، مقالا يسأل فيه هل مصر عربية حقا ، و نشر المقال في "شباب مصر" ، و كان مقالا مستفزا ، لأنه لم يكن في الأساس يقصد عروبة مصر ، و لكنه كان محاولة لا تخلو من خبث للنيل من سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و وجدتني مضطرا للكلام عن عروبة مصر ، و لكن كان لابد من تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية ، و هو ما ظننت أنني فعلته في المقال التالي الذي نشر أيضا في شباب مصر في اليوم التالي


أعتقد أن العامل الأكبر في دفع البعض لمثل هذا التساؤل ، هو الحالة المزرية للعرب و السمعة غير الطيبة لهم ، فيود الواحد لو أنه ليس من
هؤلاء .. و لكني أكره من نفسي أن أفكر بهذا الأسلوب ... هل إذا قلنا إن مصر ليست عربية فسوف نصبح غدا و نقول إنه لا شأن لنا بمايحدث للفلسطينين أو العراقيين أو في السودان؟ .. هل هذا هو الغرض من التفكير في هذا الأمر؟

ولا أدري ما دور الدين في كلام من يتكلمون في هذا الأمر .. فهل العربي هو المسلم أو هل العروبة هي الإسلام .. في الحقيقة إن القرار سواء كان بأن مصر عربية أو غير عربية لن يغير أي شيء من دور الدين في حياتنا ... لن يغير أن شيئ أبدا !!

و ربما الفكرة هي أن سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم هي انعكاس لحياة العرب في الجزيرة العربية ، فإذا قلنا إننا لسنا عربا ، فسوف نبدأ بعدها في القول إن لنا حياة مختلفة و بالتالي لا يجب أن ننظر في كتب السنة .. هذا تفسير آخر لإثارة فكرة هوية مصر ...

ما هو الشيئ السلبي الذي تفعله كلمة العربية في اسم الدولة المصرية ؟ .. لا أعرف.

.إن أوروبا وجدت أنها ستكون أفضل كلما تقاربت في كيان واحد .. و نحن بيننا من يريد عكس هذا ... المشكلة هي أنهم في أوروبا ، و أفضل حالا منا ... فهل لو كان العرب أحسن حالا فهل كن سنفكر في هذا الأمر ؟ .. أما كان الواحد سوف يتغنى بعروبته و يفخر بهذا الإنتماء .. ربما كان هذا هو الاحتمال الثالث.

إنك إن تسأل مصريا عن مصر تجده يقول إنها أحسن بلد رغم ما فيها ، و لا أدري كم منكم قد رأى ركاب طائرة عندما تهبط في مطار القاهرة ، فإذا الركاب المصريين يصفقون فرحا ... و لكن في الغالب فإن المصري الذي تسأله ذلك السؤال يصعب عليه أن يقدم مبررات عن سبب حبه لها (باستثناء أنها أمه !!!!) .. و لكن إن تتحدث مع أمريكي ولد و عاش في أمريكا فإنه يقول هذه أرض الفرص و الحرية .. هذه أرض السمن و العسل ... أين تجد حياة أفضل من هذا .. أي أنه لا يقول إن أمريكا هي أمي ، و لكنه يحدثك عن الحيثيات ، و يمكنه أن يشير إلى ملامح الرخاء من حوله ، بل و يمكنه أن يقول لك كيف أنه بالفعل يحصل على نصيبه منه و كيف أن المستقبل مشرق أمامه ..

لو أن مصر أحسن حالا لكان التفكير مختلفا ، و لو أن العرب بالجملة أحسن حالا لكان التفكير مختلفا ... و قد تعلمنا في مصر أن الإنسان الحق هو الذي يثبت معك في وقت الشدة ... و نحن نعيش زمن الشدة و قد بدأ البعض يتساقط ..

و قد قلت من فبل و مازلت أري أن تداخل درجات الهوية هو واقع يفرضه اختيار العقل الجمعي لشعب من الشعوب ، بناءا على حركة التاريخ ، أثناء محاولة هذا العقل الجمعي أن يتخير الأفضل لهذا الشعب ، و هذه الدرجات تخلق منظومة مترابطة بشدة ، ليس من الحكمة خلخلتها ، بسبب ظروف طارئة كمثل ظروفنا الحالية ، فإن الاختيارات التي تتم من موقع القوة هي الاختيارات الحقيقية ، لا الاختيارات التي تضطرنا إليها العوامل الخارجية المعادية و الداخلية الفاسدة المستبدة ، التي نعيش فيها حاليا .. و قد اختار المصريون منذ عهد طويل عندما كانوا يملكون القدرة على تحديد مصائرهم ، بينما نحن الآن لسنا في الحقيقة أحرارا ..

أليس الأجدر أن نفكر كيف نصلح من أحوال نظام الحكم في مصر ، و نقاوم الفساد ، و نعلّم الناس أن لهم حقوقا منهوبة بين أيدي أصحاب السلطة .. أليس هذا أولى من أن نقوم بين الناس و نقول لهم إنكم مصريون لا عرب ... ماذا سيفعلون بهذا .. إننا مازلنا نشجع الفريق القومي المصري في المباريات ، فما هي المشكلة إذن .. و نحن ندفع الضرائب للحكومة المصرية (رغم أنها فاسدة) .. فما الأزمة؟ ...

و ليت الأستاذ حسن عبد اللطيف الذي كتب المقال الأخير يقول ما الذي سيحدث عندما يتم إحداث التطهير الجذري و الشامل لكل مظاهر الفساد و الرجعية و الجهل السياسى و الإدارى و الدينى بحيث يشعر الناس بالعدالة و الأمن والكرامة – و لن يحقق ذلك سوى مجتمع مدنى ديمقراطى حر .. على حد تعبيره ...

حبذا لو نجعل من هذه أول أولوياتنا .. لكن هل يبدأ ذلك بأن نكون جمهورية مصر لا جمهورية مصر العربية ... أري أن هناك اختلاطا خطيرا للأولويات في أفكارنا ..و لكن يبدو أن الهدف هو التخلص من الوجود القوي للدين في حياتنا ، بدليل قوله "مجتمع مدنى ديمقراطى حر" ، و أنا لا أرى أن الدين ضد الديمقراطية أو المدنية أو الحرية ... فليكن الكلام أوضح من هذا إذا كان عن الدين ، لا يجب أن يخشى أحد من التصريح بما يفكر فيه إذا كان لديه المنطق ، من لا يملك المنطق للدفاع عما يقول هو الذي يخاف ....

و لكن إن كان الهدف من هذا التفكير حقا هو إلغاء كلمة العربية من اسم الدولة ، فإن هناك حاجة للمزيد من التفاصيل ، فكل ما قيل هو مجرد عناوين ، و أريد أن أعرف ما الذي يجب عمله ، أريد شرحا للوضع القائم مع وجود كلمة العربية ، ثم شرحا للوضع الذي سيقوم بعد أن نصبح حمهورية مصر غير العربية .. و ليت هذا الشرح يتضمن شيئا من الأمثلة عن سلوكيات الأفراد المصريين عندما يقوم الوضع الجديد

=======================
و لقد جاءت تعليقات على هذا المقال و رددت أنا عليهم ، و هذه هي التعليقات ، و هي مازالت مفتوحة للمزيد لمن يريد أن يضيف إلينا ما يراه

ثساؤل ( هل مصر عربيه ام افريقيه ام بحر ؟
عشري محمد عبد الجليل
(3/7/2006 12:08:32 PM)
الاخ الفاضل / مجدي محرم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اعتقد ببساطه ان مصر عربيه افريقيه بحر متوسطيه . فهي كائن بارادة الله وبحكم موقعها الجغرافي يخمل الصفات الثلاث . فما الداعي لان تكون عربيه فقط .تلك واحده الاخري ارجوك لاتحملنا وزر الجحود للعرب فلقد جحدونا كثيرا وفي احلك الاوقات واستعبدونا في بلادهم ونسوا اننا عرب او مسلمين . والامثله كثيره فالعامل المصري في اي من دول الخليج اقل اجرا واحتراما .لقد استغلوا حاجتنا للعيش وفقرنا اسوا اسغلال . ويحدث دلك وبالرغم من دلك لم نتخلي عنهم في اوقات العسره لا اري ان تكون مصر هي مصر فقط ففرنسا لم يتغير اسمها ولا المانيابرغم كونهم احد الاعمده الاساسيه في الاتحاد الاوربي . اما حكاية ان مصر هي امي فهي كلمة حق فليس اغلي من الام تعبيرا عن الانتماء الروحي والمادي وادا كان البعض يعق امه فالعيب فيه وليس في التعبير . شكرا لسعة صدركم

===========================================
لماذا؟
إخناتون
(3/7/2006 1:55:41 PM)
لماذا اعتبرت يا استاذ مجدي دعوة حسن عبد اللطيف الي إحداث التطهير الجذري و الشامل لكل مظاهر الفساد و الرجعية و الجهل السياسى و الإدارى و الدينى بحيث يشعر الناس بالعدالة و الأمن والكرامة – و لن يحقق ذلك سوى مجتمع مدنى ديمقراطى حر .. دعوة ضد الدين وماذا أوحي اليك بذلك ؟طلاقا أما عن المقارنة بالاتحاد الاوروبي .. ألا تري يا أخي أن فرنسا او المانيا لم يتخلي أي منها عن الخصوصية الثقافية والحضارية ,, وأن الاتحاد الاوروبي هو تجمع مصالح .. له شوط من نظام الحكم الي نظام الاقتصاد .. ولا يوجد ما يمنه أن تفعل مصر وكل دول المنطقة ذلك مع حفاظ كل دولة بخصوصيتها الثقافية والحضارية .. ولا يكون هذا الاتحاد علي حساب أي دولة ..لماذا دائما الدعوة الي الاعتزاز بمصر التي فعلا هي أم لكل مواطنيها يعتبره البعض دعوة ضد الدين ..ما هو الوطن ؟ اليس هو ملاذ جميع مواطنيه سواء منه المسلم أو غي المسلم أو من لا يؤمن حتي بأي دين ..لماذا يجب اختزال الوطن في الدين .. إن أي دين لم يكن أبدا لمجموعة معينة من البشر .. الاسلام لم يكن أبدا فقط للعرب والمسيحية لم تكن ابدا فقط للأوروبيين ..لماذا نقاوم دائما الدعوة أن يكون الدين لله والوطن للجميع .. الدين لله ومصر لجميع مواطنيها .. لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات .. لماذا لا تستطيع أن تعي أن هذا الأمر هو الذي يجعلك تستمر في الحياة في أمريكا .. فلماذا تريد أن تحرمنا منه .. فليعبد اي منا الله كما يريد فلله عاقبة الأمور .. أما علي الارض .. علي تراب الوطن فليكن لنا حقوقا متساوية ويحكمنا قانون واحد لا يتعارض مع اي دين ولا مع الاخلاق ولا مع حقوق الانسان ..ماهي الصعوبة في استيعاب ذلك ..لماذا يصر البعض علي جعل الدين عائقا أمام التطور فتكون النتيجة أن ينبذ الدين في النهاية

===============
المحترم مجدي هلال وثلاث مسائل هامة
مجدى إبراهيم محرم
(3/7/2006 2:20:28 PM)
أولا :هناك فرق بين مجدى هلال ومجدي محرم وإن كنت أتشرف به فمجدي هلال هو عالم صغير حسب تصوري وحسب قراءاتي له ودخولي إلى موقعه هذا بجانب أنه أحد الفرسان الذين لم تستطع الحضارة المادية الإمبريالية من التأثير عليه في إنتماءاته وعقيدته أما مجدي محرم هو الذي يستعد ليوم الرحيل ليسلم الراية للأستاذ المحترم مجدي هلال وإخوانه لأنهم هم القادرين على صناعة النهضة المقبلة ثانيا : عن مصر العربية إن محاولة إخراج مصر من الدائرة العربية والإسلامية يعد هدف صهيوني نشأ مع نشأت الكيان الصهيوني على أرضنا المحتلة وقد تزامن ذلك السعي مع الرغبة الجامحة لمحمد علي لتحقيق إمبراطوريته الذاتيه له ولأولادعلى أرض الكنانة وماجاورها وإرتفع صوت أحد دعاة الشعوبية والتغريب في المجتمع المصري في ذلك الوقت على رأسهم(((( سلامة موسي الذي دأب على ترويج أفكار تصادمت بشكل سافر مع منظومة قيم المجتمعين المصري والعربي في هذه الفترة كان من أخطرها دعوته إلى عدم فرض أية قيود أخلاقية على الإنسان مبررا ذلك بالقول إنه "ليس من مصلحة الإنسان أن يعيش في قفص من الواجبات الأخلاقية!!!!!"ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل كان موسى في مقدمةمن قادوا حملة شرسة لاستبدال الحروف اللاتينية باللغة العربية في مطلع القرن العشرين قائلا في كتابه "البلاغة العصرية واللغة العربية"إن "الخط اللاتيني هو وثبة في الفوز نحو المستقبل" مشيرا إلى ان اللغة العربية "ورثناها من (((((( بدو الجاهلية في عصر الناقة ))))))))))) ويراد لنا ان نتعامل بها في عصر الطائرة".كما كان سلامة موسى من أبرز من دعوا إلى إحياء النزعة الفرعونية في مصر ؟!!!!!((((( وبمشيئة الله سنتحدث عن سلامة موسي بالتفصيل وسنتناول تاريخ وكتاباته وقصاصاته لاحقا ضمن رسالتنا المفتوحة لشباب مصر والأمة ))))) وحمل الراية من بعد سلامة موسي تلاميذه الذين جاؤوا إلينا مرتدين القبعة الأوربية تارة والطاقية الصهيونية تارة أخرى على رأسهم كبيرهم طه حسين الذي كتب في كتابهمستقبل الثقافة في مصر والذي يعد قرآن اللادينيين العرب ودستورهم الأعظم لهدم مصر ليدعوا إلى مزيد من تبعية مصر للغرب تحت إسم البحر متوسطية وقد تحدثنا سابقا عن تعبير الشرق أوسطية وكيف كان الصهاينة هم أول من إبتدعوا فنقله الناقلون والحاقدون ونظّر لهذا المصطلح شيمون بيريز في كتابه الشرق الأوسط الجديد وهو يتعارض مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم((( أنا عربي فمن أحبني فقد أحب العرب ومن بغضني فقد بغض العرب ))))وقال صلى الله عليه وسلم :يا سلمان .. لا تبغضني فتفارق دينك قال سلمان الفارسي :كيف إبغضك يا رسول الله وبك هداني الله فقال عليه الصلاة والسلام :تبغض العرب فتبغضني ))))))وقال عليه الصلاة والسلام :((( لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجا وأنهارا ))) ثالثا :أما عن الديمقراطية والدين :فالديمقراطية بغير دين درب من الفوضى والجهل والعصبية وهذا هو ما يدعوا إليه ديننا حيث الديمقراطية من منظور إسلامي (((( فلا حكم مطلق للشعب إذا تنافى ذلك مع المصلحة الراجحة للأمة ولا وصاية مطلقة لحاكم إذا اختلف ذلك مع مصلحة الجموع الأصحاء الذين يمثلون وجهاء الأمة ورحم الله القائد المسلم الذي قال إذا تقدمت فاتبعوني وإذا تقهقرت فاقتلوني ))) ((((((( فالويل كل الويل للأمة التي عاقلها أبكم وقويها أعمى ومحتالها ثرثار )))))))فعندما يدعونا أفلاطون أو سقراط أو جان جاك روسو إلى القراءة فلن تكن دعوتهم كدعوة رب العالمين حينما يدعونا أن نقرأ باسم الله الخالق القدير (((( اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم ))))فلو تأملنا هذه الآيات لعلمنا خطورة خروجنا عن دائرة الخالق القادر العظيم ووحيه الذي جاءنا به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ودعوته التي لا يأتينا الباطل من بين يديه أبداأن الإسلام العظيم عرف حق الشعب وسلطة الأمة وأوربا في دياجير الظلام وهي حتى عهد قريب كانت ترزح تحت نير الديكتاتورية الظالمة والإستبداد المجحف باسم الدولة المدنية والدولة الدينية بما كانت تحمله من كهنوت وصكوك للغفران ((فالفاشية الإيطالية بقيادة موسوليني)) ((والنازية العنصرية الألمانية بقيادة هتلر)) ((والفرنسية الإستبدادية بقيادة بيتان)) ((والأسبانية الإقصائية بقيادة فرانكو)) ((والبرتغالية الغبية بقيادة سالازار))كلها أنظمة قامت باسم الديمقراطية وشربت حتى الثمالة بل وتجرعت من دماء البشرية بل أن هذه الأنظمة الإستبدادية كالنار تحت الرمادأو بتعبير آخر أن الديمقراطية تلعب دور الخرقة الحمراء في وجه الوحش الفاشي النائم بعين واحدة داخل ثقافات الغرب ولازال الوحش الغرائزي في داخل النظام الأمريكي والصهيوني البوشاروني يسيطر على العالم ويهيمن عليه بقيادة المحافظين الجددوالكل يعلم قصة الديمقراطيين على شاكلة المعارضة العراقية السابقة والتي ترعرعت بفضل أموال الاستخبارات ودخلت بغداد على ظهر الدبابات ((( وهم أنفسهم الذين كانوا أباطرة الشيوعية في بداية التسعينات ))))ولعل كثير من القرارات التي صدرت من الكونجرس الأمريكي تعد قرارات ديمقراطية استبداديةإليك يا أخي الحبيب مجدي هلال تحيتي وتقديري وإعتزازي بك وبقلمك الحر الجريء

=============================================
سلامة موسي
إخناتون
(3/7/2006 4:23:23 PM)
سلامة موسي واحمد لطفي السيد وسعد زغلول رواد عصر تنويري نحتاج ترائهم لنسترجع مصر من براثن ثقافة ورثناها من (((((( بدو الجاهلية في عصر الناقة ))))))))))) وياريت تعيد قراءة التايخ لتعرف الي من انحاز سلمان الفارسي .. الي الاسلام الحقيقي الذي ليس له علاقة بتلك الثقافة البدوية التي أورثها لنا بدو الصحراء ..إن مصر الأم في طريقها الي استعادة هويتها ومجدها ولن يستطيع أحد أن يقف في طريق هذه العودة ..صدقني الفكر البدوي الذي اضر مصر والأهم أضر الاسلام .. في طريقه الي أن يعود الي مكانه وحجمه الطبيعي حتي في وطنه الاصلي ..فكر هامشيي رجعي لا يؤمن به الا قلة ممن لا يريدون الانتقال من عصر الناقة الي عصر تكنولوجيا المعلومات .. ومصر هي من ستقود هذا التحول في هذه المنطقة .. كما هو عهدها دائما

==============================================
بوركت وبورك قلمك يا محرم
على عبد الجواد
(3/7/2006 4:59:36 PM)
كم أنت رائع يا أستاذ مجدي محرم حينما تعلق وحينما تكتب من أين لك بهذه الذخيرة والكلمات المفخخة بالحجة كم أنت رائع حينما تصف الديمقراطية :"" أو بتعبير آخر أن الديمقراطية تلعب دور الخرقة الحمراء في وجه الوحش الفاشي النائم بعين واحدة داخل ثقافات الغرب ولازال الوحش الغرائزي في داخل النظام الأمريكي والصهيوني البوشاروني يسيطر على العالم ويهيمن عليه بقيادة المحافظين الجدد""بوركت وبورك قلمك يا محرم


====================================
====================================
حول عروبة مصر
مجدي هلال
(3/7/2006 6:04:53 PM)
القول إن مصر عربيه إفريقيه بحر متوسطية هو نعم القول بل إن هناك أبعادا أخرى للشخصية المصرية أكثر من ذلك ، كل منها يزيدها ثراء و قيمة و يجعل للمصريين حيثية و احتراما بين بقية الشعوب .... كون دعوة حسن عبد اللطيف إلي "إحداث التطهير الجذري و الشامل لكل مظاهر الفساد و الرجعية و الجهل السياسي و الإداري و الديني بحيث يشعر الناس بالعدالة و الأمن والكرامة – و لن يحقق ذلك سوى مجتمع مدني ديمقراطي حر" .. دعوة ضد الدين هو غير صحيح بل لقد قلت ليت هذا يكون أول الأولويات ... و لكن ذكر الدين جاء هنا لأن حسن أميل إلى التشكك في صحة السنة ، و أحسست من كلامه أنه يتحدث عن العروبة بانتقاد كمدخل لتسهيل مهاجمة تمسك المصريين بالسنة ، و هو أسلوب لم أرتح له ... أين ان دعوته لم تقصد فقط موضوع الهوية ، و لكنه قصدت السنة النبوية ... و إني أرى أن مصر لو تحولت غدا إلى غير العروبة و لنفرض أننا بطريقة ما صرنا لا نتحدث العربية ، فالذي لن يتغير هو التدين ، فالتمسك بالسنة سيكون كما هو و ممارسة الدين ستكون كما هي .. هل يرى أحد أن مسلمي مصر أقوى إيمانا من مسلمي باكستان .. فموضوع الهوية لا صلة له بالدين و لكنه سياسي بالدرجة الأولى ... و رأي الشخصي ان الكلام فيه خطأ في مرحلة الحياة لحالية في مصر .. أما عن المقارنة بالاتحاد الأوروبي .. فإن فرنسا أو ألمانيا لم تتخليا أي منها عن الخصوصية الثقافية والحضارية ، فهذا صحيح ، و هل نحن في مصر فعلنا هذا أو حتى نفعله ، إن كل العرب ينطقون لهجتنا ، و في الفصحة نحن السهل و الأفضل ، و هو يقرأون ما نكتب ، و حدث أحدهم عن مصر لترى كيف أن مصر هي مصر .... المشكلة هي الانحطاط في مصر ، هي السقوط المدوي الذي أحدثته الحكومات الفاشلة المتوالية ، و لو أن عندنا مثل مهاتير محمد لكان لنا شأن أي شأن ..إن الدعوة إلي الاعتزاز بمصر التي فعلا هي أم لكل مواطنيها ليس دعوة ضد الدين .. و من يقول هذا لا يريد أن يرى الأمور على حقيقتها ... نعم إن الوطن هو ملاذ جميع مواطنيه سواء منه المسلم أو غير المسلم أو من لا يؤمن حتى بأي دين ..و من الذي اختزله في دين ؟ .. إن أي دين لم يكن أبدا لمجموعة معينة من البشر .. الإسلام لم يكن أبدا فقط للعرب و المسيحية لم تكن أبدا فقط للأوروبيين .... بالطبع و تلك هي الحقائق البينة كالشمس ... بل إن رسول الله جمع حوله لفارسي و الرومي و الحبشي .. أي الأسود و الأصفر و الأبيض ... كما عاش مع اليهود و تعامل معهم اجتماعيا و اقتصاديا ... أما أن الدين لله و الوطن للجميع فهي أمر محل جدال ، و لا أرى بعد أنها خالية مما يثير الشكوك ... و بالتالي يجوز أن نقاومها حتى يتثبت أنها صحيحة .. فالقائل بها يفترض أن الدين ضد من لا يدينون به و هو افتراض خاطئ .... ثم إن هذا ليس هو الذي يجعلني ستمر في الوجود في أمريكا ... فالكونجرس الأمريكي يبدأ جلساته بشعيرة دينية ... و التليفزيون الأمريكي يطل منه عدد من القنوات الدينية ليل نهار ، و المواطنين الأمريكيين يحدثونك فلا تغيب عنك أبدا فكرة الدين ... و منذ أكثر من عامين نتعثر في إقامة مسجد على أرض تم شراؤها بأموال جمعت من المسلمين هنا ... و ذلك بعدما اضطررنا لمغادرة محل آخر بسبب اعتراض البعض و افتعاله المشكلات ضد من يريدون الصلاة .... و لكن هناك تقدم يحدث ... و مع هذا فأنا لم أكره هؤلاء الناس ، و لا يزعجني أن بينهم متدينين أو من يكرهون المتدينين ، لأنني أنا أيضا أريد أن أتمسك بديني ، و لا أجد أن هذا ضد أي أحد ... و ليس كلهم نفس الشخص .. و ليس في ديني ما يدفعني لعداوتهم ... و انا عائد إلى وطني يوما ما ربما يكون قريبا .. و مصر واسعة للجميع ، و لكنه الفساد و الاستبداد يعذبنا جميعا ، فلين هو هدفنا للتخلص منه ، و عندما نكون أحررا في بلادنا و تعمنا الشفافية فسوف تنفتح نفوس الجميع من جل العمل المشترك للمستقبل الأفضل ... أما في ظلام الكبت القائم بأمر الاستبداد و الفساد ، فلا شك أننا سنتصادم كلما حاولنا لحركة .. و مع هذا فلا يجوز لأحد إن يرحل أو ينسحب ... كما قال تعالى "واعبد ربك حتى يأتيك اليقين" .

=========================================
لا أجدني أختلف معك
إخناتون
(3/7/2006 7:51:32 PM)
لا أجدني أختلف معك في تعليقك الأخير إلا في نقطة واحدة وهي أنك تحس بالشك قليلا في النوايا .. أما أكثر مالا نختلف فيه وأنا متأكد أن حسن عبد اللطيف يشاركنافي ذلك فهو قولك:و عندما نكون أحررا في بلادنا و تعمنا الشفافية فسوف تنفتح نفوس الجميع من أجل العمل المشترك للمستقبل الأفضل ..صدقني هذا ما نسعي اليه .. ما نختلف فيه مع البعض هو التفسير المنغلق الجامد للأسلام .. لا أحد ضد الاسلام الذي يحمل في بذوره التطور والحضاره ولكننا ضد مايمنع هذه البذور من الازدهار والنمو ..تحياتي

=========================================
إعتذار للعالم الشاب مجدي هلال
مجدى إبراهيم محرم
(3/7/2006 8:54:51 PM)
أولا :لامني أحدالزملاء ممن يعرفون مقصدي ويقرؤون جريدة شباب مصر بصورة يومية(( بأن يخونني التعبير )) في تعليقي بقولي عن الأستاذ مجدي هلال((((( بأنه عالم صغير )))) وكان من المفروض أن أقول أنه عالم شاب لذلك أعتذر لأخي مجدي هلال وللسادة القراء ثانيا :يبدو أن تعليقي قد أثار ثائرة أخناتون الهكسوسي فكتب يهاجم يمينا ويسارا ليسفر عن وجهه القبيح ويقول :((وياريت تعيد قراءة التايخ لتعرف الي من انحاز سلمان الفارسي .. الي الاسلام الحقيقي الذي ليس له علاقة بتلك الثقافة البدوية التي أورثها لنا بدو الصحراء .. ))أقول لك يا اخناتون أنني أعرف أعلام المسلمين جيدا ولن يعلمني الصفوف الخلفية للأعداء من هم أعلامنا !!!! وأعرف أيضاما نقله سيدك طه حسين وسلامة موسي وتلاميذهما عن الإسلام وعن سلمان الفارسي نفسه من إسرائيليات حاول أن ينتقدوا بها الإسلام ولم يقدروا على النيل منه فماتوا وبقي الإسلام حيا لا يموت ‍‍‍‍!!!!هل أكتب لك ما قاله طه حسين وتلاميذه من المتصهينين عن سلمان الفارسي !!!!عموما سوف أكتبه لك في الحلقات القادمة في السلسلة الألفية التي تحرق دمكم كلنا يا إخناتون نعلم الدور الطليعي لسلمان الفارسي بين طلائع الفرسان الإسلاميين وكلنا نعلم دوره العظيم في غزوة الخندق وللحديث بقية نظرا لإنشغالى الآن ((( أرجو من جريدة شباب مصر نشر التعليق وهذا أقل تعبير دون إساءة في الوقت الذي يصف فيه هذا الفاشل الإسلام بالثقافة البدوية التي أورثها لنا بدو الصحراء !!!

============================================
============================================
أخيرا
مجدي هلال
(3/7/2006 9:48:11 PM)
أخيرا حدث شيئ من الاتفاق ، أظنك يا سيد إخناتون مندهشا جدا من نفسك ، كيف يحدث ألا تجدك مختلفا معي (أنا أضحك بالطبع) ... و لكن كم أنا سعيد بهذا ، لأننا وجدنا ان هناك ما قد يكون أكثر أهمية .. إني أقترح أن نوجه كلامنا نحو هذا لنظام الحاكم المستبد في مصر .. لأن هذا هو ما يمكن ان يوحدنا ، و هو أيضا البدايو للتخلص من كل الأمور المثيرة للمشكلات ، لأنها ستنحل تلقائيا عندما نعيش حياة أقضل .. و للكل التحية و التقدير .. أما أنني صغير أو شاب ، لا فرق عندي ، الأهم هو اننا نفكر في بعضنا البعض ، و أن هناك من فكر في ... و إنني أشكر له ذلك ..

================================================
أخى مجدى هلال
حسن عبد اللطيف
(3/7/2006 9:53:53 PM)
الأخ الفاضل مجدى هلالالسلام عليكم ورحمة اللهكل التحية لروحك المتسائلة الباحثة عن الحق .. انها فضيلة بل فضل من الله خاصة اذا كان يصاحبها أدب حوار وسعة أفق.كل ما أشكوه – ولا تغضب منى - أننى احيانا أفتقد عندك الحماس للبحث عن المخرج !(((((((((( مخرج ))))))))))))أريد منك وقفة شجاعة لله يا أخ مجدى - تقفها بينك وبين نفسك لدقيقة أو اثنين ..هل أنت ممن يبحثون عن مخرج لبلادنا وشعوبنا وعقولنا من ظلام الأسر الذى فيه نحيا أو نموت كل يوم ؟فإذا طار بعض منا يرنو الى الأفق لعله يصيب جديدا أو يرى ثغرة أو منفذا – قالوا عنه .. انه طائر الظلاملا ننكر انه طائر يطير فى ظلام الأسر البغيض - ولقد انقرضت هذه الطيور للأسفواننا لنبحث عنها الآن من حولنا فلا نجدهالم يعد فى حياتنا سوى ديدان تتلوى وترعى فى ظلمات الأرض لا هم لنا إلا نهش لحوم بعضنا البعضظلمات بعضها فوق بعضكيف نخرج من هذا القبر الكبير يا أخى مجدى ؟ذلك هو السؤال ..سؤال أراه فى المرحلة الراهنة يفرض نفسه بشدة تجعل منه فرض عين - على كل منا أن يفنى حياته ويسخر كل طاقاته محاولا الإجابة عليه ..أخى مجدى دعك مما كتبته فى مقالى – فلعله مجرد هراء ..دعنى أسألك :ألم يحزن قلبك وتشعر بالهوان لنفسك ولبلادك وأنت ترى ماترى فى فلوريدا ؟أظن أنك تفهمنى ولا تحتاج لتوضيح منى ولا سفسطة ولا استعراض ألم تحزن وتدمع عينك وتشعر بسكين يمزق فى صدرك من أجل بلادك ؟انزل بلادك واطلع بنفسك على ما آل اليه حالها ..أرجوك لا تتحفز للرد الناقد السريع وأنت تقرأ هذا الكلامأفضل ألا أسمع منك ما لن يغير فى الأمر شىءفقط اشتاق أن أسمع منك الجديدماذا سنصنع لمصر ؟هل سننضم لفئة العجزة من الموظفين الذين لاحديث لهم إلا عن البيروقراطية والشكوى من ضعف الاماكنيات والغلاء ووووووووووووووووولعنة الله عليها من نهاية تشبه نهاية رواية بداية ونهاية .. حسنين ونفيسة وكوبرى امبابةلابد من التماس المخرج الحقيقى يا سيدىيستحيل أن يكون مخرجا تقليديايستحيللن يكون المخرج بالأفكار التقليديةمن أسخف ما أسمعه من حولى - من أناس على أعلى مستوى من العلم - هو أن المخرج من وجهة نظرأحدهم يكون كالآتى:كل واحد يبدأ بنفسه - لو كل واحد بدأ بنفسه وبيته وأولاده سينصلح حال الجميع - والسلام عليكم ورحمة الله – ياللا بينا على البوفيهكلام سخيف سخيف سخيف - من شخص صرفت عليه بلاده ما يفوق وزنه من أموال الشعب الفقير الجائع العارى المعدم لكى يصير الأستاذ الدكتور فلان - الأستاذ الدكتور حمار – وهذا وأمثاله لديهم من الكبر والغطرسة ما يستحيل معه أن تكلمه أو تغير من أمره وحاله التى خير منها للبلاد والعباد أن يموت ونخلص ونستريح من غباءه ... حياه فارغة سخيفة مملة خير منها الموت احتجاجا ..أعترف لك أنى أشعر بانعدام وزن حقيقة – شىء من أسخف ما يمكن أن تعلم أنك ستقضى بقية عمرك تلف حول نفسك فى غياهب وظلمات الماضى – لا حاضر ولا مستقبلواللصوص فى نشوة ما بعدها نشوةحلقة مفرغة من المناطحات والمناهدات مع ذوى العقول العمياء المتجمدة - تحاول مناقشتها فلا تصل لشىء - تحاول استرضاءها فلا ترضى عن شىء – إنها لا ترضى إلا بسيلان دمك أمامها كدماء البعير تحاول حتى الفرار من وجهها فتجدها تحاصرك فى كل مكان .. فى عملك - فى شارعك - فى مسجدك - فى ناديك - فى صداقاتك – حتى فى أحلامك .. شىء خانق - أن ترى مقدما السيناريو البغيض الذى ستسير عليه ( مكرها ) بقية عمرك حتى تتصلب شرايين عقلك ولا تملك فى النهاية وأنت متعب مكدود إلا الحنين للرقاد الأبدى ..حتى فى النت اذا حاولت أن تتكلم - أو تتنفس تجد من يلجمك ويلطمك على وجهك بكفه الكبير متهما إياك بأنك عميل من الطابور الرابع ومن طائفة المأجورين الجدد بعد أحداث سبتمبر - ووووووووووو ... كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام والسلام عليكم ورحمة الله – فين البوفيه ؟أين التجديد ؟أين العبقريات ؟ أين الاكتشافات المذهلة التى يفرح لها رب العزة ؟أين عقول المصريين الجبارة ؟ما هذا الجمود الفظيع الذى يلف حياتنا ؟كيف نخرج من هذا الكابوس الذى صنعته أيدينا ؟والاجابة تأتيك من فورك – إسأل ستك كونداليزا يا صهيونى يا عميل لقد حملت الينا الأثار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يضحك .. ويغضب .. ويغار ... ويفرح .. !ترى .. ما أكثر ما يفرح له الله من أفعال البشر ؟فى ظنى – أن الله يفرح ويسعد لميلاد الأفكار الجديدة العبقرية ..إن لحظة الكشف عن الجديد هى لحظة كونية فريدة نادرة – وهى أثمن لحظات البشرية على الاطلاقوعندى إحساس عميق بأنها أكثر ما يفرح له الله وأكثر ما يثيب عليه من عظيم الأجرأن تتفكر ساعة ( مجرد تفكر – قد لا يثمر كشفا ) خير عند الله من ستين سنة من العبادة – صيام نهارها وقيام ليلهافإذا كانت الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يصنع – فمابالك بذروة العلم وهو لحظة الكشف عن الجديد ؟من أجل هذا نحن هنا يا أخى مجدى ..أنا وأنت وكل من يكتبون هنا – يجب ألا نكرر أنفسنا فى الكتابةيجب أن يسعى كل منا لكشف شىء جديد فى كل مرةإضافة بعد جديد لأفكار القراء ..مهما كان بسيطا لتكن كتاباتنا كلها مغامرات فكرية ... ما المانع ؟لتكن مليئة بالاخطاء – ما الخطر فى ذلك ؟لتكن محاولات مجنونة لكسر جمود الموقف .. ما المانع ؟لا عليك ان لم يعجبك مقالى ووجدته غير مناسب فى المرحلة الراهنة أنا مستعد معك أن ألقيه خلف ظهرى – لكنى سأنتظر منك غدا أيضا مقالا تجرح به بعض جمودى وتصيبنى فيه بشىء من الانبهارأكرر لك التحية على دأبك فى تتبع الافكار بالحوار – وأعدك أن أواصل معك الكلام فى الموضوع الحالى وغيره كما تشاء فأنا أسعد الناس بشخص مثلك يحب مواصلة النقاش وصولا لنتيجة يقبلها العقل والقلب ولنا لقاء قريب ان شاء الله
الوجه القبيح

==========================================
إخناتون
(3/7/2006 10:19:40 PM)
الوجه القبيح الذي لا يجيد الا الكلام القبيح ويعاني من بارانويا حادة تحتاج اهتمام سريع هو للأسف معروف للجميع ويعاني مشكلة مع من هو أعلي منه قامة بمراحل ولذا يحاول بكل جهد لا طائل منه أن يهاجم عمالقة الفكر والثقافة في مصر ..ونصيحتي له أن ينظر لنفسه جيدا في المرآة ليعرف أنه هناك فرق كبير جدا جدا بين أي منا من يكتب هنا في شباب مصر وبين سلامة موسي واحمد لطفي السيد وطه حسين ..
==========================================
الكبير مجدى هلال
;كمال عارف
(3/8/2006 4:02:21 AM)
بتعليقك بعنوان ( أخيرا ) طلعت أنت الكبير .. ..لحسن عبد اللطيف اللذيذ ؛ أقول :لو كل واحد بدأ بنفسه ..سينصلح حال الجميع!! ويللا بيناعلى الحزب!!للجميع أقول : اذا أردتم تخليص أحدكم من عادة سيئة ـ كوجهة نظركم ـ فأهبطوا بها برفق ، ولا ترموا بها من النافذة..نافذة الأمل.

الثلاثاء، فبراير 14، 2006

لا مكان إلا للقوي ... فأعدوا لهم ما استطعتم من قوة

كان هذا قبل أيام ، بمجرد أن قرأت هذا الخبر عن دعوة قادة حماس لزيارة روسيا تداعت بعض الأفكار فإذا بي أرى صلة لا تخفى بين عديد من الأحداث المتباينة ، و قد نشر هذا المقال في جريدة شباب مصر في أول فبراير في هذا العنوان

لا شك أن ما تلا الخبر من أصداء أكدت أفكاري ، فقد أبدت فرنسا نوعا من التأييد ، و تبعها كثير من دول الاتحاد الأوروبي بدرجات مختلفة من التحمس ، في حين اعترضت إسرائيل بشدة ثم تراجعت حدة الاعتراض ... و ربما يكون الروس يبحثون عن دور لهم كما قيل ، إلا أن المعزى يبقى ، و هو أن حركة حماس بثباتها على مبادئها و قوة أفعالها (دون النظر في الأفعال ذاتها) قد فرضت على الآخرين أن يفسحوا لها المكان


و من أبرز ما ورد في الأخبار قبل يومين كان قول رئيس الوزراء الإسرائيلي العامل أولمرت إن إسرائيل سوف تحدد حدودها النهائية ، فإسرائيل لمن لا يعلم ليست لها حدود رسميا ... إن مثل هذا التصريح الذي أتي بعد تراجع في درجة الحدة في رد الفعل على فوز حماس و على الدعوة الروسية ، يشير إلى أن الإسرائيلين يشعرون بأن هناك قوة أكبر ستتعامل معهم ... و في كل حال فإن حماس بلا شك في موضع اختبار عظيم ، و لاشك أيضا أن الدرس في غاية الوضوح

و هذا كام المقال
قال الرئيس الروسي إنه سيدعو قادة حركة حماس لزيارة موسكو ، و قد أيده في ذلك و إن بشكل غير مباشر رئيس
الوزراء الإسباني ، و في نفس الوقت فإن أوروبا و أمريكا تتحدثان عن مطالبتهما للحركة بنبذ العنف ، و إعلان الالتزام بما التزمت به السلطة الفلسطينية حتى الآن ، في حين بدأت ملامح التسليم بأن حماس هي الطرف الذي يجب السماع له ... ، و منذ أيام قليلة استضافت شبكة سي إن إن الأمريكية محمود الزهار ، و ذلك رغم أن الولايات المتحدة تعلن أن حماس منظمة إرهابية ، و على غير المعتاد في مثل هذه اللقاءات فقد كان مقدم اللقاء في غاية من الإثارة محاولا انتزاع تصريحات من محمود الزهار ، كان المقدم متلهفا لسماع كل حرف يتلفظ به الزهار ، و من قبل عندما كان يحدث أن يستضاف أحد أعضاء الحكومة الفلسطينية أو السلطة عموما لم تكن لترى أبدا مثل هذه الإثارة ، و ذلك لأن كلامهم معتاد لا جدة فيه ... من ناحية أخرى و في خطابه السنوي تجاهل الرئيس الأمريكية فوز حركة حماس في الانتخابات الفلسطينية ... برغم أن العالم كله يتحدث عن هذا ... فالكرة في الحقيقية بين أرجل الحماسيين

!!بدرجة مختلفة حدث شيئ من ذلك في مصر بعض فوز حركة الإخوان بخمس البرلمان المصري ، و هي درجة أقل بالتأكيد ، لأن في فلسطين سيكون الحماسيون هم الحكومة ... و قد رأينا و سمعنا مرشد الإخوان المسلمين في وسائل الإعلام كل يوم ، و رأينا من يتحدث عن اتصالات أوروبية و أمريكية بالإخوان ... كان انشغالا و تطلعا و إثارة لا تقل عن هذا الحماس و التحفز الذي علا وجه مقدم برنامج السي إن إن في لقائه مع محمود الزهار ... و منذ عام أو يزيد كانت زوبعة حول تصريحات مهاتير محمد عن اليهود ... و قد انتهت و لم يرجع الرجل عما ظن انه الحق ، و لم يستطع أحد شيئا حياله ... و منذ سنين أعجزت الحيل أمريكا و حلفائها حيال كوريا الشمالية .. ثم هل ننسى أن الانتفاضة الأولى كانت السائق للإسرائيلين للجلوس مع الفلسطينيين ، و قد كانت حماس قائدة هذه الانتفاضة

ما هذا؟

لقد فرضت حماس نفسها على الدنيا ، و كذلك فعل الإخوان في مصر ، و دول العالم تترقب ما يقوله قادة حماس ، و يبدو أن الأمور في فلسطين سوف تتغير ملامحها لتعتدل قليلا في الاتجاه السليم ... لا يبدو أن حماس ستوافق دائما على كل المطالب الإسرائيلية كما اعتادت سلطة فتح أن تفعل ... و لما كان الزهار يتحدث كنت أسمع الألفاظ الصحيحة ، كان يقول إن على إسرائيل أن توضح معني وجود العبارة التي تصف إسرائيل بين النيل و الفرات في داخل الكنيست ، و ذلك عندما سألوه عن كون حماس تريد القضاء على إسرائيل ... هل كان أحد من فتح يجروء على هذا في السنوات العشر الماضية ... كان الزهار يتحدث عن حقوق اللاجئين في العودة على أنها حقوق لا طلبات .. كان يتحدث عن أصول القضية الفلسطينية .. كان يقول ما الذي يفعله الإسرائيليون ... كان يسمي الأشياء بأسمائها الصحيحة ... و لم يكن فاقد الذاكرة مثل كثيرين من العرب .. و بهذا يمكن للعالم أن يعرف الصورة الحقيقية ، هنا يعرف الإسرائيليون أن هناك طرفا آخرا في المعادلة ... طرفا ليس تحت السيطرة ... و هو درس من التاريخ لو ان الذاكرة ليست مفقودة .. فإن منظمة التحرير لم تعرف الطريق إلى العالم من خلال منبر الأمم المتحدة إلا بأن فرضت نفسها على الدنيا بقوة الفعل لا بالكلام اللطيف ... و قد كنا نتغنى طوال نصف قرن بذلك و لكن لم يتحول هذا إلى عقيدة في أذهان من استولوا على مقاليد الأمور في بلادنا ... و لم تكن حرب أكتوبر إلا من منطلق أن القوة هي البداية للحوار ... و لم يكن نصر حزب الله في لبنان إلا مثالا صارخا لمن يفهم ....و ليس الذي يجري في العالم اليوم ضد الدانمرك و غيرها من البلاد إلا مثالا آخرا ...

نحن قوة هائلة و لكننا نفتقد القائد الذي يوجهنا ... بعد أن استولى غير المؤتمنين على مقاديرنا بل و سلموا بعضها إلى من يضيرهم أن نكون بخير ... إنها القوة تفرض احترام من يمتلكونها ، و العالم قد وقف يرقب ما سيقول قادة حماس و ما سيفعلون ... و قد أدرك هذا العالم أن لدى هؤلاء القدرة على المبادرة و أن لديهم قناعات راسخة لا تباع .. و هذه هي القوة .. قد تكون حماس مجرد حركة تحت قيود و ضغوط كثيرة ، و لكنهم يملكون قرارهم و ذاكراتهم ، و عيونهم ليست عليها رقابة تمنع من الرؤية ، و ألسنتهم ليست ملتوية تسمى الأشياء بأسماء ملفقة خبيثة ترضي العدو و حسب ... و بهذا لا يمكن أن يسوقهم غيرهم ...

مرة أخرى هي القوة ... لا حل آخر غيرها ... و ملامح هذه القوة هي الذاكرة السليمة و التمسك بالمبدأ و السعي نحو الهدف المحدد و تسمية الأشياء بأسمائها الصحيحة و نشر الحقائق على الدنيا ، و رؤية هذه الدنيا كصورة واحدة مترابطة ..

ليست الحال سهلة و ليس التحدي سهلا هكذا بل هو من أخطر ما يكون ، هو الامتحان .. فإما أن يفلح قادة حماس في أن يكونوا على قدر المسئولية و إلا فإن العواقب ستكون وخيمة لعقود طويلة .. ستطول إلى أن يمتلك آخرون هذه القوة من جديد ليفرضوا على الدنيا أنفسهم ... و هو درس للجميع ، ليعلموا أن القوة هي ما نحتاجه ، و من موقع القوة نتحدث و نتحاور ... و إن لم نملك هذه القوة فلسوف نقول ما ليس في صالحنا و لسوف نبقى دائمين تابعين نقوم برد الفعل فقط ... و سيكون غيرنا هو الفاعل و سيكون له عندئذ الحق في أن يوجه العالم نحو ما يريد .. إذ ما الذي سيمنعه ؟

من سيدخل الجنة

 جاء في التليفزيون المصري، في رمضان الحالي، أن المفتي السابق علي جمعة، يحدث الأطفال، فسألته طفلة، لماذا المسلمون فقط سيدخلون الجنة، وهناك أد...