الأربعاء، فبراير 29، 2012

الحالة السورية

جائت الثورة السورية مختلفة عن السابقات لها، في عنصر محدد و هو عدم الاتفاق على أنها ثورة فعلا، و السبب غالبا هو التأثير المتوقع لسقوط نظام الأسد الحاكم، و هو تأثير واسع المدى، أول عناصره أن لا تجد حركة حماس الفلسطينية مقرا تأمن على نفسها فيه، و قد غادرت سوريا بالفعل أو كادت، فهل تذهب إلى الأردن أو إيران أو أنها ستذهب إلى مصر؟

الأردن ليس احتمالا و إيران بعيدة و الحرب عليها تتجمع في الأفق، أما مصر فليست في وقتها المناسب بعد 

و لأن إسرائيل ترى ذلك فإنهم قد شرعوا بالفعل في التعدي على المسجد الأقصى، فهم يرون أن هذه هي الفرصة الأنسب، و أن أحدا لن يردهم، كما أن أحدا لن يحاربهم إن هم هدموا المسجد الأقصى

ففي الحالة السورية، من المطلوب أن تستمر المجازر، و لابد من أن تتطور إلى حرب أهلية طويلة المدى، ستكون من نتائجها كتابة الفصل الأخير من القضية الفلسطينية، بهدم الأقصى، و ترك الفلسطينين يعيشون إن أرادوا في مستعمراتهم في الضفة و غزة بلا حماية، و لا ملجأ

إن وجود سوريا بنظام حكمها كان مهما و كان يقدم نقطة ارتكاز لتحرك الفلسطينيين و الإيرانيين و لبناني حزب الله، أما الآن فعندما سنقوم الحرب الأخيرة هل ستكون مصر فيها أم من الذي سيحارب إسرائيل و أمريكا؟

التوافقي

صارت فكرة رئيس توافقي مادة للسخرية والتندر، حتى أن زوجين سألا طبيبا أثناء كشف السونار على الزوجة الحامل: ولد أم بنت؟ فقال الطبيب: توافقي ... وهي مضحكة بقدر ما تحمل الكثير من المعاني

فهل كان مبارك على صواب عندما قال إنه لا يجد في مصر من يستطيع تولي مسئولية الرئاسة؟ .. يبدو أنه كان يتكلم على أساس، لأننا غير قادرين على أن نرى من المرشحين الحاليين من هو قدير لذلك المنصب، أو نحن خائفون من الاختيار، ولذلك تظهر أفكار التوافقي و تنتشر و تجد لها محلا كبيرا من الاهتمام

ثم أليست فكرة التوافقي دليلا أيضا على أننا مازلنا نصر على رفض القيم الديموقراطية، أو ربما أننا غير مؤهلين لها، كما كان يقول مبارك و رموز حكمه، فمعنى التفكير في رئيس توافقي، أن التيارات السياسية غير مستعدة لقبول رئيس منتم لتيار آخر، فهو رفض مسبق لنتيجة الانتخابات الرئاسية، و مرة أخرى هو دليل خوف من المسئولية، وهو كما قال بعض المحللين إهانة للشعب المصري، ورغبة في حرمانه من حقه في اختيار رئيسه لأول مرة في التاريخ منذ محمد علي

وتلك النكتة الساخرة تقول بصراحة إن الرئيس التوافقي لن يكون إنسانا طبيعيا، سيكون شيئا أخرا إلا رئيسا على قدر المسئولية، هو لن يكون منتخبا، ولن يملك أمره، لأن التوافق عليه معناه العديد من القيود التي ستحكمه، وستكون قيودا لإرضاء الجماعات السياسية، لا قيود الدستور والمصلحة الوطنية، فهل هذا سيقود بلدا مثل مصر

يمكننا تصور سيناريوهين، الأول هو بدء التفاوض بشأن التوافقي، والخلاف الذي لن ينتهي فيه، وسيحدث أن يبالغ بعض الأطراف في تصوراتهم، ليقف البعض من التيارات الأخرى معلنا إنهم قد قدموا التنازل فعلا بمجرد التفاوض، وأنهم قادرون على حسم اختيار الرئيس لو أرادوا، فيقع الانشقاق الذي تريده بعض القوى الشريرة

السيناريو الثاني أن تلغى فكرة التوافقي، وتجرى الانتخابات الرئاسية، فلما تؤيد التيارات الإسلامية أحد المرشحين، يبدأ الكلام عن صفقات وتربيطات وتنشأ معارك كثيرة في الوقت الحرج من المرحلة الانتقالية، ثم يفوز من سيفوز بعد حين، فيخرج علينا من يقول إن الرئيس لا يمثل مصر، لأنه لم ينتخبه .. كما قالوا إن البرلمان لا يمثل الشعب المصري
فأي نوع الديمقراطية هذا، لقد أدى بنا هذا الفهم المعوج و المغرض من جانب من هم معدودن من النخبة إلى طول هذه المرحلة الانتقالية، وحدوث الكوارث التي مرت بنا، لأن هؤلاء لا يريدون لنا أن نرى إلا ما يرون

في اليمن قبلوا فكرة المرشح التوافقي، تبعا للمبادرة الخليجية، ولا يخفى أن دول الخليج قد رغبت في انتهاء الأزمة، لكنهم لم يرغبوا في أن تنتصر الثورة اليمنية، انتصارا كاملا، وقد كسبوا فرصة كبيرة بالمرشح التوافقي هناك، الذي لا ينتظر منه أن يكون بطل الثورة بعدما كان نائب الرئيس المخلوع، فهو انتقالي، هو مؤقت، هو توافقي وحسب، والنار تبقى تحت الرماد، ونحن نرى المظاهرات ضده قد بدأت بالفعل

فهل مطلوب ألا ننتهي أبدا من عملية التحول؟ .. إنه بكل السبل، لا خير إلا في إكمال الطريق الذي بدأناه، فالبرلمان قائم ويعمل، و لتبقى حكومة الجنزوري حتي نهاية الفترة الانتقالية، والرئيس يتم انتخابه من بين من يترشحون في الشهر القادم، لتبدأ مصر الحركة الأسرع، للبناء، والواقع يقول إننا كلما تقدمنا خطوة أدركنا أنه كان يجب علينا نخطوها منذ وقت طويل، وهي تجربة لابد منها بكل ما فيها

الجمعة، فبراير 24، 2012

الاستعمار عن بعد

نشر هذا المقال في صحيفة "المصريون" القاهرية على جزئين في العديين 89 و 95 بتاريخ 17 و 23 فبراير 2012، و يمكن مطالعتهما على الموقع الإلكتروني



الاستعمار عن بعد

في كتبه يأخذ المفكر الفرنسي روجيه جارودي، موقفا سلبيا من الحضارة الغربية، لافتقادها الكثير من القيم الروحية والأخلاقيات، ولعل عنوان  كتابه "الولايات المتحدة طليعة الانحطاط" واضح الدلالة، كما جاء كتاب آخر عنوانه "كيف صنعنا القرن العشرين" ليحاول أن يعرض كيف نشأت وتطورت أسس الانحطاط في الحضارة الغربية، وقد ترجم الكتاب ونشر في مصر قبل أحداث 11 سبتمبر بعام، وفي الوقت الذي كانت نشوة انهيار الاتحاد السوفيتي، وانتهاء الحرب الباردة في أوجها، وكانت فكرة نهاية التاريخ بانتصار الرأسمالية والليبرالية الغربية قد ظهرت، ومن هذا الكتاب، كما رأي جارودي فإن الحضارة الغربية-الأوربية المسيطرة على العالم منذ خمسة قرون، قد قامت على أساس مدارس فكرية ثلاث: الإنجليزية، والفرنسية والألمانية، بالدرجة الأولى

دعت المدارس الفلسفية الثلاثة إلى إعلاء فكرة الفردية والمصلحة الخاصة، واعتبار السوق هو المحرك والموجه لحركة البشرية، من أجل تحقيق تعامل الإنسان مع الطبيعة على أساس سيطرته وسيادته عليها، وقد قال منظر الرأسمالية أدم سميث إن كل شخص يجب أن تقوده مصالحه الشخصية وبذا يسهم في الرخاء العام

وتركيزا على المدرسة الإنجليزية وهي الأهم، فقد بدأت القيم الرأسمالية في التطور بعدما استقرت تدفقات الذهب من القارة الأمريكية المكتشفة، وتوسعت السيطرة البحرية على العالم، وبدأ تحول الاقتصاد من الزراعة إلى الصناعة، وبالتوازي مع ذلك ظهرت مساوئ الفكر الرأسمالي الغربي، فمن أجل ازدهار صناعة الأنسجة الإنجليزية، جرى طرد الفلاحين من أراضيهم، لصالح تمكين كبار الملاك من التوسع في رعي الخراف والحيوانات لتشغيل مصانعهم، ولما ثار الفلاحون سنة 1549 ضد مراكز صناعة النسيج، أرسل إليهم الملك إدوارد السادس جيشا قتل منهم أكثر من 3500،  وأعدم زعماءهم

استمر التحول إلى الصناعة، مع توسع الاستعمار، خاصة في الهند وما حولها، إذ قسمت الإدارة الإنجليزية الأراضي الهندية لخدمة الصناعة الإنجليزية، فزاد استيراد الهند من النسيج الإنجليزي من مليون إلى 51 مليون بين 1814 حتى 1834، في حين حرمت الإدارة الإنجليزية فلاحي الهند من مصادر العيش الكافية، فكانت أول مجاعة في الهند، إذ مات أكثر من 20 مليون هندي بين 1800 و 1900، وفي الجبهة الأمريكية، فقد أباد الإنجليز من استطاعوا من السكان الأصليين، وأيضا لتتحول أمريكا إلى مصدر للخامات وسوق للمنتج الإنجليزي

وتشهد ثورات الهند والولايات المتحدة قبلها على طبيعة الاستعمار الإنجليزي، فإن اشتعال الثورة الأمريكية قد اكتمل برفض الأمريكيين الضرائب والاحتكار الإنجليزي فيما يتعلق بإنتاج و توزيع الشاي، في حين قاد غاندي الثورة الهندية بانتاج الملح ونسج الملابس، لمقاومة الاحتكار والحاجة للمنتج الإنجليزي، وربما نجحت الثورة الأمريكية وثورات أمريكا الجنوبية، في أوقات مبكرة جدا عن ثورات الهند و دول أسيا وأفريقيا للاستقلال، بسبب أن من استعمروا الأمريكتين كانوا من الأوربيين الذين استخدموا نفس أساليب أوروبا القديمة، بينما توحش الاستعمار الأوروبي في أسيا وأفريقيا، ضد شعوبها غير الأوربية

إن المفكرين الإنجليز الذين بنوا الرأسمالية الإمبريالية الإنجليزية، كانوا ساسة قبل أن يكونوا مفكرين وباحثين، فقد كان أدم سميث رئيس الجمارك في اسكتلندا، وكان فرانسيس بيكون (1561 – 1626)  نائبا برلمانيا ثم وزيرا للمالية، واضطر للاستقالة بعد تورطه في قضية فساد سنة 1621، وكان صديقه توماس هوبز (1588 – 1676) هو القائل بأن الرأسمالية قانون طبيعي، واضعا الأساس للفردية المتوحشة للاقتصاد، وقال إن طبيعة المجتمع هي التنافس إلى حد الحرب: حرب الجميع ضد الجميع، ومن أجل حماية وحدة المجتمع وقدرته على الاستمرار لابد من من تطبيق مبدأ الاستبدادية المطلقة لحماية حركة السوق، منظرا بذلك للفردية التنافسية، بين الأفراد والدول بما يسمح ضمنا بأن يأكل القوى الضعيف، طالما احتكموا إلى حركة السوق.

هناك أيضا  الفيلسوف جون لوك (1632 – 1704) المستشار في الحكومة، ثم وزير للمالية، وعضو في مجلس التجارة والزراعة، وقد ساهم في تأسيس بنك انجلترا، الذي ربما هو أول بنك مركزي في التاريخ الحديث، ومن مهامه الأساسية تحديد الفائدة البنكية، وهي أساس التضخم الملازم للاقتصاد الحديث إلى اليوم  وقد اختير لوك مستشارا ملكيا للتجارة والمستعمرات، فعمل على تقييد عدد من الحقوق الممنوحة للمستعمرات الإنجليزية في أمريكا، لضمان تبعية الاقتصاد الأمريكي التامة لاقتصاد بريطانيا، مع منعهم من إنتاج بعض السلع الأساسية

وجاء ديفيد هيوم (1711 – 1776) ليؤكد على ذاتية الفرد، ثم أكد جيريمي بنتام (1748 – 1832) على أن النظام الرأسمالي هو النظام الطبيعي، وأن الإنسان لا يتحرك إلا من أجل مصلحته الشخصية أو للهروب من الألم، ليكون السوق هو المحرك الأساسي للمجتمع وأفراده، ففي السوق يتحدد ثمن كل شيئ

وفي النصف الثاني من القرن الثامن عشر اهتم رئيس الوزارة الإنجليزية اللورد شيلبورن بنشر أفكار أدم سميث، وبنتام وإدوارد جيبون والأخرين، ووضع استراتيجية كرئيس للحكومة، تستهدف القضاء على أمريكا عن طريق حرية التجارة، وكانت أمريكا استقلت في 1776، فكتب شيلبورن إلى مجلس اللوردات الإنجليزي في 1783 قائلا إنهم يستطيعون تدمير أمريكا وإعادتها إلى الحظيرة البريطانية عن طريق "لعبة التجارة الحرة"، وقال إن المنافسة هي أساس حرية التجارة، وأن عليهم فقط أن يعملوا على تحقيق حرية التبادل التجاري بحيث لا تستطيع أي دولة أن تنافسهم بما فيها الولايات المتحدة، مؤكدا أن كلمة السر هي " فتح جميع الأسواق"

وهذه الجملة بالتحديد والتي عمرها 230 سنة والمبنية على أساس أفكار الفلاسفة الإنجليز خلال 250 سنة السابقة لها، هي محور عمل منظمة التجارة العالمية حاليا، والمنظمات الاقتصادية الدولية، التي تسعى بشكل غير مباشر لحرمان الدول من حقها في حماية صناعاتها واقتصادها، وتعمل على فتح جميع الأسواق من أجل سوق عالمية واحدة حرة، مما يؤدي كما يقول الكثيرون، إلى تدمير اقتصاديات الدول الأقل ثراء في مقابل تغول الغرب وسيطرته على العالم

المثير هو أن هذه الأفكار التي بدأت في انجلترا بغرض إحكام سيطرتها على مستعمراتها بما فيها أمريكا، هي ذاتها التي تتبناها أمريكا اليوم و تروج لها، ويلجأ الاتحاد الأوربي أحيانا إلى بعض أساليب الحماية لصناعات دوله ضد أمريكا، ومن أقوى العبر التي ينبغي أن نهتم بها أنه حتى في أمريكا وفي ظل حكم الجمهوريين فقد تدخلت الدولة لدعم بعض الشركات الكبرى و البنوك، وجرى نفس الأمر في أوروبا، وذلك خلال الأزمة الاقتصادية في السنوات الأخيرة، و هو ما يتناقض مع مبدأ حرية السوق و المنافسة، ومع هذا فمازالوا ساعين بجد، ويقودون العالم معهم نحو الرأسمالية والسوق الحرة المطلقة، طالما كانت لهم السيطرة

ومن المهم لنا أن نستعيد أن التوجهات الاقتصادية لنظام حسني مبارك في مصر، من خصخصة وحرية مطلقة للسوق، مع الاحتكار وتخلي الدولة عن دورها الاجتماعي، قد أدت إلى نمو اقتصادي بشهادة نفس هذه المنظمات الاقتصادية الدولية ودول الغرب التي تعمل من أجل تحقيق وحدانية السوق العالمي، مهما كانت العواقب في البلدان الأخرى، و لقد أدت السياسات التي باركوها من نظام كبارك في مصر إلى ثورة شعبية لم يسبق لها مثيل في التاريخ

فهلا قرأنا التاريخ من الوجهة الاقتصادية، و نحن نسعى الآن من أجل القروض و المنح و اتفاقات المساعدات الأجنبية، إن هذا لحزء من النظام السابق، لابد من إسقاطه

الاثنين، فبراير 06، 2012

ما هو المنطق؟

نشر هذا المقال في صحيفة "المصريون" العدد 78 بتاريخ 6 فبراير 2012، و موجود إلكترونيا في الموقع التالي:


ما هو المنطق؟

و "تعرف إيه عن المنطق .... يا بهجت؟" 
و ليكن بهجت هذا أي واحد بيننا في نفس المركب الذي تتقاذفه الأمواج ...

ما هو المنطق؟ .... هو السؤال الذي يتحتم علينا أن نجيبه، إنه العنصر المُغيَّب عن كل ما نعيشه، المنطق الذي به تتحدد معاني الأحداث، و تتوجه ردود الأفعال الوجهة الصحيحة، هو الذي يربط الأجزاء ببعضها لنرى الصورة كاملة و بوضوح.

لقد غاب كثيرا، فصرنا نسير مع التيار، و نندفع مع الحماس، على أي أساس يمكن وصفه بكلام منظم، و لا نفكر أبدا في منطقية الكلام، و هل استجابتنا للكلام ستأخذنا إلى ما نريد أم لا .. و مع هذا نواصل الاندفاع، خوفا من أن نقف فنخسر أمرا لا ندري ما هو و لا إن كان هو المطلوب، و خوفا أحيانا من أن نقف لكي لا نُتهَم بأننا الثورة المضادة، خاصة و أن الأبواق الزاعقة في اتجاه تيار الحماس اللامنطقي كبيرة و عملاقة و اسمها الأشهر هو القنوات الفضائية.

يستطيع كل واحد منا أن يقرر لنفسه ما يجب عليه عمله بطريقة محددة، تبدأ بأن يضع أمام عينيه هدفا يسعى إليه، ثم يفكر ما الذي يجب عمله لتحقيق هذا الهدف، و ماذا يجري حوله و يمكن أن يساعد في تحقيقه ... فإن وجد أن حرب الشوارع تحقق له هدفه في مستقبل أفضل لمصر، فليذهب ليحارب، ثم ليقل لنا كيف سيحقق بهذا مستقبل مصر الأفضل، ما الذي سيفعله غدا و بعد غد و بعد شهر و بعد شهور و سنين، عندما سيمضي في طريقه؟، هل هناك من صورة محددة في آخر المسار؟ و هل المسار نفسه محدد؟

و إن هو وجد أن مستقبل مصر الأفضل يتحقق باستكمال الطريق الذي بدأناه، فليحرص إذن عليه، و ليجلس ليحدد خطواته،  يحدد ما سيفعله غدا و بعد غد، و بعد شهر، و بعد شهور و سنين، حتى يضمن تحقق هدفه المأمول .. إن هذا البرلمان الذي لدينا هو أفضل ما أنجزناه منذ الثورة، بينما بقية المحاكمات و المحاسبات و الترتيبات مازالت أسماكا تسبح في نيل مصر

و نحن إن استطعنا أن نحدد المجرم و المسئول عن الجريمة و الجرائم التي جرت، فهل حرب الشوارع الدائرة ستوقفه؟ يقول تتابع الحوادث إنها لن توقفه، فلماذا نستمر في حرب لن تحقق الهدف، لماذا قد أذهب و أهاجم مبنى الداخلية أو قسم أو مديرية، أو أحرق شيئا في مصر؟ .. لن يساعد هذا على حساب الذين قتلوا و أجرموا في حقنا، و نحن نقع في ذات الخطأ كل يوم، فلا يمر شهر بغير كارثة، إن الأصل هو التظاهر و إبداء الاحتجاج، بل و الإضراب و العصيان المدني، فلماذ يتحول هذا معنا إلى حروب شوارع و حرق و قتل؟  ... لماذا نسمح بتحوله كذلك؟

ثم هل قد جد جديد يمكن معه أن نحقق خطوة للإمام؟ نعم بالتأكيد، فلأول مرة نرى في البرلمان نوابا لنا، و لأول مرة يشعر الوزير و الكبير في مصر أن هناك من سيحاسبه أشد الحساب، و هل يستطيع أي مسئول في منصبه أن يهمل مادام هناك ممثلون للشعب يسائلونه؟ ... ألن يبدأ البرلمان التحقيق في الجرائم التي جرت خلال العام؟ نعم .. ألا يدرس البرلمان الآن قانونا يحاكم به الوزراء و يمكن أن يكون قانون محاكمة الرئيس المخلوع؟ نعم .. ألن يعيد النظر في قوانين أصدرها المجلس العسكري؟ نعم .. ألا ينزل أعضاؤه للتقصى ة التحقيق؟ نعم ...  أفلا يستحق هذا أن نلتف حوله و ندعمه؟ بالتأكيد يستحق .. بل إن البادي هو أن ما نحن فيه من كوارث هذه الأيام، سببه شعور المجرمين بأن الحساب الحقيقي قادم

إن هذا هو منطق التفكير: ماذا نريد، و كيف يكون، و هل ما نفعله يحقق ما نريد أم لا .. عندها سنحكم على الأفعال و الأحداث و الأفكار، و سنستطيع أن نقول نعم أو لا ... 

و لابد أن نعلم أن الأراء الأخرى ليست خطئا، و لكنها فقط مختلفة عن أراءنا، هكذا تقول نظرية النسبية لأينشتين، و هذا هو رأي الشافعي و العلماء المحترمين .. بل إن نظرية النشوء و الارتقاء، تقول إن المرحلة الأدنى خطوة لتطور كبير ... و يستطيع العاقل أن يكسب حتى مما يقوم به المخالفون له .. بدون أن نحارب أنفسنا

هذا في رأي هو المنطق الغائب عما نحن فيه، و ابحثوا عن غيره من الآراء إن شئتم، و ليوفق الله من يسعى لخير مصر

من سيدخل الجنة

 جاء في التليفزيون المصري، في رمضان الحالي، أن المفتي السابق علي جمعة، يحدث الأطفال، فسألته طفلة، لماذا المسلمون فقط سيدخلون الجنة، وهناك أد...