الاثنين، فبراير 06، 2012

ما هو المنطق؟

نشر هذا المقال في صحيفة "المصريون" العدد 78 بتاريخ 6 فبراير 2012، و موجود إلكترونيا في الموقع التالي:


ما هو المنطق؟

و "تعرف إيه عن المنطق .... يا بهجت؟" 
و ليكن بهجت هذا أي واحد بيننا في نفس المركب الذي تتقاذفه الأمواج ...

ما هو المنطق؟ .... هو السؤال الذي يتحتم علينا أن نجيبه، إنه العنصر المُغيَّب عن كل ما نعيشه، المنطق الذي به تتحدد معاني الأحداث، و تتوجه ردود الأفعال الوجهة الصحيحة، هو الذي يربط الأجزاء ببعضها لنرى الصورة كاملة و بوضوح.

لقد غاب كثيرا، فصرنا نسير مع التيار، و نندفع مع الحماس، على أي أساس يمكن وصفه بكلام منظم، و لا نفكر أبدا في منطقية الكلام، و هل استجابتنا للكلام ستأخذنا إلى ما نريد أم لا .. و مع هذا نواصل الاندفاع، خوفا من أن نقف فنخسر أمرا لا ندري ما هو و لا إن كان هو المطلوب، و خوفا أحيانا من أن نقف لكي لا نُتهَم بأننا الثورة المضادة، خاصة و أن الأبواق الزاعقة في اتجاه تيار الحماس اللامنطقي كبيرة و عملاقة و اسمها الأشهر هو القنوات الفضائية.

يستطيع كل واحد منا أن يقرر لنفسه ما يجب عليه عمله بطريقة محددة، تبدأ بأن يضع أمام عينيه هدفا يسعى إليه، ثم يفكر ما الذي يجب عمله لتحقيق هذا الهدف، و ماذا يجري حوله و يمكن أن يساعد في تحقيقه ... فإن وجد أن حرب الشوارع تحقق له هدفه في مستقبل أفضل لمصر، فليذهب ليحارب، ثم ليقل لنا كيف سيحقق بهذا مستقبل مصر الأفضل، ما الذي سيفعله غدا و بعد غد و بعد شهر و بعد شهور و سنين، عندما سيمضي في طريقه؟، هل هناك من صورة محددة في آخر المسار؟ و هل المسار نفسه محدد؟

و إن هو وجد أن مستقبل مصر الأفضل يتحقق باستكمال الطريق الذي بدأناه، فليحرص إذن عليه، و ليجلس ليحدد خطواته،  يحدد ما سيفعله غدا و بعد غد، و بعد شهر، و بعد شهور و سنين، حتى يضمن تحقق هدفه المأمول .. إن هذا البرلمان الذي لدينا هو أفضل ما أنجزناه منذ الثورة، بينما بقية المحاكمات و المحاسبات و الترتيبات مازالت أسماكا تسبح في نيل مصر

و نحن إن استطعنا أن نحدد المجرم و المسئول عن الجريمة و الجرائم التي جرت، فهل حرب الشوارع الدائرة ستوقفه؟ يقول تتابع الحوادث إنها لن توقفه، فلماذا نستمر في حرب لن تحقق الهدف، لماذا قد أذهب و أهاجم مبنى الداخلية أو قسم أو مديرية، أو أحرق شيئا في مصر؟ .. لن يساعد هذا على حساب الذين قتلوا و أجرموا في حقنا، و نحن نقع في ذات الخطأ كل يوم، فلا يمر شهر بغير كارثة، إن الأصل هو التظاهر و إبداء الاحتجاج، بل و الإضراب و العصيان المدني، فلماذ يتحول هذا معنا إلى حروب شوارع و حرق و قتل؟  ... لماذا نسمح بتحوله كذلك؟

ثم هل قد جد جديد يمكن معه أن نحقق خطوة للإمام؟ نعم بالتأكيد، فلأول مرة نرى في البرلمان نوابا لنا، و لأول مرة يشعر الوزير و الكبير في مصر أن هناك من سيحاسبه أشد الحساب، و هل يستطيع أي مسئول في منصبه أن يهمل مادام هناك ممثلون للشعب يسائلونه؟ ... ألن يبدأ البرلمان التحقيق في الجرائم التي جرت خلال العام؟ نعم .. ألا يدرس البرلمان الآن قانونا يحاكم به الوزراء و يمكن أن يكون قانون محاكمة الرئيس المخلوع؟ نعم .. ألن يعيد النظر في قوانين أصدرها المجلس العسكري؟ نعم .. ألا ينزل أعضاؤه للتقصى ة التحقيق؟ نعم ...  أفلا يستحق هذا أن نلتف حوله و ندعمه؟ بالتأكيد يستحق .. بل إن البادي هو أن ما نحن فيه من كوارث هذه الأيام، سببه شعور المجرمين بأن الحساب الحقيقي قادم

إن هذا هو منطق التفكير: ماذا نريد، و كيف يكون، و هل ما نفعله يحقق ما نريد أم لا .. عندها سنحكم على الأفعال و الأحداث و الأفكار، و سنستطيع أن نقول نعم أو لا ... 

و لابد أن نعلم أن الأراء الأخرى ليست خطئا، و لكنها فقط مختلفة عن أراءنا، هكذا تقول نظرية النسبية لأينشتين، و هذا هو رأي الشافعي و العلماء المحترمين .. بل إن نظرية النشوء و الارتقاء، تقول إن المرحلة الأدنى خطوة لتطور كبير ... و يستطيع العاقل أن يكسب حتى مما يقوم به المخالفون له .. بدون أن نحارب أنفسنا

هذا في رأي هو المنطق الغائب عما نحن فيه، و ابحثوا عن غيره من الآراء إن شئتم، و ليوفق الله من يسعى لخير مصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

من سيدخل الجنة

 جاء في التليفزيون المصري، في رمضان الحالي، أن المفتي السابق علي جمعة، يحدث الأطفال، فسألته طفلة، لماذا المسلمون فقط سيدخلون الجنة، وهناك أد...