السبت، يناير 21، 2012

عنصر إيجابي في انسحاب البرادعي

نشر هذا المقال في صحيفة "المصريون" العدد 62 يوم 21 يناير 2012، و هي هنا كاملة، فأيضا حذف سطران من أخرها، كما أنهم وضعوا صورة غير صورتي في الصحيفة المطبوعة، بينما وضعوا الإيميل خطئا و وضعوا الصورة الصحيحة في الموضع الإلكتروني، شيئ محزن، و ها هو آخر ما نشروه لي


عنصر إيجابي في انسحاب البرادعي


يقدم قرار الدكتور محمد البرادعي، بالانسحاب من سباق الرئاسة، فرصة للتخلص من طبع ملازم لنا، نحن المصريين، ألا و هو التفاني في التأييد و الاحتشاد حول بعض الرموز، بطريقة تفتقد التعقل أحيانا كثيرة، ليس معنى هذا بالضرورة أن ذلك الشخص الرمز لا يستحق ما يناله من التفاف حوله أو إكبار له، و لكن الكيفية عادة ما تكون هي المشكلة

و يؤكد على تلك المشكلة، أنه عندما يقرر البعض الانصراف عن تأييد شخص ما أو موقف ما، يكون انصرافه دائما إلى الضد أو حتى إلى العداوة نحو ذلك الشخص أو الموقف أو حتى المبدأ، و مثال ذلك تحولات كثيرة في وسائل الإعلام، و مثال ذلك أيضا الطرق الدرامية التي انقلب بها أشخاص لهم مقاماتهم على الدكتور البرادعي خلال الشهور السابقة، و ليس في ذلك انتقاد لأي منهم، و لكنه ضغط "الطبع الجمعي" العاطفي للمصريين، هو الذي يدفع حتى المنطقيين في تفكيرهم إلى التخلي عن المنطقية أحيانا من أجل كسب رضا الجموع

نحن في مصر نُكْبِرُ الكبار جدا، بل و نقول "من ليس له كبير يشتر كبيرا" ... كأننا لابد أن نكون تابعين لأحد ما، ثم نعطيه من الحجم و من المكانة ما قد لا يحلم به .. و يصل الأمر أحيانا إلى عبادة ذلك الكبير (الفرعون)، أو المبالغة غير المحدودة في قيمة أحدهم من قائد أو كاتب أو مطرب أو ممثل، فلا يكفينا أن يكون الكاتب فلان أو الممثل فلان، أو السيد القائد، لكن لابد أن يكون الكبير و القدير و الملَهَم، و من ليس كمثله غيره ... و أحيانا نشبهه بالهضبة ..... و ربما حكم البعض على الأجنة في بطون أمهاتها بالتأييد و التشجيع و التسبيح بمحامد الكبير، "و الكبير أوي" ...

إن الدكتور محمد البرادعي هو فعلا من أطلق شرارة الثورة،  و سيبقى ذكره دائما مرتبطا بهذا في تاريخ مصر، و ميزته الأهم هي أسلوب فكره المرتب المنطقي، العقلاني، الذي تشكل في أثناء عمله خارج مصر، و هو من أهم ما كان يدعمه كرئيس للبلاد و نحن نحتاج هذا في مصر الأن، و لقد يكون هذا هو ما صرف عنه كثيرا من أعلام مؤيديه في بداية تكون الجمعية المصرية للتغيير، فإنه لم يتخل عن المنطق التام، كما بدا لي على الأقل، و هو لم يستطيعوا أن يتعاملوا معه

و إن منطقيته هذه هي التي أوصلته إلى قراره، فرغم كونه مطلق الشرارة الأولى، فإن فرصه في الفوز لم تكن متحققة، فالواقع يقول إن الذي سيؤيده الإخوان المسلمون هو الأوفر حظا، و ترتبط فرص فوز محمد البرادعي بالرئاسة بفرص دعم الإخوان له، و هي لا تبدو كبيرة، و بالتالي لا يكون الاستمرار من الحكمة، و إنما يكون من باب حب الظهور و الشهوة، و بعد ذلك يبقى لمن يرغب أن يدرس مغازي التوقيت الذي تم فيه إعلان ذلك القرار بالانسحاب من سباق الرئاسة


و لقد يقال بعاطفية إن استمراره كان يمكن أن يكون مفيدا، لأنه سيثري العملية الانتخابية، و لكن من يحترم المنصب الذي يجري حوله السباق، لا يفعل ذلك، و لعل احترام ذلك المنصب هو أول دلائل الإحساس بالمسئولية

يجب أن تكون هذه فرصة لمن جرفه تيار التأييد و الحب و التقدير لشخص ما، و أنساه أن يفكر في فرص النجاح فيما يستهدفه – ينبغي أن تكون فرصة لترتيب الأفكار و دراسة و تقييم الإمكانات، و السعي نحو تحقيق ما يراد تحقيقه على أساس من الواقع، لا مجرد الشعور بأحقية فلان أو أفضليته، بسبب ظرف تاريخي ما، أو ظروف تجمعت في وقت من الأوقات، فإنه أخيرا قد صار لدينا في مصر رئيس سابق، و نريد أن نتعلم أن الزعامات و الرموز القائمة، يجوز أن تتغير، بالمنطق الطبيعي، من غير يكون التغيير هدما لرمز و إقلالا منه، و إقامة لأخر على أنقاضه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

من سيدخل الجنة

 جاء في التليفزيون المصري، في رمضان الحالي، أن المفتي السابق علي جمعة، يحدث الأطفال، فسألته طفلة، لماذا المسلمون فقط سيدخلون الجنة، وهناك أد...