الأربعاء، فبراير 03، 2021

النزول من القمة إلى قمة أعلى


 كتب جيف بيزوس مؤسس شركة أمازون رسالة إلى موظفي الشركة يعلنهم فيها استقالته من منصب المدير التنفيذي (CEO) و قيامه بمنصب الرئيس التنفيذي (Executive Chairman)، و الذي سيعمل فيه على مبادرات و توجهات أبعد مدى، ذات طبيعة استراتيجية اجتماعية و إنسانية و تكنولوجيا كذلك، و الذي قد لا يكون تحت نفس مستوى الأضواء الواقعة في إنجازات امازون المشهورة.


و إنه لخبر مثير، أن يترك مكانة كهذه في أوج تألق الشركة التي أنشأها ليقوده آخرون، ليسعى هو في مستوى آخر، إلا أننا عندما نذكر أن بيل جيتس قد فعل أمرا مشابها منذ سنين في ميكروسوفت، و أن أسماء كبيرة غيرهما من رؤساء الشركات يتركون مناصبهم التي يذكرها لهم تاريخ الاقتصاد و الأعمال و التكنولوجيا، بل و تاريخ العالم السياسي كذلك - عندما نذكر هذا نفهم أن السلطة لا يجب أن تكون أبدا غاية، على أي مستوى.


إن الشخص المتمسك بالسلطة إنما يدل بتمسكه بها أنه ليس مؤهلا لها، و لقد أقول إن الدليل على جدارة صاحب السلطة، أي سلطة، هو قدرته على النزول عنها بسلاسة و سلام.


غير أن السعي للسلطة مختلف، فلكل شخص الحق في السعي إلى السلطة، بل إنه لمن نوازع النفس الطبيعية أن تطمح إلى ما هو أعلى، و إلى ما يمكّنها من توجيه العالم من حولها بحسب رؤيتها، لكن الفكرة الجوهرية هي أنه يلزم للساعي إلى السلطة، أن يضع في تخطيطه، المخرجَ من مقعد السلطة، و إن من خصائص القائد المؤهل، مهارة تكوين رؤى للمستقبل فيما يسعى إليه، فيرى السلطة الساعي إليها، و يرى نفسه فيها، و يرى نفسه أيضا يغادرها يوما ما، يجب عليه أن يفكر كيف ينزل من قمته ليستقر على قمة أخرى، و يبقى ذكره محمودا في التاريخ. 


ليس خطاب بيزوس أفكارا خطابية و تمنيات و حسب، بل نجد فيه درجة من التأريخ، و رصدا بسيطا دقيقا بدون إبهار و لا طنطنة، لإنجازات أمازون، و فيه كلام واقف على أرض الواقع تماما (أي بدون خطابة و كلام كبير مرة أخرى) عن المسئولية المجتمعية، و هي سمة القادة، أن يتحدثوا عما هو واضح ملموس للفكر و العين و اليد، لا عما هو فضفاض و خطابي بلا مضمون أو حقيقة، و هذه محاولتي لترجمة ذلك الخطاب:


الزملاء في أمازون


يثير مشاعري أن أعلن لكم أنه في الربع الثالث من هذا العام، سأنتقل إلى منصب الرئيس التنفيذي لأمازون، و أن "أندي جاسي" سيصبح المدير التنفيذي، أنوي كرئيس تنفيذي، توجيه طاقتي و اهتمامي إلى اتجاهات جديدة و مبادرات مستحدثة، و "أندي" معروف في الشركة، وقد عمل في أمازون من الوقت مثلي تقريبا، فسوف يكون قائدا متميزا، أضع فيه ثقتي التامة.


بدأت هذه الرحلة منذ حوالي 27 سنة، عندما كانت أمازون مجرد فكرة، لم يكن لها اسم بعد، و كان أكثر سؤال وُجه لي في حينها هو "ما هي الإنترنت؟، و كم يسرني أنني لم أعد أحتاج لتفسير معنى الإنترنت و ذلك من زمن طويل.
اليوم نوظف 1,3 مليونا من الموهوبين المتفانين فيما يعملون، نخدم مئات الملايين من العملاء و الشركات و الجهات، و نحن معتبرون على مدى واسع كإحدى أنجح الشركات في العالم.


كيف تم ذلك؟ الابتكار، الابتكار هو أساس نجاحنا، لقد أنجزنا أشياء مجنونة معا، ثم جعلناها طبيعية مألوفة، لقد كنا الرواد في استطلاعات أراء العملاء (Customer Reviews)، في عملية الطلب المبسطة على الإنترنت "One-Click"، في التوصيات الفردية (Personalized Recommendation)، في برايم (Prime) الذي ينتشر بلا حدود، في منظومة Just Walk Out  (نظام يسمح للعملاء بدخول المحلات و حمل ما يريدون شراءه دون التوقف عند الدفع - هذا من عندي أنا) التي تتوسع، في مبادرة منع الانبعاثات الكربونية (Climate Pledge)، في كيندل، في ألكسا، في سوق أمازون، في الحوسبة السحابية، في برنامج التأهيل الوظيفي (Career Choice)، و الكثير غير هذا، و لو أنكم وعيتموها جيدا فإنه خلال سنوات من ابتكار شيئ مدهش و غريب، فإنه يصبح طبيعيا.


إن الناس يتثائبون من الملل، و هي أقوى شكوى تصل المبدع المخترع.


لا علم لي بشركة أخرى لها هذا السجل الحافل من الابتكارات مثل أمازون، و أرانا في أفضل حالاتنا الإبتكارية، و أملي أن تكونوا فخورين بإبداعنا مثلما أنا، و أعتقد أنكم لابد أن تكونوا.


عندما صارت أمازون كبيرة، قررنا أن نستغل حجمنا و مكانتنا، لنكون روادا على المستويات الاجتماعية، و اثنان من أقوى الأمثلة تأثيرا في هذا، هما رفع الحد الأدني للأجر إلى 15 دولارا للساعة، و مبادرة منع الانبعاثات الكربونية، و في كليهما دفعنا بكامل ثقلنا، ثم سألنا الآخرين أن ينضموا معنا، و في كلا الحالتين ننجح، فشركات كبرى أخرى قادمة في ذات الطريق، وآمل أنكم فخورون بذلك أيضا.  


إنني أجد عملي ذا معنى و مبهجا، أعمل مع أنبه فريق و أكثره موهبة و إبداعا، في الأوقات الجيدة كنا نتواضع، و عندما كنا نواجه الصعاب كنا أقوياء متعاضدين، و كنا نُضحك بعضنا البعض، أنها متعة أن أعمل في فريق كهذا.


وبقدر ما أستمتع في مكتبي الآن، فإنني متشوق للمسئولية الجديدة، الملايين من العملاء يعتمدون على خدماتنا، و أكثر من مليون من موظيفينا يعتمدون علينا في مصادر دخولهم، إنها مسئولية دقيقة أن تكون مديرا تنفيذيا لأمازون، و إنها لتتطلب الكثير، فعندما تكون عليك مسئولية كهذه، يكون من الصعب أن توجه انتباهك إلى غيرها، و كرئيس تنفيذي، سأبقى متفاعلا مع مبادرات مهمة في أمازون، لكن سأملك ما أحتاجه من الوقت و الطاقة للتركيز على وقف اليوم الأول (Day 1 Fund)، وقف بيزوس للأرض (the Bezos Earth Fund)، مشروع سفن الفضاء (Blue Origin)، صحيفة الواشنطن بوست، و تطلعاتي الأخرى، إنني لم أكن من قبل أكثر حماسة مني الآن، و ليس هذا تقاعدا، إنني في غاية الشغف نحو الأثر الذي يمكن تصنعه هذا المبادرات. 


أمازون في أحسن الأوضاع للمستقبل، نحن منطلقون في كل المجالات تماما حيث يحتاج العالم إلينا، لدينا في الطريق ما سيستمر في إثارة الدهشة و الإعجاب، نحن نخدم أفرادا و مؤسسات، و كنا رواد صناعتين بالكامل، و نوعية مبتكرة تماما من التطبيقات، إننا قادة في مجالات شتى، من المعدات القادرة على التعلم (machine learning)، إلى تسويق و نقل البضائع، و إذا ما كانت أي خاطرة لدي أي منا في أمازون، تحتاج إلى إضافة أي مهارات  جديدة إلى منظومتنا، فإن لدينا ما يكفي من المرونة و المثابرة  لنتعلمها. 


واصلوا الإبداع، و لا يثبطنكم أن تبدو الفكرة في أولها مجنونة، تذكروا أن تذهبوا كل مذهب، و اجعلوا من الفضول و التطلع موجها لكم، فإنه دائما اليوم الأول. 


جف


https://www.aboutamazon.com/news/company-news/email-from-jeff-bezos-to-employees

من سيدخل الجنة

 جاء في التليفزيون المصري، في رمضان الحالي، أن المفتي السابق علي جمعة، يحدث الأطفال، فسألته طفلة، لماذا المسلمون فقط سيدخلون الجنة، وهناك أد...