السبت، مارس 21، 2020

المؤامرة في نظرية المؤامرة


تتكاثر أحاديث نظرية المؤامرة في الفترة الحالية في بلادنا خاصة، بسبب ما يمر به العالم من أحداث فيروس كورونا الجديد، و يريد الناس حكاية غامضة، لا يرضيهم أن تكون الحالة التي يعيشها العالم كله، مجرد فيروس لا خبايا وراء ما يسببه من أزمات، لابد أن السينما و الإنترنت، قد أشبعا خيالات الناس، فلما يرون الواقع يحاكي السينما، فإنهم لا يرتوون، و كيف الارتواء و كل ما يرونه جاء في فيلم من الأفلام، و في الأفلام دوما لابد من البطل المنتصر، و من الشرير الرهيب .. يريد الناس أن يعيشوا أفلاما.

فهم يتشبثون بأي فكرة شاذة، و يبنون عليها سيناريوهات أفلامهم، و حين تسمح وسائل التواصل لكل من يريد أن يتحدث، فإن الأفكار تكون كثيرة جدا، و عشاق السينما و الحكايات يلتقطون كل شيئ ثم يصنع كل منهم الصورة التي يستمتع بها خياله، فكثيرا ما لا يكون هناك أكثر إثارة و إمتاعا من أن نكون جزءا من حدث كبير، غامض و مثير، و لا حد له.

فلماذا تجد نظرية المؤامرة أرضا خصبا في بلادنا؟

للأسباب التالية:

أولا: نحن في بلاد بلا شفافية، الكذب و الكبت و الاستبداد ملامح النظام فيها، فيبحث الناس عن المعلومة، فلا يجدون إلا شظايا معلومات، فيبدأون هم في تكوين رؤاهم للأحداث، مكبلين بكل عمليات التضليل الإعلامي المرتبطة بكوننا في نظام كاذب غير شفاف أو موثوق به

ثانيا: لأننا في مجتمع غير سوي البنية، فالأعمال فيه غير مخططة، و النتائج فيه غير حرة، أي أنه ليس لكل فعل رد فعل مكافئ له، المنطق الطبيعي عندنا لا يعمل، فتجد الأمهر بائسا، و تجد الجاهل في سدة السلطة، و تجد المجتهد مهانا، و اللاعب يحوز كل التقدير، و النجاح ليس بالعمل و لا الاستحقاق، و لا شيئ يبدو في موضعه الصحيح، فالنتيجة هي أن لا يكتسب الناس مهارات التفكير العلمي و الاستنتاج المنطقي

لو أنني أرى الجهد سبيل النجاح، و الإخلاص أساس تحقيق الفائدة، و التعلم مسارا للتقدم، سوف أصبح قادرا على توقع النتائج من المقدمات، فأكون إنسانا منطقيا قادرا على الفهم السليم، و على تقدير الأحداث بأحجامها المناسبة، و بالتالي لا تستطيع نظرية المؤامرة أن تسيطر على فكري، و لا أن يخدعني متحدث تليفزيوني، فمعنى المؤامرة هو تدخل قوى خفية لتوجيه الأحداث، فلا يستطع المراقب أن يفهم، فالمقدمات لا تناسب النتائج، أو أن النتائج لا مقدمات لها ظاهرة، فعقلي البشري الفطري يريد مقدمة و نتيجة، فلو لم يتدرب على رؤية ذلك في المجتمع السوي من حوله فإنه لن يمكنه التفكير المنطقي ..

في أمريكا كنت أقول مع زميل هناك إننا نشارك في صنع التكنولوجيا، فنقرأ في الكتب و في الأبحاث، و نتكلم طوال الوقت مع أكاديميين، ثم نجلس أمام التليفزيون، فنجد الناس تفعل ما نتكلم عنه، و ندخل السينما فنرى انعكاسات هذا التفكير العلمي، فالمجتمع كله عامل منسجم مع ذاته، فنشأت فينا مهارات أقوى على التأمل و الاستنتاج ..

أما في مصر، فلا نشاهد نتائج متناسبة مع المقدمات، فكيف أفكر تفكيرا منطقيا، للتعايش مع الواقع، سأكون غريبا، سأضطر إلى تفسير الأمور بطرق ملتوية في بحثي عن مكاني أو سبيلي للوصول إلى مكان في هذا المجتمع، أو أنني سأفقد اهتمامي بمحاولة الإضافة للمجتمع، و سأريد فقط أن أحقق احتياجاتي الأساسية، و لا شيئ أكثر من هذا، أو ربما أخترق التكتيم و الغموض السائد، فأتعلم كيف أحقق النتائج بدون المقدمات، فأكون منافقا في أحسن حالات الانحراف، أو أكون مخادعا لصا مفسدا في مستويات الانحراف الأشد، و ماذا غير ذلك، إن لم أفهم كيف تسير الأمور فكيف أشارك فيها، إن لم أسر في دروب معلومة فكيف أتعلم الوصول إلى الغايات ..



من سيدخل الجنة

 جاء في التليفزيون المصري، في رمضان الحالي، أن المفتي السابق علي جمعة، يحدث الأطفال، فسألته طفلة، لماذا المسلمون فقط سيدخلون الجنة، وهناك أد...