الاثنين، مارس 18، 2024

من سيدخل الجنة

 جاء في التليفزيون المصري، في رمضان الحالي، أن المفتي السابق علي جمعة، يحدث الأطفال، فسألته طفلة، لماذا المسلمون فقط سيدخلون الجنة، وهناك أديان أخرى فيها رسل وكتب من عند الله، مثل المسيحيين، فبادرها الشيخ، هداه الله، بقوله إن القول بأن المسلمين فقط سيدخلون الجنة قول مغلوط، بدليل قوله تعالى في سورة البقرة: " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)"، ولكن الشيخ لم يكمل الإجابة لتلك الفتاة البريئة، فهذه الآية وأمثالها تتحدث عن الناس الذي عاشوا قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، وكل الرسل ومن اتبعوهم كانوا مسلمين، وكلهم كانوا قبل محمد صلى الله عليه وسلم، والشيخ بلا شك يعلم أن الآية تتحدث عمن عاش قبل بعثة محمد.

أما من عاش بعد بعثة محمد، فله شأن آخر، فمن يدعي اتباع الرسل المسلمين، ثم هو لا يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، فليس على دين الله الصحيح، يجب أن ندرك هذا بوضوح.

فأهل الكتاب الذين لم يؤمنوا بمحمد رسولا من عند الله، وخاتما الرسل و النبيين، قد استمروا على ما هم فيه، فضلوا عن سبيل الله، واختلفوا عن المسلمين بالله، وبحسب كتاب الله المحفوظ، ليس لهم أن يدخلوا الجنة، ولكن لله الأمر وله الحكم، يدخل من يشاء الجنة، ويدخل من يشاء النار، ليس لنا أن نحكم أن هذا سيدخل الجنة، وهذا سيدخل النار، ولكن لنا أن نقول بثقة، أن من لم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، لا يدخل الجنة، ثم نترك أمره للله تعالى.

ونحن لا نعلم النفوس، وليس لنا إلا الظاهر، ولقد يكون من المسلمين الظاهري الإخلاص في الإيمان من سيدخلون النار.

وليس علينا إلا أن نؤمن بأنه من اتبع محمدا فقد وجد الطريق إلى الجنة، ومن أنكر محمدا، فقد اتخذ طريقه إلى النار، وليست لنا القدرة على معرفة ما هو أكثر.

ويكون سلوكنا مع أهل الكتاب، بحسب الآية: "وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46)".

فلا نضم أنفسنا معهم في زمرة واحدة، ثم يكون التعامل معهم بالحسنى، فإلاهنا وإلاههم واحد، ولكن نحن المسلمون، أي نحن الذي نتبع الدين الخالص، وهو المختلفون عما أراد الله.

فالرجل، قد كذب على الأطفال، بأن لم يعطهم المعلومة الكاملة، فقد أخفى ما حق عليه أن يظهره، وقد يكون قد شجع البعض منهم، في مستقبلهم القريب، أن يتخذ من عقيدة النصارى دينا، لأن على جمعة قد قال، إن القرآن قال لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، ولقد قال تعالى في القرآن كذلك: "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ"، وقال: "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ"، وأما اليهود، فقد لعنهم الله تعالى بنص القرآن، وسلط عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب.

الجمعة، مارس 01، 2024

من الذبيح: إسماعيل أم إسحاق؟

 

لقد وصل الأمر ببعض المسلمين أن يتبنوا دعوى اليهود بأن الذبيح هو إسحاق، برغم أن أمر الله تعالى بالذبح، كان امتحانا لابراهيم عليه السلام، في ابنه الوحيد الذي رزق به بعد طول أمل ورجاء، وما معنى الامتحان بذبح الابن إن كان هناك غيره، إلا أن يكون الابن له حيثية بين إخوته، ولما كان أمر الذبح جاء مجردا من أي صلة بطبيعة الابن، فإن المعقول أنه كان امتحانا للأب، والامتحان من مثل هذا، هو أشد وقعا، عندما يكون الابن وحيدا، بل بعدما قد بلغ الابن السعي مع أبيه، وصار عونا له على الأمور، وإسماعيل هو الابن الذي رزقه الله إبراهيم، من هاجر المصرية، فلم يكن لإبراهيم من زوجته سارة أبناء، وإلا لما تزوج هاجر، ولما ولد إسماعيل غارت سارة، وكرهت وجود هاجر وابنها معها، فإسماعيل كان الابن الأول لإبراهيم عليه السلام، ثم من هم الذين يمارسون شعيرة الأضحية في كل عام؟ إنهم المسلمون، ولو كان إسحاق الذبيح، لقام بها يعقوب، وكل بني يعقوب من بعد، لكنها لا توجد في ممارساتهم الدينية.

في آيات سورة الصافات قول صريح بأن إسحاق لم يكن الذبيح، قال تعالى:

"وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنْ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ (108) سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111)"

فهذه آيات أمر الذبح، وما فيه، وأنه كان البلاء المبين، كما أن فيها أن إبراهيم دعا ربه أن يهبه ابنا صالحا، ومن تأدُب إبراهيم مع ربه أن قال " هَبْ لِي مِنْ الصَّالِحِينَ (100)"، لم يقل ابنا أو أبناء، فأعطاه الله ابنا ولدا، لكن الله تعالى لم يذكر عنه إلا أنه سيكون غلاما حليما، ووصفه بالغلام، كأنما لن يُقدّرَ لهذا الابن أن يكبر ويصير رجلا ناضجا كبيرا، أو كأن إبراهيم لن يعيش حتى يراه، شابا، أو أكبر سنا، فقط غلام، هذا ما أخبر به الله تعالى إبراهيم، عن الغلام، وميزته هي الحلم.

"وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَقَ نَبِيّاً مِنْ الصَّالِحِينَ (112) وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ (113)"

وهنا وبعدما أحسن إبراهيم في بلائه الذي مر به، كافئه ربه، بالمزيد من الأبناء، بشره بإسحاق، وقال إنه سيكون نبيا، بل وأخبره عن ذرية إسحاق، وهذه البشرى صريحة بأن إسحاق لم يكن الذبيح، فهل سيبشر الله عبده المحسن الإيمان إبراهيم عليه السلام، بابن، ويخبر عن ذرية هذا الابن، وعن مهمته في الحياة نبيا من الصالحين، ثم لما يبلغ الابن السعي مع أبيه، يأمر الله بذبحه، تفكير لا يستقيم، أكذب الله تعالى على إبراهيم، هل منّاه، وبشره كيدا به، وكيف يكون تفكير إبراهيم عندما يأتيه أمر الذبح، بينما هذا الابن، مكتوب له أن سيكون نبيا، وستكون له ذرية، بل إن الله تعالى قد سمى يعقوب، ابنا لإسحاق، أيبشر الله بالابن وابن الابن، بينما سيأمر بذبح الابن عند مجرد بلوغه السعي؟

لا يستقيم مع أي منطق سوي أن إسحاق هو الذبيح، إسحاق قد جاءت البشرى به مع التبشير بنبوته وبيعقوب وغيره من ذريته، بينما لا يوجد اسم لهذا الغلام الحليم، ولم يصفه الله عند التبشير به إلا بأنه غلام، مما يجعل أمر الذبح متسقا، مع البشرى، ويستطيع القلب المؤمن أن يقبله، من منطلق إيمانه بالله، بينما سيضطرب القلب المؤمن عندما يجد أمرا بذبح ابن قال الله عنه إنه سيكون نبيا وينجب أنبياء أولهم يعقوب، وإن الله تعالى لا يبدل القول لديه.

من سيدخل الجنة

 جاء في التليفزيون المصري، في رمضان الحالي، أن المفتي السابق علي جمعة، يحدث الأطفال، فسألته طفلة، لماذا المسلمون فقط سيدخلون الجنة، وهناك أد...