الجمعة، مارس 01، 2024

من الذبيح: إسماعيل أم إسحاق؟

 

لقد وصل الأمر ببعض المسلمين أن يتبنوا دعوى اليهود بأن الذبيح هو إسحاق، برغم أن أمر الله تعالى بالذبح، كان امتحانا لابراهيم عليه السلام، في ابنه الوحيد الذي رزق به بعد طول أمل ورجاء، وما معنى الامتحان بذبح الابن إن كان هناك غيره، إلا أن يكون الابن له حيثية بين إخوته، ولما كان أمر الذبح جاء مجردا من أي صلة بطبيعة الابن، فإن المعقول أنه كان امتحانا للأب، والامتحان من مثل هذا، هو أشد وقعا، عندما يكون الابن وحيدا، بل بعدما قد بلغ الابن السعي مع أبيه، وصار عونا له على الأمور، وإسماعيل هو الابن الذي رزقه الله إبراهيم، من هاجر المصرية، فلم يكن لإبراهيم من زوجته سارة أبناء، وإلا لما تزوج هاجر، ولما ولد إسماعيل غارت سارة، وكرهت وجود هاجر وابنها معها، فإسماعيل كان الابن الأول لإبراهيم عليه السلام، ثم من هم الذين يمارسون شعيرة الأضحية في كل عام؟ إنهم المسلمون، ولو كان إسحاق الذبيح، لقام بها يعقوب، وكل بني يعقوب من بعد، لكنها لا توجد في ممارساتهم الدينية.

في آيات سورة الصافات قول صريح بأن إسحاق لم يكن الذبيح، قال تعالى:

"وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنْ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ (108) سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111)"

فهذه آيات أمر الذبح، وما فيه، وأنه كان البلاء المبين، كما أن فيها أن إبراهيم دعا ربه أن يهبه ابنا صالحا، ومن تأدُب إبراهيم مع ربه أن قال " هَبْ لِي مِنْ الصَّالِحِينَ (100)"، لم يقل ابنا أو أبناء، فأعطاه الله ابنا ولدا، لكن الله تعالى لم يذكر عنه إلا أنه سيكون غلاما حليما، ووصفه بالغلام، كأنما لن يُقدّرَ لهذا الابن أن يكبر ويصير رجلا ناضجا كبيرا، أو كأن إبراهيم لن يعيش حتى يراه، شابا، أو أكبر سنا، فقط غلام، هذا ما أخبر به الله تعالى إبراهيم، عن الغلام، وميزته هي الحلم.

"وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَقَ نَبِيّاً مِنْ الصَّالِحِينَ (112) وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ (113)"

وهنا وبعدما أحسن إبراهيم في بلائه الذي مر به، كافئه ربه، بالمزيد من الأبناء، بشره بإسحاق، وقال إنه سيكون نبيا، بل وأخبره عن ذرية إسحاق، وهذه البشرى صريحة بأن إسحاق لم يكن الذبيح، فهل سيبشر الله عبده المحسن الإيمان إبراهيم عليه السلام، بابن، ويخبر عن ذرية هذا الابن، وعن مهمته في الحياة نبيا من الصالحين، ثم لما يبلغ الابن السعي مع أبيه، يأمر الله بذبحه، تفكير لا يستقيم، أكذب الله تعالى على إبراهيم، هل منّاه، وبشره كيدا به، وكيف يكون تفكير إبراهيم عندما يأتيه أمر الذبح، بينما هذا الابن، مكتوب له أن سيكون نبيا، وستكون له ذرية، بل إن الله تعالى قد سمى يعقوب، ابنا لإسحاق، أيبشر الله بالابن وابن الابن، بينما سيأمر بذبح الابن عند مجرد بلوغه السعي؟

لا يستقيم مع أي منطق سوي أن إسحاق هو الذبيح، إسحاق قد جاءت البشرى به مع التبشير بنبوته وبيعقوب وغيره من ذريته، بينما لا يوجد اسم لهذا الغلام الحليم، ولم يصفه الله عند التبشير به إلا بأنه غلام، مما يجعل أمر الذبح متسقا، مع البشرى، ويستطيع القلب المؤمن أن يقبله، من منطلق إيمانه بالله، بينما سيضطرب القلب المؤمن عندما يجد أمرا بذبح ابن قال الله عنه إنه سيكون نبيا وينجب أنبياء أولهم يعقوب، وإن الله تعالى لا يبدل القول لديه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

من سيدخل الجنة

 جاء في التليفزيون المصري، في رمضان الحالي، أن المفتي السابق علي جمعة، يحدث الأطفال، فسألته طفلة، لماذا المسلمون فقط سيدخلون الجنة، وهناك أد...