الخميس، مايو 16، 2019

عن خواطر الشيخ الشعراوي


وصلت إلى الجزء الأخير من خواطر الشعراوي، فتذكرت ما قيل عن أن الشعرواي في وفاته، كان يشير إلى أنه قد أنهى السور القصار من قبل، و يريد تجميعها ليتم تفسيره، إذ لما استمعت تسجيلاته للجزء الأخير، وجدته مختلفا، فالصوت فيه يشبه صوته في الفاتحة و البقرة، و كان صوته تغير مع السن في منتصف القرآن، كما كانت خواطره أقل ثراء في الثلث الأخير من القرآن، مقارنة بقوة حديثه في الفاتحة و البقرة و البدايات، ربما هو السن، و ضعفه الطبيعي، و ربما استنفد ما كان عنده، فجميع عناصر فكره، قد تم عرضها، و قد كان هذا واضحا جدا، فأكثر أفكاره مكررة دائما بعد الثلث الأول.
ولما بدأت أسمع كلامه عن الجزء الثلاثين، كان أسلوب الكلام يشير إلى أن هذا هو أول ما بدأ به، و لم يكن يبدأ حديثه بالشكل المعتاد، و فقط مع صورة القدر أو نحوها، بدأ يبدأ بالحمد و الصلاة على رسول الله، ثم يلخص ما كان يتحدث فيه في الحلقة السابقة، و كان ذا طاقة كبيرة و سرعة و حماس واضح، شبيه جدا بأسلوبه في مقدمته للقرآن و سورة الفاتحة و البقرة، كما أنه بالاستماع للجزء الثلاثين أجد أفكاره التي لخصها في حلقاته الستة في المقدمة قبل الفاتحة، و وعندما أتذكر سماع حلقات المقدمة فقد كان مبهرا بسعة الأفق و عمق الأفكار، بما يشير إلى تدبر طويل جدا ليصل إلى هذه المقدمة، و كان الأسلوب أقوى و أثرى ما يكون، في الفاتحة و البقرة.
فتصوري هو أن الشعراوي قد اشتغل بخواطره و طلبوا منه تقديم برنامج من هذه الخواطر يبدأ بالحزء الأخير، و لاقى هذا نجاحا كبيرا، ثم إنهم عرضوا عليه الكلام في كامل القرآن بدءا من الفاتحة، فأعد حلقات المقدمة، من خبرة أحاديثه السابقة، فأجمل فيها ملامح منهجه و عناصر فكره، و كان واضحا فيه أنه يتبع أسلوب بدء الحلقة و إنهائها كما هو في أحاديثه عن الجزء الأخير، بينما لم تكون حلقات الجزء الأخير تستخدم هذا الأسلوب إلا بعد خمس أو ست حلقات، فلاشك أنه اشتغل بالجزء الأخير أولا، و بدأ أحاديثه المصورة المشهورة من بدء القرآن، بعدما كان قد اشتغل في الجزء الأخير.
في النصف الثاني من القرآن أو حتى بعد الثلث الأول، لم يعد يلخص ما كان يقوله في الحلقة السابقة، وكان كلامه في الأيات سردا بدرجة كبيرة، يقل في عمقه عما كان في البدايات، ولا عجب في هذا، فالرجل لم يكن يفسر، و لكن كان يعرض خواطره عن مضمون الآيات.
و هنا أجد فائدة لافتة، فكأن الشعراوي قد وضع ملامح و عناصر فكره من التدبر في الجزء الأخير، و أثبته و عمقه في الكلام عن الفاتحة و البقرة و السور الطوال، إذن فإن هذه السور القصار، لم تكن فقط بدء النزول، بلغة شديدة القوة، و سور قصار، لتناسب البدء و حسب، و لكنها كانت الصور الأكثر فاعلية لتقديم مضمون العقيدة و ملامح المنهج الإسلامي في أنجع صورة، و هي كما قال الشعراوي السور الأكثر ترديدا في الصلاة و الأسهل للحفظ، فجعل الله سبحانه في هذه الجرعات القصيرة من الإعجاز القرآني مضمونا يتسع ليشمل الدين كله، فلا يجب أن يظن أحد أنها سور قصار، يحفظها الأطفال، بينما الدين يوجد في السور الطوال، فإن هذه القصار فيها كل شيئ، بل يستطيع الباحث أن يبدأ بهم ليكون رؤيته، فليست أقل مكانة من الطوال، و لا هم كانوا إعجازا لغويا لمشركي مكة لتمهيد الطريق، و لكنهم الوسائل الأنجع للتأثير، و الطريق الأسهل للمتعلم، و سيجد المتعلم و الباحث فيهم كل ما يكون في دين الله.
في سورة العصر فقط، يشير الشعراوي إلى عناصر نجاح أي مجتمع في أي عصر، و هي الإيمان، و العمل، و التواصي بالحق و الصبر، في هذه السورة الصغيرة و حسب، أفلا أستطيع أن أضيف الآن أن التواصي بالحق و الصبر، في زمننا هذا، يشير إلى وسائل الإعلام، و حرية الرأي و التعبير، فالصحافة و الإعلام ووسائل الاتصال، هي ضابط السلوكيات و الأعمال، و هي منابر المحاسبة و التوجيه، فلو كبتت حرية التعبير، و كبلت الصحافة، و وسائل الإعلام الاجتماعية الأخرى، لانحرفت السلطة، و انحرفت قطاعات من المجتمع بلا راد، بالطبع هنا الكلام عن المجتمع الكبير، و ليس نطاق الأسرة أو الأصحاب القريبين، و إن السورة تتحدث عن الإنسان، كجنس و تستثني منه، دلالة على أنه تتحدث عن البشرية جمعاء، هذا و الله أعلم.

رمضان 1440 - مايو 2019

من سيدخل الجنة

 جاء في التليفزيون المصري، في رمضان الحالي، أن المفتي السابق علي جمعة، يحدث الأطفال، فسألته طفلة، لماذا المسلمون فقط سيدخلون الجنة، وهناك أد...