الأربعاء، نوفمبر 30، 2011

د. يوسف زيدان يكتب: إجهاض الثورة وإبقاء الفورة التقلُّبُ فى الترقُّب.. مفهوم البلطجة

الدكتور يوسف زيدان فلتة من بين الكثيرين، عقلية فذة حقا، يدرك قيمة الكلام فلا يتكلم إلا بعد تدبر و نظر، فيأتي كلامه حكيما، و هو هنا يقول لنا إننا يجب أن نفهم لماذا يوجد ما يطلق عليه البلطجة، فإنها ليست المشكلة بل هي النتيجة، و كذلك يشرح كيف أن أهل المقاهي الفضائية التليفزيونية يسهمون بصراخهم المستمر في تشويش الوعي، و بلبلة الجميع، و أهم ما يراه في هذا المقال هو أن الحكمة تقتضي أن نلتزم بالطريق الذي اخترناه، و نمضي فيه، فلا تتفرق بنا السبل، لأن الصراخ التليفزيوني المستمر شتتنا بشدة، و ضلل الكثيرين

لقد مضينا في الطريق - طريق الانتخابات و الأمل أن تتم المسيرة، فلقد أثبت المصريون أنهم مازلت فيهم القدرة على العمل الكبير، برغم أولئك المضليين التليفزيونيين، و مدعي  النشاط و العمل السياسي و هم الذين يمارسون البلطجة الحقيقية على الناس

و هذا مقال الدكتور يوسف زيدان
المنشور في المصري اليوم في 30 نوفمبر 2011

بصرف النظر عن أثر (التطبيقات العملية) لإدارة المجلس العسكرى للبلاد، وهى التطبيقات التى تتفاوت بشأنها وجهات النظر ما بين قائلٍ بأن أعضاء المجلس، ورئيسه، من كبار رجال الحرب والقتال ولا يعيبهم أنهم غير خبراء فى التعامل مع المدنيين ،  وقائلٍ يتهمهم علانيةً بسوء النية وفساد الطوية، مستدلاً على ذلك بتدليل المجلس للمخلوع والمخلوعين معه، والحنان المفرط معهم، وفى الوقت ذاته يتم تعامل المجلس مع جمهور الناس على النهج (الاحتقارى) الذى أطاح بالمخلوع والذين كانوا يلوذون به ويمهِّدون له رغباته المنحرفة فى توريث ابنه «جمال» وفى النهب المنظم لثروات البلاد، وفى إخراج مصر من الساحة الدولية كطرف مؤثر، وفى خاتمة المطاف: قتل المتظاهرين الأحرار الذين أجمع المصريون على أنهم «الورد اللى فتَّح فى جناين مصر» ..
ورُبَّ قائلٍ ثالثٍ يرى أن الارتباك العام فى مصر يعود إلى خشية أعضاء المجلس من الاستقرار السريع للأمور العامة، لأن ذلك سوف يسهم فى تفتيح الأفواه وتوجيه العيون نحو مشاركة أعضاء المجلس ورئيسه فى «البلايا» التى كانت تجرى قبل قيام ثورة يناير.
وبصرف النظر عن أثر (الفعل الجماعى) للمصريين من بعد الثورة، وهو الفعل الذى لا يريد أن ينضبط، بل يتفاوت دوماً ما بين حركاتٍ شعبيةٍ حُرةٍ، بريئة، ترجو لمصر الأمن والترقى، وحركاتٍ من تلك المسماة بالعامية «نُصّ كُم» تقوم بها القوى السياسية بغير إخلاصٍ أو نية إصلاح، رغبةً فى الحصول على بعض ثمار الثورة (= قطعة من التورتة) وهو ما أدى إلى تفاوت فى الآراء ما بين قائلٍ بأن المصريين لا يستحقون الديمقراطية لأن الجهل يسود فيهم ويعيث بعقولهم فساداً..
وقائلٍ يؤكد أن ثورة يناير أخرجت من المصريين أفضل ما فيهم، لمدة أسبوعين فقط، ثم راحت الثورة من بعد ذلك تُخرج أسوأ ما فى المصريين من ميلٍ فطرىٍّ للفوضى، ومن عدم الوعى بحرج اللحظة التاريخية التى يمرون بها، ومن ميراث طبيعى للعقود الثلاثة (البائسة) لدولة مبارك، والعقود الستة (السيئة) لدولة الضباط الأحرار، جداً، التى كانت مقدمةً لدولة المخلوع وتمهيداً لها.. وقائلٍ ثالثٍ يرى أن الفعل المصرى العام يشوبه التشويش بسبب ما أسميه «تبديد التوحيد بنشر التشتيت» وهو الأمر الذى يلعب فيه الإعلام دوراً ملموساً، وكذلك المرتبطون بالنظام السابق (الساقط) بالإضافة إلى المؤامرات الخارجية التى لا ينكرها إلا جاهل.
وبصرف النظر عن أثر (الانتخابات) التى جرت فى اليومين الماضيين، ولا أعرف الآن ما الذى يمكن أن تنتهى إليه لأن هذه المقالة مكتوبة يوم الأحد الماضى، قبل أقل من يوم واحد على بدء الانتخابات. وقد سبقتها الأجواء التى نعرفها، ونعانى من اضطرابها وتفاوت الآراء فيها ما بين مرحِّبٍ بها، ومتخوِّف منها، ورافضٍ لها، وداعٍ إلى تأجيلها... إلخ.
بصرف النظر عما سبق كله، ودون الخوض فى مناقشة (الأقوال) السابقة التى لا تكاد تنتهى، فإن النتيجة النهائية للأمر، من دون أى شك، هى الحالة المصرية التى وصفتها بعنوان هذه السباعية «إجهاض الثورة وإبقاء الفورة» بمعنى تغييب المفهوم العميق للثورة بكل ما تشتمل عليه من مشاعر نبيلة تنطلق من الحب العميق لمصر والمصريين، لصالح المفهوم السطحى للمصالح العاجلة والمكاسب المرجوة. وبمعنى فقدان البوصلة التى تقوم بتوجيه الفعل الجماعى، والانشغال بالوقائع الجزئية التى تطفر فجأة كل يوم وتؤدى إلى تشتيت الإرادة العامة.
ومنذ أيام قليلة، وتحديداً من مساء يوم السبت قبل الماضى، عادت الثورة المصرية واستعادت عافيتها فجأةً، فاختفت فجأةً: أحداثُ الفتنة الطائفية وإحراق المساجد، اللعبُ السياسى بالأوراق الدينية، تصدُّرُ ذوى اللحى الكثيفة للمشهد السياسى، الهيجانُ الإعلامى لتلميع الفريق المسمَّى «المرشحون المحتملون للرئاسة» وأنصارهم، القلاقلُ المسماة «المطالب الفئوية».. وغير ذلك من تجليات (الفورة) التى صارت بديلاً ممسوخاً لحالة (الثورة).
والآن، أما آن لنا التفكير برويَّة وتَدَبُّرٍ منطقى؟ أو بعبارةٍ أوضح: ألم يحن الوقتُ لإعمال العقل فى مفردات التشويش، وفى العناصر المؤدية إلى إجهاض الثورة لصالح إبقاء الفورة؟.. سوف أتوقف فيما يلى عند نقطتين، فقط، ترتبطان ارتباطاً وثيقاً بما نُعاينه اليوم فى مصر، ونُعانى منه. وأولى الاثنتين ما جعلته النصف الأول من عنوان مقالة اليوم.
■ ■ ■
التقلُّبُ فى الترقُّب، حالةٌ مصرية ابتدأت مع ابتداء «ثورة يناير» وتطورت تدريجياً، وهى لا تزال ممتدة فى بلادنا إلى اليوم (وأظنها ستمتد فى مقبل الأيام) ومقصودى بها هو الآتى:
مع اندلاع الثورة التى أدت إلى «التنحِّى» من بعد دوام «التناحة»، رأى كثيرٌ من الناس فى مصر أن الفرج صار قريباً، وهيَّجت وسائل الإعلام حالة الاستبشار الجماعى بالمستقبل، بما سارعت إليه من إعلان الأرصدة المالية الهائلة لمبارك وحاشيته، فى بنوك أوروبا. ومن ثم، توقع الناسُ الذين ظلمتهم الأيام بأن جعلتهم يعيشون البؤس المصرى فى زمن مبارك (غير المبارك) اقتراب المطلب الذى رفعته ثورة يناير «العدالة الاجتماعية» خاصةً أن مطالب هؤلاء المصريين البؤساء متواضعة، وكلها من نوع: الحصول على وظيفة، الحصول على سكن مناسب، زيادة الرواتب، المعاملة معهم باحترام لآدميتهم. وكلها مطالب غير مستحيلة، وما دامت الأموال التى نُهبت من البلاد سوف تعود، فقد صار الصبحُ قريباً.. وترقَّب الناسُ.
ومن دون سببٍ واضح، اندلعت أحداث الفتنة الطائفية من جديد، من أجل خاطر «الأخت كاميليا» وبقية أخواتها، كأن المسلمين ينتظرونهن بفارغ الصبر لزيادة العدد وإعزاز الدين! وبسبب الأحداث الدامية مات كثيرون، لغير وجه الله، وعوقب كثيرون وعانى المصريون من حالة فزعٍ عام، وخوفٍ .. وترقَّبَ الناسُ.
غير أن المصريين وجدوا فى (الجيش) الذى يمثِّله المجلس العسكرى، حصن أمان. فاطمأنوا إلى ذلك، إلى حين، وراح بعض الكتبة «وليس الكُتَّاب» يروِّجون لفكرة بقاء العسكر فى الحكم، لأنهم الأقدر على الأخذ بزمام الأمور، ولأن الجيش المصرى جيش وطنى (كأن أحداً يظن أنهم مرتزقة!) وأن المشير يسير بخطا الواثقين، ولا بأس من اختياره رئيساً لمصر بدلاً من هؤلاء «المحتملين» غير المحتملين.. وترقَّب الناسُ.
وطفرت فجأة أحداث ماسبيرو، التى لا أعرف فى مصر أحداً يستطيع أن يجزم بحقيقة ما جرى خلالها، أو يقتنع بأن الأهوال التى جرت كانت مصادفةً، أو وقعت من دون تدبير. وليلتها تعالت الدعوات الإعلامية (الحكومية) للناس، بضرورة النـزول إلى الشوارع لحماية الجيش!
ونقلت الشاشات صوراً للاعتداء على الجنود، فكانت النتيجة الضرورية لذلك هى افتقاد الشعور العام بالأمن العام، مع إدراك أن قوات الجيش لن تقدر على ضبط حركة الناس فى المدن. وهو ما كنتُ قد أشرت إليه قبل شهور، فى مقالة نُشرت هنا بعنوان «حيرة الدبَّابة عند طنين الذبابة» وفى مقالات أخرى صرَّحت فيها بوضوح بأن حياة المدن تفسد الروح العسكرية. وبدلاً من استبشار المصريين بالحصول على «الحماية» تحت جناح العسكر، راحوا يتشككون فى نوايا «المجلس» وفى ضمير «الجالسين» .. وترقَّب الناسُ.
ومع امتلاء ميدان التحرير، ترقَّب الناس. ومع الإعلان عن «أحفاد مبارك» بالعباسية بعد «أبناء مبارك» بروكسى، ترقَّب الناس. ومع فوران المطالب الفئوية فى عموم البلاد عند أول تباشير الاستقرار العام، ترقَّب الناس. ومع اقتراب موعد الانتخابات فى غمرة الغياب الأمنى، ترقَّب الناس.. وخطورةُ التقلُّب فى الترقُّب، تأتى من استحالة وضع خطط عمل حقيقية للخروج بمصر من اللحظة الحرجة التى تعيشها، وتأتى من عدم القدرة (بسبب التقلُّب الدائم) على تحقيق منجزات حقيقية تدفع بالبلاد نحو المستقبل، وتأتى من شيوع الضبابية وانعدام القدرة على الرؤية الواضحة.
بعبارة أخرى، ما دامت أفئدة المصريين تتقلَّب فى كل لحظة ما بين المتناقض من الأمور: ما بين الخوف والرجاء، ما بين التوجس المفرط والاستبشار المفرط، فإن حالة الذهول الذهنى سوف تظل قائمة.. وإذا ذُهلت الأذهانُ، والعقول، فلا مجال للعمل. وإذا توقف العملُ، الخطط المستقبلية، فلا مجال للتقدم، وإذا قعدت البلاد عن السعى إلى التقدم، والسير نحوه بخطى ثابتة، فلا مجال إلا للتخلف.
ما الحل؟ كما ذكرتُ فى مقالتى السابقة، فإن الأمراض تعالج بأضدادها، حسبما قال الحكماء القدماء: «الضد للضد شفاء». ومعنى ذلك أن نكفَّ بقدر المستطاع عن (التقلُّب) فى (الترقُّب) ونستمسك بمسارٍ محدَّد نضعه على رأس الأولويات، فإذا تمَّ أمرٌ شرعنا فى الذى يليه. وقائمة هذه الأولويات، حسبما أرى، هى الآتى: إبعاد العسكر عن المشهد السياسى فى أقرب فرصة ممكنة، تأمين الحدود، الإزاحة الفورية لمن بدا فسادهم، الإلغاء الفورى للموالد التليفزيونية، إطلاق المبادرات الفردية بأقصى طاقة لها (فالمقاول يبنى بيوتاً لسكان العشوائيات، والشرطى يحترم الناس فيحترمونه، تشجيع الشباب على رعاية أحيائهم السكنية ونظافتها... إلخ).
■ ■ ■
نأتى من بعد ذلك إلى النقطة الأخرى «مفهوم البلطجة» وهى تتصل اتصالاً وثيقاً بالنقطة الأولى، لأن ما يعتقده كثيرون من انتشار (البلطجة) يؤدى إلى ازدياد قلق (الترقب) الذى يؤدى بدوره إلى انتقال الحال المصرى العام من الثورة إلى الفورة، من العمل الجماعى إلى القلاقل الفرعية، من الكلى إلى الجزئى.. وبطبيعة الحال، فإن الصورة التليفزيونية المصرية خصوصاً والعربية عموماً، لم تدَّخر جهداً فى تقديم وهم «البلطجية» للمشاهدين على طبق من (فضة) على الشاشة (الفضية) التى لا يكف ضيوفها عن النعيق والزعيق طيلة الوقت، اللهم إلا فى وقت : الخروج إلى فاصلٍ إعلانى، ونعود!
وفى واقع الأمر، أرى أن «البلطجة» المزعومة فى مصر، هى محض وهم كبير شارك كثيرون فى صنعه، لأغراض متعدِّدة لن نخوض فيها الآن.. فدعونا، معاً، ننظر فى هذه اللفظة (بلطجى) ومعناها، لنعرف حقيقة هذا المفهوم الذى تم الترويج له، بكثافة لافتة، عقب قيام الثورة المصرية فى يناير الماضى:
من حيث الشكل، فإن كلمة «بلطجى» هى مفردة تركية الأصل، يستعملها العامة فى مصر على نحوٍ مخالف لمفهومها الأصلى. فالبلطجى من حيث اللغة التركية، هو حامل «البلطة» الذى يتولى تنفيذ حكم الإعدام، أو يخرج مع الجنود للقتال مستعملاً سلاحه ثقيل الوطأة. وعلى المعنى ذاته جاءت مفردات: عربجى (سائق العربة)، حملجى (الخارج مع حملة الأمن)، قلعجى (جندى القلعة)، ثورجى (محترف الهياج)، قهوجى (صانع القهوة)... إلخ. وبالطبع، فهؤلاء الموصوفون بالبلطجية لا يحملون فى أيديهم بالضرورة بلطة، أى أنهم من حيث ظاهر اللفظ ليسوا بلطجية.
أما من حيث المعنى وهو الأهم، فإن مفهوم «البلطجى» هو الشخص الذى يعتمد على قوته البدنية من أجل تحصيل المال بانتظام ممَّن يقومون بأعمالهم، ويحتاجون حمايته أو يدفعون عنهم أذاه بتقديم قدر من المال. وقد رأينا صوراً لهؤلاء «البلطجية» فى بعض أعمال الأستاذ نجيب محفوظ، خاصة فى (الحرافيش) والذين عاشوا فى مناطق شعبية قبل عقود من الزمان، لابد أنهم رأوا ظاهرة البلطجة عياناً، لأنها كانت منتشرة آنذاك.
والعجيب فى الأمر، أن «البلطجى» بمفهومه الكلاسيكى لابد أن يكون حريصاً على استقرار الأعمال، وإلا لن يحصل على المال ممن يقومون بأعمالهم! ولابد أن يحقق الحالة الأمنية فى الحارة أو الشارع أو المنطقة التى يقوم فيها بدور البلطجى، وإلا ساد الاضطراب واحتاج الناسُ إلى بلطجى آخر يقوم بما عجز عنه البلطجى الذى انتهت صلاحيته! ولابد أن يمتاز البلطجى ببعض المزايا الخلقية، على الرغم من اعتماده على قوته البدنية وقوة أتباعه، وإلا انتقل من خانة «البلطجى» إلى خانة «الإجرام».. والبون شاسع بين هذا وذاك.
فهل الذين يهددون أمن الناس فى مصر، اليوم، بلطجية بهذا المفهوم؟.. بالطبع لا، فما هم فى واقع الأمر إلا خليط يجمع بين الفارين من السجون والهاربين من تنفيذ الأحكام (وهؤلاء مجرمون) وبين سكان العشوائيات الذين صاروا مع فقدان الأمل يكرهون المجتمع العام الذى ظلمهم (وهؤلاء معذورون) وبين الذين أسرفوا فى تناول المخدرات القوية فأقعدهم ذلك عن العمل مع إلحاح الاحتياج للمخدرات الطبيعية والكيميائية (وهؤلاء مدمنون) وبين صغار الشباب اليافع فى المناطق المهملة تنموياً، مع أنهم يجوسون خلال الديار فى المناطق المرفهة (وهؤلاء مظلومون).. أما الزعم بأن هؤلاء جميعاً بلطجية، فهو زعم لا يتوافق مع طبيعة لفظ «البلطجى» ومعناه الأصلى.
الليلة الماضية، السبت الموافق للسادس والعشرين من الشهر الجارى، كنت بمنطقة «سموحة» التى صارت منذ قيام الموجة الثانية من الثورة المصرية، مستقراً للكاميرات التى تنقل إلى الناس ما يسميه الإعلام (أحداث البلطجة) وكان معى صديق يسكن هناك، فجاء من يخبره بأن البلطجية يتجمعون خلف (زهران مول) استعداداً للهجوم على مديرية الأمن والشقق والمحال الفاخرة بالمنطقة، لكن الشرطة وشباب ثورة يناير وسكان المنطقة يستعدون لصدِّهم. طلبت من صديقى المهندس عبدالله نصر، أن نقترب من المكان، فوافق على مضض. فرأيتُ العجب:
هؤلاء الموصوفون بالبلطجية محض مراهقين بائسين يحملون فى أيديهم العِصِىَّ والسكاكين، وقوَّادهم يحملون أسلحة خفيفة. وليس فى هؤلاء (البلطجية) بلطجى واحد بالمعنى الحقيقى، فما هم إلا جوعى وجهلة ومتشردون ويائسون، عيونهم زائغة وأبدانهم شديدة الجفاف وملابسهم رَثَّة.. هم باختصار، ضحايا عصر مبارك الذين قاموا أو قام القريبون منهم، بالإغارة على «كارفور» القريب منهم، فنهبوا فى يناير الماضى برعاية الشرطة المنحرفة والمنحرفين من رجال الحزب الوطنى، كل ما وجدوه من أجهزة وأطعمة ما كانوا يحلمون يوماً بتذوقها، حتى إنهم يومها نهبوا الألبان والأجبان الغالية والرخيصة، والخضروات، ولا شك فى أنها كانت بالنسبة لهم لحظة فرح وانتصار وشبع من بعد جوع. فلما وجدوا ما يدعوهم لتكرار الأمر، خرجوا معه يحلمون بتكرار الأمر!
أما هؤلاء الذين يصدونهم، فهم «الشرطة» التى قيل لهم إنها انهارت، أو سكان الحى الذين قيل لهم إنهم «الحرامية الذين سرقوا البلد» و«أكلوها والعة» وإجمالاً هم الظالمون، أو شباب ثورة يناير الذين قيل لهم إنهم «شوية عيال خِرعة»... إلخ.
ولم تحدث مواجهات، فقد تجمع فى الظلام هؤلاء الموصوفون زوراً بالبلطجية (خلف محطة بنـزين سموحة) واجتمع أفراد الشرطة حول مديرية الأمن من دون أن يتقدموا، واجتمع سكان الحى وشباب الثورة حول ميدان فيكتور عمانويل.. وظل الحال، حيناً، ثم تبدَّدت الجموع!
■ ■ ■
وختاماً، إن وَهْم انتشار «البلطجية» لا بد لنا من إعادة النظر فيه من زاوية أخرى، غير تليفزيونية، ترى فى هؤلاء جانباً آخر.. لا يقلل من خطورة أمرهم، وإنما يمهِّد لتفكيك ظاهرتهم وتقليل ظهورهم، بدلاً من استعمالهم بخبث فى تعميق حالة التقلُّب فى الترقُّب، التى هى واحدة من أدوات «إجهاض الثورة وإبقاء الفورة».. فتدبَّروا.

البرلمان المصري

هناك أمور ملتبسة كثيرة في الفترة الحالية، و القلق مازال قائما، لا أستطيع أن أطمئن أن الأمور ستسير كما نأمل ... غير أن الانتخابات التي بدأت شيئ كبير ...  هل سنرى في مصر مجلسا للشعب يجلس فيه أشخاص قادرون على التفكير و التعبير و العمل من أجل الوطن؟ هل سنرى هذا؟ أشخاص مدركون أنهم في موقف مسئولية عظيمة، تتناول أمورا جليلة فيها مستقبل البلاد، و رخاء أهله .. و ليس تقديم وساطات أو الفخر الفارغ بالنفس .. نريد عقولا و قلوبا في البرلمان .. نريد أشخاصا ذوي رؤى .. يرون المستقبل و يسعون إليه، فإن هذا حق من حقوق كل مصري

السبت، أكتوبر 15، 2011

العد التنازلي نحو الحرب

أولا : الاقتصاد الأمريكي في حاجة إلى حرب لينتعش، هكذا قال المحللون الاقتصاديون في بدايات أكتوبر 
ثانيا : الإعلان عن كشف خطة لاغتيال السفير السعودي في الولايات المتحدة، الخطة عبيطة، و السبب فيها أعبط و هو أن هذا السفير هو الذي نقل طلب الملك السعودي لأمريكا بتدمير النظام الإيراني - في 10 أكتوبر

ثالثا: و السعودية الآن تتوعد و أوباما يقول إنه لا يستبعد الحرب لتأديب إيران في 11  أكتوبر
 رابعا : أمريكا تسعى بجد لتحسين العلاقات بين مصر و إسرائيل، و اسرائيل تعتذر رسميا لمصر، ثم مصر تساعد على الإفراج على الأسير الأسرائيلي لدى حماس في أكتوبر 13

خامسا: صفقة أسلحة من أمريكا إلى البحرين عبارة عن مهمات للدفاع الخارجي ، فيا ترى ما الذي سيهاجم البحرين؟ لابد إيران، فلماذا؟ لابد أن إيران ستنتقم بعد الهجوم عليها من دول الخليج، فهل لا تحتاج دول الخليج الأخرى أسلحة أيضا؟ نعم و لكن بالتروي لكي تتم الخطة، و من الذي يبيع السلاح؟ إنهم الأمريكيون، في أكتوبر 15

الجمعة، أغسطس 26، 2011

لعب العيال من جديد

على استحياء بدأت صحف تعود للكلام عن تأجيل الانتخابات و تشغيل اسطوانة الدستور أولا  التي كانت توقفت، و يبدو أن الخوف يتجدد في قلوب مناضلي الكلام  و أدعياء الديموقراطية  بسبب اقتراب الموعد لبدء الانتخابات، و قد تزامن هذا مع حوادث تعدي على بعض رموز حزب العدالة و الحرية، تتم بطرق مريبة، و محاولات إثارة أمور سخيفة مثل لبس البيكيني على الشواطئ، و لا يدل هذا إلا على ان النية سيئة، و لن يتحقق من ورائها إلا إلهاء الناس عن الأمور الكبيرة، فهل من المنطقي الكلام عن منع الخمر و البيكيني، في وقت الحاجة إلى وضع استراتيجيات للنهوض بالتعليم و الصحة، و الصناعة و الزراعة، يجب أن يكون هذا هو الكلام، و حتى و إن جاءت أفضل البرامج الانتخابية ممن يريد منع الخمر بقرار، فليكن، و مادام هناك برلمان و انتخابات و شعب قادر على الرفض فما سبب الخوف ، علما بأن هذا الكلام عن الخمر و البيكيني جاء محرفا و مغرضا في عناوينه و جاءت تفاصيله غير عناوينه ، و إذا ما ذكرت أن الناشر كان صحيفة روز اليوسف يزول العجب، فهي حديثة عهد بالعهد الجديد، و كانت من نجوم العهد السابق

و هناك تهديد بمظاهرات جديدة للضغط على المجلس العسكري لتأجيل الانتخابات، كالطلاب الخائبين يريدون الهروب من الامتحانات ... و لو بإحراق المدارس على من فيها


بعد انتصار الشعب الليبي

جاء الانتصار الليبي مفاجئا، ثم قالت الأنباء إن قواتا تابعة للناتو كانت على الأرض فعليا في معركة طرابلس، مما يجعلنا نسأل سؤالا عن مقتل اللواء يونس قبل أيام، فإن حادثا سابقا قد جرى في أفغانستان تم فيه اغتيال القائد أحمد شاه مسعود قبل أيام من حادث تدمير برجي مركز التجارة في نيويورك سنة 2001،  ثم غزو أفغانستان

لقد توقفت الأخبار عن مقتل اللواء يونس فجأة في ليبيا، ثم جرى الهجوم على طرابلس  و اقتحامها بكل سلاسة، و رأينا الثوار الليبيين حاملين السلاح، ثم إذا بالأنباء تأتي، أولا من أمريكا عن أن اليورانيوم الليبي في أمان، و التحذير من التطرف و من القاعدة، ثم عن وجود الكوماندوز الإنجليز، ثم وجود قوات قطرية و أردنية، و كل ذلك مع تصدر الرئيس الفرنسي المشهد بل و إعطائه هو تصريحات عن أنه سيكون لمصر دور كبير في ليبيا، و تصريحات حلف الناتو أن مهمته مستمرة ، و رفض الأمم المتحدة الاعتراف بالمجلس الانتقالي الليبي، و كذا رفض الجزائر، و مازلنا ننتظر المزيد

إن ليبيا مهمة جدا، و أول أنباء خرجت منها كانت عن السعي لتصدير البترول الليبي الممتاز خلال شهرين ، و ليست هناك بقايا نظام سابق أو جماعات متعارضة، بل البلاد كلها تبدو متحدة و متجانسة ، فهل هناك خطط للتدخل في ليبيا؟

هل كان اللواء يونس عقبة بشكل ما ضد الإسراع في الحرب في ليبيا، و التدخل الأجنبي المباشر فيها على الأرض؟
أم أن هذا الحادث سيكون المبتدأ للنزاع و الفتنة في ليبيا؟

هذه مجرد أسئلة اعتمادا على متابعة الأخبار

الثلاثاء، أبريل 05، 2011

ملحوظات في إطار التحول الديمقراطي

كان واحدا من أسباب الموافقة على التعديلات الدستورية في الشهر الماضي هو تسريع عملية التحول و الوصول إلى إقامة نظام فيه برلمان و رئيس و جيش متفرغ للحماية، فلقد كان التأخير يحمل فرص فتح المجال الأوسع أمام التدخلات الأجنبية ، و هي تدخلات ستحدث بشكل غير مباشر من خلال التفاهمات بين تلك القوى الأجنبية و بعض القوى في البلاد

و لقد تبدلت الاتجاهات نسبيا فصار من الممكن القول إن الاستفتاء لم يكن ضروريا، فالرفض و القبول فيه قد أوصلا إلى نفس النتيجة هي إعلان دستوري، يلغي صلاحيات الرئيس المخيفة، و يطمئن الجميع معنويا من ناحية دستور 1971، و هذا التحول جاء استجابة للرفض القوي و المخاوف من دستور 1971، و هو رفض له منطق و لكن يشوبه الكثير من الخوف غير المنطقي بل المرضي أحيانا كما قلت في مقال من قبل

و رغم أن التركيز الإعلامي كان على الحملات المنسوبة إلى التيارات الإسلامية لدفع المصوتين للموافقة على التعديلات، فإن الغريب أن القنوات الإعلامية و الصحف كانت محشودة في حملات تعبوية لرفض التعديلات، ظهرت فيها كل الرموز للجماعات الحزبية و الجماعات النشطة المختلفة، و بكثافة مريبة

و قد كانت الصورة مثيرة للقلق فلماذا كان كل هذا التخويف من الموافقة رغم أنه كان ظاهرا قبل التصويت أن النية متجهة إلى الإعلان الدستوري لا إلى إعادة تفعيل دستور 1971، و التعجب كان أشد من قوى الأحزاب القديمة التي لم تكن إيجابية من قبل و لا بناءة، خاصة و أن التعديلات كانت تحقق لهما أمالها المرجوة منذ سنين، في حين أن القوى الأخرى الجديدة و خاصة الشبابية كانت موافقة، و أنا هنا أعتمد على نتائج الاستفتاء ذاته لأقول هذا، فإنه عندما تكون مظاهرات الثورة بلغت 15 مليونا أو نحوها، فلاشك أن هؤلاء الثوار سيكونون أول المصوتين و النسبة الأغلب من المشاركين في الاستفتاء، فلما تأتي النتائج أن 4 ملايين فقط رفضوا فهذا يعني أن أكثرية شباب الثورة وافقت

و الآن عادت أحزاب الوفد و التجمع و الأحزاب الأخرى تلك، و بعض من ضيوف التليفزيون يمارسون الكلام غير البناء و الهدام أحيانا برفض الإعلان الدستوري، أو على الأقل إبداء الأسى على كيفية إدارة الأوضاع ، و رغم أن الاستفتاء أثبت أن أولئك المتكلمين و الأحزاب المتكلسة و قوى أخرى ليس لها الحضور و لا التأثير فإنهم لا يتعلمون الدرس أبدا، ( و أشير مثلا إلى التوقعات أن حزب الوفد قد يرشح أحمد شفيق رئيسا للجمهورية، و إلى كلام رفعت السعيد و بعض الوفديين عن اعتراضهم لأن أحدا لم يستشرهم في محتوى الإعلان الدستوري) هكذا ، فالرفض و الاعتراض هنا بالفعل رفاهية و يبلغ حد الإدمان، فهم معارضون بالمهنة لا بالمبدأ و الرؤية الاستراتيجية، و هم لا بقدمون البديل الواضح

إن دافع كلامي الآن هو التأكيد - لنفسي على الأقل - أنني إنما أريد أن أجد النظام في مصر و قد تكون، من برلمان و رئيس و حكومة و دولاب عمل متكامل، ليقود البلاد نحو المستقبل، و أسعى مؤيدا لكل ما من شأنه تقريب ذلك، فإنه لا يصح أن نبقى حيث نحن

و لقد قال وزير الدفاع الأمريكي في مصر الأسبوع المنقضي إنه لا ينبغي التعجيل بإجراء الانتخابات البرلمانية و لنفس المبرر الشائع بين الأحزاب هنا و الذي هو إعطاء الفرصة للأحزاب الجديدة و القوى الناشئة، و لكن إن كان هذا القول مقبولا من الأحزاب المصرية و بعض الجماعات الأخرى لأنهم لا يستطيعون استيعاب الظروف دون تأثيرات المخاوف النفسية المترسبة فيهم و لتعقيدات عدة في أحوالهم و توجهاتهم، و لأنهم بشكل غريب يظنون أن أحزابا جديدة ستستطيع أن تكون مستعدة للمشاركة في الانتخابات و البرلمان في أول شهور وجودها ثم هم لا يصفون كيف لقوى مثل هذه أن تكون فعالة بدون الخبرة و بالتحديد في مرحلة انتقالية شديدة الحساسية - أو ربما هم يظنون أن الانتخابات من أجل المستقبل مجرد مباراة رياضية تحتاج الفرق فيها وقتا للاستعداد

إلا أن مثل هذا القول من وزير الدفاع الأمريكي مثير للاهتمام، و لا أستطيع التعامل معه بنفس المنطق، و لكني أجدني أعود لأفكر في أن تأخير الانتخابات يعطي للقوى الخارجية الفرصة للتدخل و التأثير، و لنؤجل قليلا الكلام عن القوى الداخلية المقلقة، فها قد ظهر الحزب الوطني علانية من خلال الفيسبوك، و تعالت الأصوات التي لا ترى أن هناك خطوطا حمراء في معرض الكلام عن الهوية المصرية و توجهات المستقبل و تزايدت مشكلة تهور بعض الجماعات السلفية، و حقيقة صار عدم اكتمال الوجود الشرطي مؤثرا - و بذكر القوى الخارجية فالمقصود هنا بالتأكيد هو الولايات المتحدة، و التي لا يخفى قلقها من التوجهات الجديدة للخارجية المصرية، التي تبدو عليها الاستقلالية نسبيا، فقد كان مرور السفينتين الحربيتين الإيرانيتين في قناة السويس لافتا، و كان تحذير وزير الخارجية إسرائيل من العدوان على غزة مختلف النبرة، خاصة و أن مصر يسرت الحركة عبر معبر رفح و سمحت لقادة حماس بالحركة، إضافة للتصريحات الودية نحو إيران و عدم اعتبارها بلدا عدوا، و تصريحات أخرى لوزير الخارجية فيها مسئولية أكثر نحو الأوضاع في المنطقة كانت مفتقدة في العهد السابق، و يضاف إلى هذا كذلك زيارة رئيس المخابرات الجديد إلى سوريا، و لا يمكن إلا أن نشير و بتقدير كبير إلى زيارة رئيس الوزراء إلى السودان، و يأتي قانون الأحزاب الجديد ليفتح الأبواب أمام مشاركة كل مخلص و قادر من أبناء مصر
هذه الأحداث القليلة لها دلالة مهمة على أن إمكان تحقق استقلالية القرار المصري غير بعيد، و مع الصحوة و الوعى القائم بين جميع طبقات الشعب و شرائحه فإن الفرصة كبيرة في أن يتم انتخاب برلمان قادر على أن يمثل مصر التي غابت عن دورها في العهد السابق، و يجعلنا هذا نريد أن يكون لدينا البرلمان و لدينا الرئيس المنتخبين منا، ليعملوا تحت رقابتنا من أجل المستقبل، فإن كل تأخير يبعد المستقبل عنا و يخلق العقبات في الطريق إليه

الأربعاء، مارس 23، 2011

فنون و آداب

كانت صرخة الكاتب صنع الله ابراهيم رافضا جائزة مبارك عملا نبيلا، ترفع فيه الكاتب على أن يقبل جائزة من نظام سقط بمصر إلى درجة من الانحطاط و الاضمحلال الثقافي غير مسبوقة، فحتى في عهود الاحتلال و عهود المماليك، و العثمانيين كانت مصر ذات جلال و قيمة ثقافية و فنية عالية، و لم تكن بأدنى ما وصلت إليه أبدا في عهد مبارك فلا ثقافة و لا علوم و لا فنون و لا آداب كما قال صنع الله ابراهيم على المسرح حينها

ذكرني بذلك الموقف خبر جاء اليوم عن تخفيض عدد من الممثلين المصريين لأجورهم، إما لوقوعهم في القوائم السوداء لثورة يناير كما يقال، أو للتخفيف من حدة الأزمة التي تمر بها السينما المصرية

و لابأس بذلك و لكن حين نقرأ الأرقام نذهل، فهي بعشرات الملايين، و الذهول يأتي من التأمل فيما يقدم من "فن" سواء سينما أو تيلفزيون، فعندما يأخد ممثل 20 مليون لعمل فيلم أو مسلسل نظن أنه سيحصل على جائزة كان، فلما نشاهد لا نرى إلا التهريج و السخف و التفاهة و الاستهبال و القذارة الخلقية هم ما تقدمهم أكثر الأفلام و المسلسلات المصرية، كم مسلسل نذكره أو فيلم له قيمة في الأعموام السابقة، و هل نحن ننافس بوليوود الهندية و لا أقول هوليود، و هل نحن حتى ننافس مسلسلات سوريا و تركيا، لا

و في الوقت ذاته تغرقنا الفضائيات بالأعمال الخليجية، و صرنا نغني غناءهم و نظهر بمظهرهم أحيانا و نتطلع لنعيش كما يعيشون إن لم يسعدنا الحظ لنذهب لنعيش في الخليج ذاته ... و لم تعد لنا مهابتنا التي عشنا بها ...  و ليس هذا ضدهم بلقد عملوا و تطوروا و نالوا بسعيهم ... و لكنه الأسى على حالنا الذي كان الرائد ثم هوى، و ما سبب هويه إلا دخولنا عصر الاضمحلال المباركي

يقول الخبر ما يلي


ذكرت مصادر صحافية أن الفنان عادل إمام وافق على خفض أجره المتفق عليه في مسلسل "فرقة ناجي عطا الله" المنتظر عرضه في رمضان المقبل بواقع 10 ملايين جنيه، في خطوة خطى على منوالها نجوم مصريون آخرون على رأسهم غادة عبد الرازق والمطرب الشاب تامر حسني.

وحسب ما ذكرته صحيفة روزا اليوسف القاهرية فإن مصادر -لم تحدد هويتها- قالت "إن إمام لم يقرر خفض أجره من 30 مليونًا إلى 20 مليونًا فقط إلا بعدما شعر باهتزاز نجوميته وشعبيته بعد انضمامه للقائمة السوداء"، وبدأ الزعيم تصوير المسلسل قبل اندلاع ثورة 25 يناير بأسابيع، وكانت الأخبار وقتها عن تقاضيه أكبر أجر ضمن نجوم رمضان لهذا العام.

وقررت غادة عبد الرازق، بحسب المصادر ذاتها، تخفيض أجرها للنصف في مسلسل "سمارة"، وذلك بعد انضمامها للقائمة السوداء التي أطلقها شباب الثورة ضد الفنانين.

وأشارت روز اليوسف أيضا إلى أن تامر حسني وافق على خفض أجره لمسلسل "آدم"، الذي قام بتصوير 20% من مشاهده ويعد أولى بطولاته التلفزيونية من 25 مليونًا إلى 15 مليونًا فقط.

وتعد الفنانة منة شلبي أول فنانة تقوم بخفض أجرها قبل أحداث يناير، حين وافقت على الحصول على نصف أجرها نظير تعاقدها على بطولة فيلم "إذاعة حب"، وذلك لمرور السينما بأزمات مالية، وقد ثبتت منة على موقفها السابق بعد الثورة؛ حيث أكدت أنها ستخفض النسبة للنصف أو أكثر في الأعمال المقبلة.

وعلى الرغم من انسحاب الفنانة رانيا يوسف من القيام ببطولة مسلسل "شباب امرأة"، الذي كان من المقرر البدء في تصويره مع شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل، لرفضها تخفيض الأجر قررت التنازل عن جزء كبير من أجرها نظير قيامها ببطولة مسلسل "الزوجة الثانية"، التي تقدم من خلاله دور الراحلة سعاد حسني.

وقد اتفقت الشركة المنتجة للمسلسل على تخفيض أجور كل المشاركين فيه، ومن بينهم الفنان الكبير صلاح السعدني والفنانة هالة فاخر، واللذان وافقا على تخفيض نسبة الأجور للبدء في تصوير المسلسل والمساهمة في توفير الإمكانات المطلوبة له.

وقرر خالد صالح أن يتقاضى 50% فقط من أجره المعتاد عن بطولاته الدرامية، وذلك لمرور السوق الإنتاجية حاليًا بأزمة، ما أدى إلى حدوث حالة من الكساد غير الطبيعي في الموسم الدرامي.

فيما قررت الفنانة إلهام شاهين تخفيض أجرها عن مسلسل "قضية معالي الوزيرة"، الذي يتوقف في الوقت الجاري أيضًا، لعدم وجود قنوات فضائية تشتري الدراما.

ووافقت الفنانة داليا البحيري أن تحصل على نصف أجرها فقط في مسلسلها الجديد "بأمر الحب"، الذي لم تبدأ به حتى الآن وعبرت عن حزنها الشديد لخروجه من السباق الرمضاني المقبل، واكتفى الفنان محمد هنيدي، بحسب المصادر ذاتها، بالحصول على 19 مليونًا فقط بدلا من 24، ويقوم حاليًا بانتظار استكمال الديكورات الخاصة بمسلسله "مسيو رمضان أبو العلمين"؛ ليبدأ التصوير الداخلي بعد أن انتهى من أغلبية المشاهد الخارجية بمدينة باريس الفرنسية.

الأربعاء، مارس 16، 2011

الرفض عرض لاختلال نفسي و الموافقة ثقة في النفس

كنت منذ إعلان مضمون التعديلات الدستورية موافقا عليها، و قد وجدت أنها تتيح إجراء انتخابات نزيهة مضمونة الصحة، و تفتح الباب لانتخاب رئيس جديد، و تقرر أن دستورا جديدا سيتم إنجازه، فكان هذا كافيا، فما هو المطلوب بعد ذلك، فلسوف يوضع دستور جديد للمستقبل، و القرارات عادت بين أيدي الناس في الانتخابات .. و لكني وجدتني أفكر في تفضيل انتخاب رئيس قبل البرلمان، على أساس أن البرلمان سيشوبه وجود بعض من رجال النظام السابق بحكم القدرة المادية و الخبرة بالأوضاع القائمة، و أمور الانتماءات العائلية و التحالفات و الصلات المماثلة التي سادت فيما سبق، بجانب نسبة الخمسين في المائة عمالا و فلاحين، فهذان العنصران خطيران و لن يساعدا على رفع جودة البرلمان، و قال البعض إن رئيسا جديدا أولا سوف يكون فرصة للاستبداد بما أن دستور 1971 مازال هناك، و كنت أرى أن انتخاب شخص واحد أسهل من انتخاب برلمان، فالمرشحون سيكونون تحت الأعين و لا توجد فرصة هناك لنجاح الرجل الساعي للاستبداد مادام الشعب يراقبه و سوف يستمر يراقب من يفوز كذلك ... غير أن واضعي التعديلات رأوا أن البرلمان أولا فلا مجال لتلك الفكرة الآن

و لكن فوجئت بالمعارضة العالية الصوت و كأن الكارثة ستقع، و تتلخص المعارضات في ما يلي:

 البرلمان سيملكه الأخوان و الحزب الوطني و لن تستطيع القوى الأخرى المنافسة لأنها غير مستعدة بعد
 دستور 71 لا يجب أن يبقى و فيه صلاحيات الرئيس كما أنه ستكون فيع تناقضات سيئة جدا
 الخوف من انحراف الرئيس أو البرلمان و عدم وضع دستور جديد يكون فيه المراد

و لقد تسرب الخوف إلى قلبي حقا، فالثورة المضادة صارت ظاهرة و معترفا بها، و إمكان وصول الحزب الوطني و لو متخفيا و بدرجة معتبرة لا يمكن التقليل منه، و استمرار مبادئ الاستبداد في دستور 71 حقيقة

في المقابل فإن رفض التعديلات سيعني أن نبحث عن بديل آخر سيكون غالبا إعلانا دستوريا و الإلغاء الكامل لدستور 71، ثم تتم الانتخابات، فكأنه فقط تأجيل للأمور، للتخلص من إحساس نفسي و السلام ... و قد فكرت بالفعل لماذا لم يحدث ذلك الإعلان الدستوري منذ البداية، و جرى تفضيل المنهج الذي وضعه الرئيس السابق للتغيير ..و لكن نحن أمام الواقع و لنتعامل معه

و رغم الإحساس بالقلق، فقد بقيت موافقا على التعديلات، و هذا بالدرجة الأولى اعتمادا على الثقة بأن الشعب يراقب الرئيس و البرلمان و لن يسمح لهما بالتحول للاستبداد، ثم إن البرلمان بمجرد انعقاده سوف يبدأ في تنفيذ آلية إعداد الدستور الجديد ليلغي ما نخاف منه في دستور 71، فهل نحن بهذه الدرجة من الهوان حتى يتلاعب بنا مرة أخرى الرئيس و البرلمان، و نحن الذين سننتخب هذه المرة حقا، و الخبرة تقول إن الاستبداد لا يحدث في عامين أو اثنين أو حتى أربعة فالخوف كثير و يكفي هنا أن نتحدث عن القلق و الحذر بما يدفعنا للمتابعة الواعية و كفى

و أنا لا أخاف كما يخاف الكثيرون من الإخوان ثم إنهم قرروا ألا يسعوا إلى الأغلبية أو الرئاسة، أما وصول بعض من بقايا الحزب الوطني، فسوف يواجهه رفض الناس، و لن يسهل أن يتخفى هؤلاء، و أستبعد أن يفوزوا بالأغلبية، كما أنهم لن يتسموا بالحزب الوطني، و نحن الشعب أصحاب القرار .. فلا يجب أن نخلق لأنفسنا فزاعة جديدة ، و لا يجب أن تبقى فزاعة الإخوان بعدما زال النظام الذي صنعها

أما أن القوى السياسية غير مستعدة، فهو عذر قبيح، فأية أحزاب هذه التي تريد فرصة بينما كان لها في الوجود سنون طويلة و بقيت فاشلة منعدمة، فما رفضهم إلا إثبات لانعدامهم و ضعف ثقتهم بأنفسهم و بالناس في مصر، و هو أيضا علامة قوية على تشوه نفسي على المستوى الجمعي لاتجاهات و منظمات سياسية، من جراء القهر و الرضا بالاستئناس لعقود من السنين، و المدهش أن هذه الأحزاب و "القوى" السياسية تريد حكم الجيش إلى أن يتأهلوا للممارسة الديمقراطية .. و لا تعليق على مثل هذا الطلب إلا أن نذكر مقولات أحمد نظيف و عمر سليمان بشأن عدم نضج المصريين .. فهل لهذه الدرجة كانت تلك الأحزاب و الحركات العقيمة خانعة للنظام حتى أنهم يرضون منه بتلك السبة بل و يقومون هم بإثباتها؟ عجيب .. عجيب

و هناك من يقولون إن بعض الجزئيات مرفوض و خاصة القيود على مواصفات الرئيس ، و هؤلاء غير قادرين على النظر إلى المستقبل أبدا، فهم أولا يعارضون لأنهم يريدون شخصا محددا أو غيره، و هذه سوءة تحاكي فكر ترزية القوانين في الزمن البائد، ثم هم ثانيا لا يفهمون أن دستورا جديدا سيوضع و يمكن فيه بعد أن يكون الاستقرار قائما أن نصوغه بما يحقق التوافقات كلها، فكأنهم مازلوا لا يفهمون أن تغييرا قد حدث و أن الرئيس القادم لن يبقى للأبد، و بالتالي فلو أن لديهم من يرغبون فيه فقد تكون له الفرص بعد سنوات، أو أنهم ربما مقتنعون أن الرئيس لن يترك الرئاسة أبدا .. و أن كل ما نحن فيه إنما هو لاختيار رئيس و برلمان مرة واحدة ثم نعود لما كنا فيه من قبل .. أي عقول هذه؟

و من أكثر ما لفت الانتباه هو أن الدكتور أحمد كمال أبو المجد يرفض التعديلات، بينما كان هو وافق على رئاسة لجنة التعديلات التي كان شكلها الرئيس السابق، و يرفضها أيضا البرادعي و عمرو موسى و أيمن نور و هشام البسطويسي حمدين صباحي و لأذكر عمرو خالد أيضا و هم بعض المترشحين ... حسنا، فرغم ما يبدو في رفضهم من مثالية زائدة و تفكير بعيد قليلا عن الواقعية، و أحيانا مجاراة للجو العام و حسب، فإن من الممكن أن يفوز منهم واحد ثم يبذل الجهد لإعداد الدستور الجديد و مقاومة نفسه ضد الاستبداد ... لابأس في رفضهم

الخلاصة ما هي؟ مزيد من التشتيت .. و استمرار لوضع مضطرب يتيح للثورة المضادة المزيد من الوقت .. نحن جميعا ندرك عوامل القلق القائمة في العملية الانتقالية، إذن هيا بنا نسير فيها على حذر .. و هيا نستلهم روح الثورة بأن نغير بأيدينا بدلا من أن نطلب التغيير، فالرفض معناه طلب التغيير من الجيش و مطالبته أن يحكمنا حتى ننضج (أو حتى لا يحكمنا الإخوان ... استمرار فعالية الفزاعة)، أو لأننا كنا غير جادين في البحث عن تغيير النظام (نضال الصالونات و الفضائيات و الكلمات و الأحزاب الكرتونية) فلما وجدناه خفنا منه و نريد أن نتنصل من المسئولية ... نريدها سهلة يقوم بالجهد فيها غيرنا .. يا سلام

إن ثلاثين عاما أمرضتنا أمراضا مستعصية في العقول و النفوس و جعلت الخوف في داخلنا و ليس من المخاطر حولنا .. تلك هي المشكلة

السبت، فبراير 26، 2011

قم في فم الدنيا و حي الأزهرا و لا تعلن تحيتك إلا أن يتحررا

مصر في حاجة إلى الأزهر، و على مدى التاريخ كان الأزهر القلب النابض و مركز اجتماع المصريين، و نذكر أن جمال عبد الناصر لم يستنهض همم المصريين إلا من على منبر الأزهر

شيخ الأزهر الحالي وقف عددا من المواقف الطيبة في أمور خارجية متعلقة بالحوار مع الفاتيكان، و في الرد على بعض التصريحات من شخصيات عالمية في الشئون المصرية، و الرجل نابه و جدير بالمكانة، كما يبدو، و لكنه لم يكن على قدر مكانته في ثورة يناير، و كم تمنيت أن يكون هو إمام المصريين في ميدان التحرير في جمعة الانتصار

إن أمام الأزهر الفرصة التاريخية الآن لتحقيق الاستقلال عن السلطة، فهل يعود لمصر أزهرها؟

السبت، فبراير 19، 2011

انتقالات جوهرية في المرحلة الانتقالية

نشرت هذه المقالة في صحيفة "المصريون" الإلكترونية في العنوان الأتي
http://www.almesryoon.com/news.aspx?id=49887


رغم الحنق من الكلام القائل بأن المصريين ليسوا بعد مؤهلين للديموقراطية، فإن هذه الفكرة تلفت الانتباه إلى أمر على درجة من الأهمية ، فنحن و إن كنا قدمنا المثال على التحضر فإن هناك مصدرللخطر على مكتسبات الثورة، و هو العناصر الباقية من نظام الحكم السابق، و الذين مازالوا في السلطة في المستويات المختلفة، و الذين يتميزون بالقدرة على التلون و المداهنة، و سوف يكون منهم من سيلحق بركب التغيير، بل و سيضع نفسه في الواجهة السياسية و على أساس أية قواعد ستتم صياغتها في الفترة المقبلة، و نحن لا نريد هؤلاء، و في الوقت نفسه هناك ثقافة بعيدة التأثير فينا تدفعنا إلى الخوف من أي سلطة و التسليم لها، و رغم الثورة فإنه سيبقى لهذه الثقافة تأثير مزعج، و لعل هذا هو المغزى من التحذيرات المتكررة من اختطاف الثورة و الالتفاف حولها و ما إلى ذلك، مما يصدر من كلام من الكثيرين، من الذين قامت الثورة ضدهم أساسا باعتبارهم من عناصر النظام السابق، و من مؤيدي الثورة أنفسهم

و المسئولية جسيمة على المجلس الحاكم الآن، و الحكمة في تقديري، تقتضي وضع أي منظومة في مصر يمكنها أن تقوم بذاتها على الطريق، من من أجل تخفيف هذه المسئولية، و هناك منظومتان على الأقل يمكن تخفيف الحمل منهما، و سوف يصبحان في الحال عونا على تلك المسئولية.

الأولى منهما هي منظومة القضاء، فرغم بعض التعقيدات الدستورية، فلن يستعصي أن يتقرر قيام مجلس القضاء الأعلى أو ما هو أنسب، بانتخاب قيادته، و التخلص بالتالي من سيطرة وزارة العدل و الرئاسة عليه، فأولا هذه هي طبيعة الأشياء، و ثانيا، في رجال القضاء القدرة و الحكمة على تسيير أموره، و لا نحتاج للإفاضة في ذلك، و بما أن للمجلس العسكري الحاكم حق إصدار المراسيم بقوانين، فمن الممكن تيسير إحداث هذا التغيير الضروري، و إذا ما تحقق فسوف يكون القضاء هو العون في تسيير أمور المرحلة الانتقالية، و سيكون الضامن على استمرار السعي في تحقيق العدالة ممن أفسد و خرب في مصر في العقود المنقضية، و لا بأس أن يكون مثل هذا التغيير بطبيعة مؤقتة، و سيكون الأمر و كأن المجلس العسكري يوجد العون الأنسب لرجاله في إدارة البلاد في هذه المرحلة الحرجة، عونا آتيا من قضاء مستقل ذي تاريخ عريق، يقدم المشورة و يكون الرقيب على الانتقال إلى بلد العدالة و سيادة القانون

المنظومة الثانية هي الجامعة، فبالمثل يستطيع مرسوم بقانون أن  يجعل الانتخاب هو الأساس في اختيارات رؤساء الأقسام و العمداء و رؤساء الجامعات – سيجعل من الجامعة في الحال العقل المفكر لمصر في مرحلتها الانتقالية و للمستقبل، و سيأخد بالعملية التعليمية إلى بدايات الطريق السليم، و هل لا نظن بأعضاء هيئات التدريس بالجامعات القدرة على أن يتحاوبوا التجاوب الأمثل مع ذلك، و سوف يكونون هم مع تنسم نسائم الحرية الموجهين لجموع الشباب في كل الجامعات، لترشيد طاقات الحماس نحو مواردها الأصح، و لا نظن أنهم ستمنعهم أوضاع مالية سواء كانت لهم كأفراد يعيشون في مصر أو باحثين يسعون إلى المعلومة و إلى إمكانيات تحصيلها و التعامل معها – لا نظن ذلك سيكون في الأولوية الأولى في المرحلة الحالية، مادامت الجامعات تعود إليهم

أظن أن أوضاعا كهذه ستعين البلاد في المرحلة الحالية، و هي كذلك أوضاع لابد منها في المستقبل القريب من أجل المستقبل البعيد ... و هي كذلك العون الضروري فيما نمر به ... إنها منظومات يمكن إحداث التغيير فيها سريعا ثم انتظار أن تتحول هذه المنظومات ذاتها إلى العون في المرحلة الانتقالية

الأحد، يناير 23، 2011

أفرادا أو جماعات؟

إن الله تعالى خلق أفرادا، و جعلهم شعوبا و قبائل، و جعل لهم الدين لينظموا الحياة، و لكن يبقون أفرادا، يحاسبون، و يكافئون أفرادا، ليس لأحد منهم تمييز إلا بكونه فردا استوعب مسؤلية وجوده في الحياة، و اهتدى بهدى الدين في توجيه دفة حياته بين الأفراد الآخرين، و هو في الختام سيلقى ربه فردا، و المعضلة هناك في الموائمة بين الفردية و الجماعة، فالجماعة تنقص من الفردية، و لكنها لا توجد إلا بها .. و في الدفع بأن البيئة تؤثر على الأفراد فتنتج صالحين أو فاسدين، هو تحيز ضد الفرد، فالنفس سواها الله و ألهمها فجورها و تقواها، و جعل الفلاح و الخيبة فيما تختاره، بل إن هذا التحيز ضد الفردية هو العذر لدى من يزلون، باعتبار الضغوط و المؤثرات، و لكن إن نواجه أحدا بنفسه فنسأله هل فعل أي فعل مضطرا، و إذ نتعمق في البحث و النظر فلن نجد إلا أنه اختار ما فعل .. رغم كل العوامل، فهو الذي اختار، و لو لم يكن حرا مختارا ما كان حساب الله لكل فرد، بل وجب حساب من دفعه .. غير أن هذا يضعنا في أزمة خاصة و نحن نرى المنتحرين يوميا في بلادنا، تعبيرا منهم عن رفض الظلم و القهر من قبل السلطة الحاكمة، خاصة أيضا و نحن نريد أن نصنع من بعض هؤلاء رموزا كمحمد بوعزيزي التونسي، الذي انتحر حرقا، فقال البعض إنه الشهيد انبهارا بالحدث و ما أسفر عنه، و لكن أمام الله تعالى، ما هو حاله؟ ... حاله أنه اختار أن ينهي حياة لم يبدأها أو يخلقها، و لا حق له في إنهائها .. هو بين يدي الله كمخرج من الأزمة لمن يفكر فيها، و لكن ماذا نقول في الظروف الدافعة، و ماذا نقول في القول بأن من أوجدوا هذه الظروف مسئولون عن فعل بوعزيزي .. هل مسئولون هم أمام الله تعالى عن انتحاره؟ .. إن الانتحار وزر، و لا تزر وازرة وزر أخرى .. فهم ليسوا محاسبين على انتحاره .. هو فقط المحاسب .. و هم سيحاسبون على أمور أخرى، لعلها عند الله أكبر، هم محاسبون على الظلم و الفساد و الإفساد في الأرض، ذلك هو الذى اختاروا عمله .. و هم ليسوا مضطرين إليه إلا برغبتهم كأفراد كل في حالته – رغبتهم في فعله كائنا ما كان تسميتهم له أو تصويرهم له .. كأفراد أيضا و إن تعاونوا فيه و عليه ..

إلى أي شيئ تؤدي هذه الفكرة الصعبة الإحاطة بها؟ قد تؤدي إلى ما يلي:

قد يؤدي إلى أن فشل زواج أحد ما سببه اختياره هو .. اختياره ألا يوائم بين نفسه و نفس زوجه، بما يحمله هذا من معاني، منها رفض التخلي عن الكبر أو الاعتزاز بالنفس أو الكبرياء بحسب ما نحب من اسم له ...

قد يؤدي إلى أن زلل أحد ما سببه اختياره ألا يتورع عما نهى الله عنه .. و إن لم يعلم و إن لم يتعلم .. فلم يعد ممكنا أن هناك من لا يعلم و من لا يستطيع أن يجد التعليم

و قد يؤدي إلى أن سوء أحوالنا هو اختيارنا

إن التاريخ يعلمنا دائما أن فردا واحدا ذا إيمان بفكرة يغير وجه الحياة، بدءا من الرسل، انتهاءا بأمثال أردوغان و مهاتير محمد، الذي غيروا بلادا و شعوبا، و لا ننسى هتلر أو الأسكندر أو غيرها .. و هل التاريخ إلا ذكر أفراد .. فإن أرخنا للجماعة فإنما هو تأريخ لأفراد قادة حركتها، إما الميدانيين منهم، أو أصحاب الفكر الرائد الذي أوحوا لهم بالطريق نحو ما حققوا

إنهم دائما أفراد و و إن اتحدوا في جماعات، و ما الجماعات إلا الإطار لتحقيق الاستفادة الأكبر من قدرات الفرد ذي الإيمان بفكرة و عقيدة ..

إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ... لم يخبرنا الله تعالى أن على القوم أن يغيروا ما بنفسهم .. لأنه لا نفس لهم .. إنما هم أنفس .. منفصلة عن بعضها ..

فلكل دور عليه أن يعلمه و أن يقوم به .. و أول هذا الدور أن يعرف ما به من طاقات، و أن يتعلم كيفية توجيهها، و أن يلتزم ما يأمره به ما يلتزم به من مبدأ .. و من الجيد ان المبادئ ليست كثيرة، فإنما هي الدين و حسب .. و من بعد التعلم و الإيقان بالطاقة في داخل النفس و من بعد الإيمان بها، يستطيع الفرد أن يختار و في اختياره تكون صورة حياته

فكيف تكون الجماعة و الحركة المجتمعية و العقل الجمعي، إذن؟

أليس الحق واحد؟ بلى .. إذن إذا أنا اخترت و أنا في عزلة عن الآخرين جميعا و اخترت الحق .. فإن المحصلة هي أننا جميعا سنختار نفس الاتجاه، و سنلتقي هناك

الأربعاء، يناير 19، 2011

عرس تونس - قصيدة للشاعر الفلسطيني د. أحمد حسن المقدسي

 رغم  أن البادي أن هو الإنجاز التونسي يجري الالتفاف عليه و تفريغه من مضمونه، بتعيين حكومة من أبناء العهد البائد الذين  كانوا أيدي الرئيس السابق في بطشه، فإنه لابأس من الاستمرار في الفرح بهذا الحدث، و لعل قول الشاعر يصدق إذ يقول


الـــيوم َ يسقـُـط ُ مِــن ْ أصنامِـنا صـَــنـَم ٌ وكــــل ُّ طاغـِـــية ٍ فــــي الـــــدَّوْر ِ ينتـــظِر 




إن ْ رُمـْـت َ تعرف ُ كيف الشعبُ ينتصر ُإذهـــب ْ لتونـــــس َ .. فيها العِــلم ُ والخـَـــبَر ُ

بشائر ُ السَّـــعْـد ِ في الآفاق ِ باسِـــــمة ٌ تـُـبَــشِّـر ُ الــــشعب َ أن الظـُــــلم َ ينحـَــــسِـر ُ

أسْــرَجْــت ُ خيلـي إلى الخضراء مُرتحلا ً والقلــــب ُ فــــوق َ قِـــباب ِ القــدس ِ مُنـْتـَظِـر ُ

وجـِـــئت ُ أطلب ُ حـُــلـْما ً كـِـدْت ُ أفـقِـدُه فـــي زحـْـــمة ِ القِـــمَم ِ الجـــــوفاء ِ ، ينــــدثر ُ

حامــــت ْ طيور ٌ من الأشـــواق ِ تحملني إلـــيك ِ، حـــيث ُ لــــديك ِ الحـُـــلـْم ُ والــــزَّهـَـر ُ



دم ُ العـــزيزي ْ بـهــــذا النصر ِ بـَشـَّـــرنا فــــهل رأيــتم ْ دمــــــاء ً .. كـُــــلها بـُــــشـَر ُ

تفنـى الجـُـسوم ُ بـقــبر ٍ حـين َ تــسْـكنه والـــــذكرُ بــــاق ٍ مـــع الأيـــام ِ ، والفـِــــكـَر ُ

لــو الخلـود ُ لأمـْـــر ِ الناس ِ مـَــرْجــِـعـُـه ُ لاسـْـتـقبل َ القبـر ُ بالأزهار ِ مـَــن ْ قـُـــبـِروا


إنـْـــهَض ْ مُحــمد ُ * أنــت َ اليوم َ رايتـُـنا فـــإن َّ مِـــثلك َ لـــم تـُــخلق ْ لــه الحـُــــفـَر ُ

يا شـعب َ تونـس َهــذا العُــرْس ُ عُرسُـكـُم ُ يُـــشاغِـل ُ الكــــون َ بالأفـــراح ِ ، فافتخـِــروا

يا ســـــيد َ النــــصر ِ أنـــت َ الآن َ ســـيدُنا قـُـــدْنا .. فنحــن ُ دُمــى ً أودى بـها الـسَّــفر ُ

ونحـــن ُ قبـــلك َ عمــــيان ٌ بـِلا بـَـــصَر ٍ ونحـــــنُ بـــعـدَك َ فـُرســان ٌ لـهـا بـَـــــصَر ُ



ألـــيوم َ يسقـُـط ُ مِــن ْ أصنامِـنا صـَــنـَم ٌ وكــــل ُّ طاغـِـــية ٍ فــــي الـــــدَّوْر ِ ينتـــظِر ُ

أيــن القصــور ُ وأيــن الجــاه ُ يملـؤها ؟ والعــرش ُ أيــــن َ ، وأيـــن التــاج ُ والخـَـــفـَر ُ

أليـــوم َ أحــــذية ُ الأبـــــطال ِ تـَــــسحَقـُها  وثـــــورة ُ الـــشعب ِ لا تـُــبقي ولا تــــــذر ُ

في وجهه ِ ضـاقت ِ الـــدنيا بمــا رَحُــبَت ْ لـــو فـــيه ِ ذرَّة ُ كـِـــبْر  ، كـــان َ يَنـتـَحِر ُ


طـال َ الضياع ُ فـَمـَـن ْ للخــيل ِ يُـسرجُها وشــِـــلـَّة ُ الحـُـــــكْم ِ بـالإذلال ِ تـفتـَـــــخِر ُ

هـــذي الزعــامات ُ للأعــــداء ِ حاضِــــنة ٌ علـى الـشعوب ِ بـِسيف ِ القــهْر ِ تنتـــصر ُ

مِــن المُــحيط ِ إلــى الصــحراء ِ مَـهْـلـَكـَة ٌ وطـُــــغـْـمة ٌ بـِثياب ِ العـُـــــهْر ِ تــــستـَتـِـر ُ



عــوائل ُ الفـُـــجْر ِ والتعـــريص ِ ســــادرة ٌ في فـُــجْرها وجمــيع ُ الـناس ِ تـُحـْتـَـضـَر ُ

يُحَـدثونـك َ عـــن ْ شــعب ٍ وعــن دول ٍ والناس ُ عـَــشـَّــش َ فـي أمعائها الطـَّـفـَر ُ

ما أسوأ َ العـيش َ في أرض ٍ يَسوس ُ بها تـَــنابـِل ُ القــوْم ِ .. والخـصيان ُ .. والـبَقـَر ُ

مِن ْ نصف ِ قـرن ٍ مضى والكـُـل ُّ ناصِحُهم لكـنـَّهم كـَـبـِغال ِ الحـَــقل ِ مـا اعـْـتـَـبـَروا

فالكـُــل ُّ يحـمِل ُ خـُـــفـُّـا ً فــوق َ رقـْـبَـتِـه ِ ولو رَعـَـوا خمْس َ غـَنـْمات ٍ لما قـَـدِروا


يا شعب َ تونس َ أنـت َ اليـوم َ تصْــنعُنا عـَلـَّمـْتـَـنا أن َّ لِــص َّ الحـَـي ِّ يزدجــــر ُ

مـِــن ْ بـَـوْح ِ فـجرك َ أنـسام ٌ تـُـــظلـِّـلـُـنا ومِـن ْ سـمائك َ هـَـل َّ الشـمس ُ والـقـمر ُ

مواسِـم ُ الخـير ِ لاحــــت ْ فـي مَـــضارِبـِنا ما أروع َ الفـــجر َ.. والأوثــان ُ تـندَحـِر ُ



مـتى سـَــتـَفـْـتـَرس ُ العـــدوى مَـفاصِـلـَـنا  وفي مَـفاصـِل ِ باقـي العـُـرْب ِ تنتـَـشِر ُ ؟؟



شعر د. أحمد حسن المقدسي



منقول من جريدة عرب تايمز  




الأحد، يناير 16، 2011

الأحزاب و الجماعات و الحركات

أظهر لنا هروب الرئيس التونسي السابق أننا في مصر لا يوجد عندنا أي تنظيمات ذات قيمة، فلا أخوان و لا غيرهم من الحركات قد أفلح في أن يهز شعرة في صدر نظام الحكم، و بالطبع فلا أحزاب هناك أساسا

فقط هناك أفراد يتحدثون في كل المنابر و لا أثر لهم إلا هذا

وحدهم فقط عمال المحلة و بعض الصناعات الأخرى قد قاموا بعمل بدا أنه ذو أثر

و فقط هناك التجبر الحكومي ضد أعضاء الإخوان المسلمين و الاعتقال المستمر للكثيرين منهم هو الشيء الذي نراه من رد فعل النظام، و لم تستطع الجماعة تحقيق أية نتائج مقابل هذه التضحيات

السؤال هو: كيف؟ كيف استطاع الحزب الوطني أن يحقق ذلك؟ إنه لا سياسة و لا علوم و لا فنون و لا آداب و لا قيم و لا أخلاق حتى بقيت لنا، و تحولنا إلى شعب سيئ

مع أن الدرس بين، فإنه بمجرد سقوط زين العابدين أسرع النظام متمثلا في مجلس الدفاع الوطني برئاسة الرئيس مبارك في مصر ليجمد أجراءات رفع أسعار بعض السلع ، و اتخاذ اجراءت تمنع استفزاز الجماهير، و هذا دليل الخوف، و دليل أيضا على أن الدفاع الوطني هذا يعني الدفاع عن استقرار الحاكم في مكانه، و حسب و لا شيئ غير هذا .. و لا عزاء للمصريين

لماذا اندفع الناس ضد قرارات رفع سعر الخبز في 1977، و لكنهم لم يعودوا قادرين على أن يغضبوا منذ ذلك الوقت، هل يوجد في الطعام الذي نأكله شيئ ما يقضي على النخوة و على الإحساس بالغضب؟ كنت أظن أن فيه مسببات السرطان و الفشل الكلوي و الكبدي و التخلف فقط

بزعم أنها تشبه المدارس الدينية الباكستانية.. أنباء عن اعتزام زكي بدر إلغاء المدارس الدينية وتغيير المسميات الإسلامية للمدارس الحكومية

كان هناك الانطباع بأن أحمد زكي بدر وزير التربية و التعليم سيحقق شيئا مفيدا في التعليم،  وللحق مازال الانطباع قائما بأنه سيعيد الانضباط إلى المدارس

و لكنه الآن يخرج علينا بقرار مريب يقضي بإلغاء "مسميات" المدارس التي تحمل طابعا اسلاميا، فمدرسة مدرسة مثل عمر بن الخطاب أو مدرسة الإمام محمد عبده الابتدائية المشتركة ببنها التي تعلمت فيها أنا قد صارت مرتبطة بالإرهاب، و سيتغير اسمها مثلا إلى مدرسة لجنة السياسات مثلا على أساس أن تلك اللجنة هي صاحبة الفكر الجديد و النهضة القائمة الآن في مصر، كما أن الإمام محمد عبده هو رائد التجديد في مصر منذ أكثر من مئة عام، و أتساءل هل سيجوز تغيير اسم مدرسة عمر بن الخطاب إلى مدرسة محمد حسني مبارك

إن الخبر يقول إن المسميات ذات الارتباط الإسلامي سوف تستبدل برموز تاريخية و قومية، و لكن أتعجب ما هي الرموز القومية عندنا، و الواقع يقول إن القومية تلك و رموزها هم معالم عهد الاضمحلال الذي نرزح فيه، ثم أليس تاريخ الإسلام جزء من تاريخ مصر، أم أنه لعدم وجود كنيسة إسلامية تنادي بدعم تدريس التاريخ الإسلامي في المدارس كما تفعل الكنيسة القبطية ، فسوف يتم إلغاء التاريخ الإسلامي، ثم إن كثيرا جدا من هذه المدارس هي مدارس حكومية و الأكثر مدارس خاصة فكيف سيمنعون أصحاب المدارس الخاصة من اختيار ما يرون من أسماء، و كيف سيبررون أن المدارس الحكومية ذات هذه الأسماء صارت إجرامية إرهابية، و الغريب أننا في المقابل لا نرى أن هناك أية هناك محاولات لتبديل المسميات الإنجليزية للشركات و المحلات و قنوات التليفزيون من الكلمات الإنجليزية و الفرنسية إلى مسميات عربية، هذا إن كانت العربية مازلت هي اللغة الرسيمة للبلاد

و الجانب الآخر هو هل سيتم تغيير أسماء المدارس المسيحية و الأجنبية التابعة اللإرساليات الدينية المسيحية و الحاملة لأسماء القديسين و الرهبان إلى مسميات قومية و تاريخية؟ أم أن المشكلة فقط تنحصر فيما هو إسلامي الطابع؟

ما يلي من صحيفة المصريون في 15 يناير

علمت "المصريون"، أن الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم يدرس اقتراحا بإلغاء جميع أسماء المدارس التي تحمل مسميات إسلامية في مصر، بما فيها المدارس التابعة لـ "الإخوان المسلمين"، واستبدالها بأسماء تاريخية أو قومية، أو بأسماء الأماكن التي تقع في نطاقها، مع وقف تراخيص جميع المدارس الخاصة والأجنبية ذات الأسماء الإسلامية، وذلك حتى يتم تقنيين وضعها وتعديل اسمائها.
و طلب بدر الإدارة العامة للإحصاء بوزارة التربية والتعليم حصر جميع المدارس الخاصة والحكومية التي تحمل أسماء إسلامية أو ذات طابع إسلامي، مثل مدارس "اقرأ" "والفاروق" و"طيبة" و"الفردوس" و"الجزيرة"، والمدارس الإسلامية النموذجية والتجريبية الإسلامية، وغيرها من المدارس التي تحمل أسماء إسلامية.

وأمر بتغيير أسماء المدارس الحكومية التي تحمل مسميات إسلامية، مثل عمر بن الخطاب وأبو بكر الصديق والسيدة عائشة والسيدة فاطمة وعمر بن عبد العزيز.

كما يعتزم الوزير إغلاق العديد من المدارس الإسلامية التابعة للجمعيات الخيرية الإسلامية في مصر؛ وأبرزها مدارس الجيل المسلم التابعة للجمعية التربوية الإسلامية بمحافظة الغربية، ومدارس الدعوة الإسلامية التابعة لجمعية الدعوة الإسلامية بمحافظة بني سويف، ومدارس التربية الإسلامية التابعة لجمعية التربية الإسلامية بمحافظة المنوفية، ومدارس حراء بأسيوط، ومدرسة الجزيرة الخاصة بالإسكندرية ، ومدارس الرضوان بالقاهرة، ومدارس المدينة المنورة بالإسكندرية، ومدارس طيبة الخاصة بدمنهور بمحافظة البحيرة.

وعلمت "المصريون"، أن قرار وزارة التربية والتعليم بإغلاق تلك المدارس ذات الطابع الإسلامي جاء بناء علي تقرير من مركز ثقافي شهير بالإسكندرية الذي وصف هذه المدارس بأنها "مفرخة للإرهابيين، وأنها تسير على غرار المدارس الدينية الباكستانية التي خرجت عناصر طالبان" على حد زعمه.

علماء الأزهر: خلع الرئيس التونسى جائز شرعاً.. وإذا استشرى الفساد وجب الخروج على الحاكم

من مواقف شيخ الأزهر الحالي يراودني إحساس بأن الرجل يمكن أن يكون على قد مكانة الأزهر، فتصديه لبابا الكاثوليك كان عملا محترما، و أحاديثه من حين لآخر تنبئ عن رجل له رؤية و يمتلك الثقافة و سعة الأفق اللازمين .. لاشك أن منصبا كهذا في ظل الأوضاع القائمة في مصر هو مسئولية عسيرة، و لكنني أرجو خيرا ، و أجد أن شيئا قد تغير فقد كنا إزاء مواقف شيخ الأزهر السابق في مسئلة الحجاب بفرنسا و غيرها، و مواقف أعضاء جبهة علماء الأزهر، و نحن الآن أمام رجل و أمام أزهر يعمل يقول ما يقول في المواقف و الأحداث بطريقة مطمئنة، لدرجة أنني تعجبت أن أقرأ الخبر التالي في إحدى الصحف و ليس فيه الغمز من موقف الأزهر الرسمي، و لأنتظر موقفا رسميا من شيخ الأزهر الذي أراه جديرا بالاحترام

من صحيفة المصري في 16 يناير 2011

أكد عدد من كبار علماء وشيوخ الأزهر أن طاعة ولى الأمر ليست مطلقة فى الشريعة الإسلامية، وقالوا إنها مقيدة بعدم مخالفة أوامر الله تعالى وتوفير الحياة الكريمة وحفظ كرامة الرعية . قال الدكتور عبدالمعطى بيومى، عضو مجمع البحوث الإسلامية، لـ«المصرى اليوم»: إن قول المولى عز وجل «وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم» لا يعنى الطاعة المطلقة للحاكم أو ولى الأمر وإنما هذه الطاعة مقيدة بعدم مخالفة تعاليم وأوامر المولى عز وجل، استنادا للقاعدة الشرعية «لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق». وأضاف: «عدم تنفيذ الحاكم وعوده فى برنامجه الانتخابى يبيح للرعية الخروج عليه وعدم الالتزام بطاعته، وإذا استشرى الفساد وأصبح ظاهراً ومخالفا لأحكام الشريعة وجب الخروج على الحاكم». وقال الدكتور محمد رأفت عثمان، عضو مجمع البحوث الإسلامية ومجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، إن مبدأ طاعة ولى الأمر فى الشريعة الإسلامية ليس مطلقا، بل تحكمه ضوابط وقواعد عامة، منها عدم الخروج على أحكام الشريعة. واستدل عثمان بما حدث لجماعة من المسلمين حينما كانوا فى سفر فغضب عليهم أميرهم فى السفر، وسألهم: أليس لى عليكم حق الطاعة؟ فأجابوا: بلى، فقال :إذن اجمعوا حطبا، وأوقدوا النار فيه، ففعلوا ثم أمرهم بأن يلقوا بأنفسهم فى النار، فرفضوا وقالوا: ما أسلمنا إلا هروباً من النار فكيف ندخل فيها، وحينما عادوا قابلوا النبى صلى الله عليه وسلم وأخبروه بما حدث فقال (لو دخلوا فيها ما خرجوا منها، إنما الطاعة فى الطاعة)، مما يدل على تقييد طاعة ولى الأمر وربطها بعدم معصية الخالق أو مخالفة الأحكام الشرعية. وأكد عثمان أن خلع الرئيس التونسى زين العابدين بن على، تم بطريقة أقرب إلى الشرعية وجائز شرعا، إذ لم يتم استخدام العنف فى المظاهرات إلا من رجال الأمن.


وذكرت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أن طاعة ولى الأمر محددة بضوابط وليست مطلقة وترتبط بتوفير ولى الأمر سبل الحياة الكريمة وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية فى المجتمع، مستدلة بقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - حينما تولى الخلافة (أيها الناس إنى وليت عليكم ولست بخيركم فإن رأيتمونى على حق فأعينونى، وإن رأيتمونى على باطل فقوّمونى) فرد أحد الحضور «والله أقوّمك بسيفى» فقال سيدنا عمر (رحم الله هذا الزمان إن وجد فيه من يقوّم عمراً بسيفه).

من سيدخل الجنة

 جاء في التليفزيون المصري، في رمضان الحالي، أن المفتي السابق علي جمعة، يحدث الأطفال، فسألته طفلة، لماذا المسلمون فقط سيدخلون الجنة، وهناك أد...