الاثنين، أبريل 06، 2015

الرويبضات

إن نبوءة الرسول عن الرويبضة يتكلم في الشأن العام، معجزة .. فإن بلوتنا الآن هي هذه، هم القوم الذين ظنوا أنهم علموا و سوف يصححون لنا كل معارفنا، الذين يبدأون الكلام لإثبات خطأ من سبقهم، و تسفيه ما عملوه، و الحط منه، و إن علامة العالم الحق أنه يجل العلم و العلماء .. و لو أن هؤلاء الرويبضات ابتغوا العلم حقا لكانوا أشد الناس احتراما لمن سبق من علماء، و لتحرجوا عندما يجدون عالما سابقا قد أخطأ بحسب ظنهم، فيصححونه مع إعطائه حقه الذي جعله الله له على لسان رسوله الكريم، إذ علمنا أن من اجتهد فأصاب فله أجران و من اجتهد فأخطأ فله أجر واحد
                        
لكن أولئك الرويبضات يتعلمون ليحطوا من أقدار العلماء، و إنه بعينه طريق الهوى و الضلال، فمن بدأ لغرض ما إلا غرض التعلم، فإنه يضل، قال تعالى: " أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون" ( الجاثية 23 ) .. فالله يضله و لديه العلم كمثل الحمار يحمل أسفارا، و لو أنه ابتغى معرفة الحق، لزالت الغشاوة، لكنه عبد هواه، و الله أغنى الشركاء عن الشرك، فهو تعالى يختم على قلبه و على سمعه و بصره فيكون العلم الصحيح بين يديه و لكن لا يهتدي به بل يزداد ضلالا، فكيف لهذا أن يهدي غيره ؟!!

لابد من خطوط حمراء للتعامل مع علوم الدين، فإنه الدين و ليس الأراء و الميول، و الدين بالاتباع لا بالهوى، لأنه أتانا على يدي رسول من الله، فنحن نتبع الرسول و العلم الذي جاء به جيلا بعد جيل، و قد قال تعالى في سورة البقرة: "قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم من هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون، و الذين كفروا و كذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون" (البقرة 38-39)

فإننا أمام أمرين: اتباع الهدى أو الكفر .. ربنا آمنا بما انزلت و اتبعنا الرسول ..

فليكن المبدأ الحاكم هو الاتباع، و في إطاره يكون الاجتهاد في كيفية الممارسة و التطبيق، فالله تعالى قد أكمل لنا الدين، فهو لا ينقصه شيئ، و ما علينا إلا الالتزام به في كل الأحوال، فنتبع التابعين الذين سبقونا بالإيمان في اتباعهم، و نجتهد و نبدع في إطار هذا المبدأ الحاكم، و ما الدين إلا قيود فرضها الله علينا، فإن تدبرناها و سعينا فيها حتى تتوافق مع هوى أنفسنا فلنخف على أنفسنا، لا يجوز أن نحاول أن نجعل الدين يتفق مع العصر القائم أو أي شيئ آخر، إنما علينا أن نتفق نحن و أن تتفق العصور كلها مع الدين



و لندعو الله ألا يجعل في قلوبنا غلا للذين سبقونا بالإيمان .. فمثل هذا الغل يحول البعض منا إلى رويبضات .. و إن كان لابد من شعور ما فليكن الغل على ضعفنا في هذا الزمن الذي جعل الالتزام بالدين صعبا، فاللهم املأ قلوبنا بمحبة من تحبهم، و اجزهم الله عنا خيرا فيما حفظوه و نقلوه لنا من دينك و علمونا إياه، و أعنا الله على اتباعهم، و علّمنا اللهم ما لا نعلم و احفظنا من هوى النفس و من وساوس الشياطين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

من سيدخل الجنة

 جاء في التليفزيون المصري، في رمضان الحالي، أن المفتي السابق علي جمعة، يحدث الأطفال، فسألته طفلة، لماذا المسلمون فقط سيدخلون الجنة، وهناك أد...