الجمعة، ديسمبر 07، 2012

التحقيق في حادثة أسيوط


نشرت هذه المقالة في صحيفة المصريون القاهرية في 13 نوفمبر 2012 على هذا الرابط

واجهت شركة السيارات اليابانية تويوتا مشكلة في دواسات البنزين في سياراتها قبل 4 سنوات، و كانت الشركة من الشجاعة أن أعلنت عن استدعاء أكثر من مليوني سيارة لإصلاحها، وكان حدثا تاريخيا إذ لم يسبق أن تم استدعاء لمنتج بهذا الحجم من قبل
الأهم هو أن الدراسة بدأت في الحال لتحديد أمرين، الأول هو سبب حدوث المشكلة والثاني هو سبب تفاقم المشكلة قبل أن يمكن حلها، أما الأول فقد كان تباين مستوى الجودة بين أجزاء يوردها مورودون مختلفون إلى تويوتا مع تفاصيل أخرى، أما الثاني فكان الأكثر تأثيرا و من شأنه أن يسبب حدوث كوارث أخرى في المستقبل، وذلك هو بنية المنظومة الإدارية في الشركة العملاقة، فالمشكلة ظهرت أولا في كاليفورنيا بالولايات المتحدة، عندما اشتكى بعض أصحاب السيارات، فقامت أقسام الصيانة بجمع البيانات اللازمة، لكن نظام تويوتا العريق كان يقضي بأن تتم دراسة مثل هذه الأمور مركزيا، فأرسلت البيانات إلى اليابان وقامت إدارة المبيعات بتحليلها، ثم حولوا الأمر إلى أقسام التصميم لإجراء تعديلات لتلافي أسباب المشكلة، ومن ثم إبلاغ أقسام الإنتاج لتغيير عمليات التصنيع و التجميع لتناسب التصميم المعدل، وبعدها أرسلت المعلومات كلها إلى خطوط التجميع في الولايات المتحدة
و خلال ذلك كانت الأزمة قد انفجرت ووقعت حوادث دامية، فكان طول الفترة الزمنية لعملية تبادل البيانات الرأسية، والمركزية الجامدة في اتخاذ قرارات العلاج والتعديل، هو الذي أتاح للمشكلة أن تتفاقم لتؤثر على مبيعات الشركة و سمعتها للسنوات التالية
فما علاقة هذا بحوادث أسيوط والفيوم وغيرها؟
كانت إفادة عامل المزلقان في أسيوط بحسب الصحف هي أنه أبلغ عن انقطاع الاتصال بالأكشاك قبله وبعده، لكن لم يحدثنا أحد عن مصير هذا البلاغ وأين وصل في مسيرته الطويلة حتى الوزارة بالقاهرة، و التي تدير السكك الحديدية والمترو والترام و الطرق البرية وربما البحرية .. وهي مسيرة من الطول والتشابك مع الاهتراء والترهل، كفيلة بضياع شكوى من عامل مزلقان في إحدى بقاع أسيوط، و أحوال المزلقانات معروفة منذ الأزل، ولو أن المنظومة أفضل حالا لتم العلاج منذ زمن، فإن العلم ليس حاضرا في منظوماتنا الإدارية و لا قدرة على التعلم وتجميع الخبرات، فتتكرر نفس الكوارث دائما
البحث الذي لابد منه يجب أن يسير في اتجاهين، الأول هو البحث عن الشخص الذي قطع طريق الإصلاح، أو لم يقم بعمله الطبيعي للوقاية، بدء من عامل المزلقان وحتى الوزير، بينما الثاني وهو الأهم، فهو البحث في طبيعة سبل التواصل داخل المنظومة الإدارية للوزارة وفي قدرتها على التفاعل مع الأحداث بالسرعة المطلوبة، ومدى خطورة المركزية في قابليتها التطور
وقد جرى إنفاق ميزانية تطوير السكك الحديدية التي خصصت منذ سنوات، على عربات و جرارات جديدة وعلى أعمال محطات سيدي جابر و القاهرة، ولم يصل التطوير إلى وسائل الأمان أو دعم العاملين وحماية أرواح الناس، فلابد أن تطال التحقيقات و الاتهامات مسئولي الوزارة الذين وضعوا خطط التطوير والذين أنفقوا ميزانياتها في السنين الماضية، فليس من يعمل في الوزارة الآن فقط مسئولا، بل كل من عمل فيها وعلم بما فيها ثم لم يقم بما يلزم لتفادي الكوارث، وهي كوارث متكررة لا يمكن لأحد أن يدعي أنها لم تكن متوقعة
و من الجانب الآخر فإن الندابين عليهم أن يتوقفوا عن الندب، وأن يبدأوا في ممارسة عملهم المفترض والذي هو عرض الظروف والأوضاع والبيانات أمام الرأي العام، فذلك وحده هو المفيد وهو وحده دورهم لا غيره

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

من سيدخل الجنة

 جاء في التليفزيون المصري، في رمضان الحالي، أن المفتي السابق علي جمعة، يحدث الأطفال، فسألته طفلة، لماذا المسلمون فقط سيدخلون الجنة، وهناك أد...