الأربعاء، يناير 04، 2017

خواطر الشعراوي الميسرة - 3

مقدمة عن الإعجاز العلمي في القرآن

في الكون آيات، سماها الله تعالى آيات في القرآن، كالشمس و القمر، و الجبال، و نحوها، " وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ..."[1]، " وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمْ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً ..."[2]، و غيرها، و إن آيات الكون تفسر آيات القرآن، و في هذا اتجاهان[3]، الأول يحاول كلما ظهر شيء من الكونيات أن يربطه بالقرآن، و الثاني يقول بإبعاد القرآن عن هذه المسألة لألا يتذبذب الناس إن ثبت خطأ أمر علمي، فنقول لهم إن هذا منهج خطأ و ذلك منهج خطأ، و ذلك أننا يجب أن نفرق بداية بين الحقائق العلمية و النظريات العلمية، فإياك أن تربط القرآن بنظريات علمية، لأن النظرية مادامت نظرية فقد يثبت خطؤها، فإذا ربطت القرآن بنظرية ثم تغيرت فأنت تسبب البلبلة.

و الألفاظ في لغتنا، لكل منها معنى مفرد، فالسماء مثلا هي كل ما علانا، لكننا لم نقل سماء زرقاء مثلا، أو غير ذلك، و الكوب مثال آخر له معنى مفرد، فهل الكوب ملآن، هل الكوب زجاجي، ذلك شيء مختلف، فللألفاظ معان في ذاتها، و بعد ذلك تدخل في جمل، و هو ما يسمى الإسناد، فمثلا ساعة تقول محمد، بمفردها نفهم ذات محمد، و ساعة تقول كريم بمفردها، نفهم معنى كريم و هو أنه يبذل، و عندما نقول محمد كريم فقد قمنا بالإسناد، أسندنا الكرم لمحمد، أسندنا معنى إلى معنى، و صارت هناك جملة تركيبية، و ساعة نسند شيئا إلى شيء يأتي السؤال: هل هذا الإسناد مجزوم به أم غير مجزوم به؟ و هنا توجد بضعة نسب أو حالات، هي:

النسب غير المجزوم بها[4]، و هي ثلاثة:
1. الشك و هو حال تساوي النفي و الإثبات، مثل القول محمد قد يأتي غدا و قد لا يأتي، تساوت الاحتمالات و لا ترجيح لأحدها
2.   الظن و هو حال ترجيح أحد الاحتمالين
3.  الوهم و هو حال الميل إلى احتمال مرجوح، مثل أن يكون غالب الظن أن لا يأتي محمد ثم تتوقع أن يأتي محمد، فأنت ترغب في الاحتمال الأضعف
النسب غير المجزوم بها، و هي ثلاثة:

1.  نسبة مجزوم بها و هي غير الواقع فهذا هو الجهل، فالجهل ليس ألا تعلم بل أن يكون علمك خلاف الواقع
2.  نسبة مجزوم بها و واقعة، لكن لا يمكن التدليل عليها و هذا هو التقليد، كما يقلد الولد أباه لأنه لا يملك القدرة العقلية على الإثبات و الاستنتاج
3.  نسبة مجزوم بها و واقعة و تستطيع التدليل عليها فذلك هو العلم، فالعلم إسناد مجزوم به و عليه دليل















فهل يصطدم القرآن مع العلم؟ 

كلا، بل قد يصطدم مع النسب الأخرى، يصطدم مع الجهل، يصطدم مع التقليد، يصطدم مع الشك، يصطدم مع الظن، يصطدم مع الوهم، أما شيء ثبت أنه علم فلا يمكن أن يصطدم به القرآن، لأن قائل القرآن هو خالق الكون، فلا حقيقة علمية كونية تناقض حقيقة قرآنية، و الغلط هو أن تفهم أنها حقيقة كونية و هي ليست كذلك، فتصطدم بحقيقة قرآنية، أو تقول هي حقيقة قرآنية، و هي ليست كذلك فتصطدم بحقيقة كونية.

و ذلك مثل من قال بأن الأرض ليست كروية، اعتمادا على الآية " وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ"[6]، و مددناها يعني بسطناها، فإنه قد أخطأ في الحقيقة القرآنية، لأن لفظ "مددناها" لا يمنع كروية الأرض، و هو الذي فهم أنها تمنع، و قال اصطدم القرآن مع الكون، فنقول اصطدم القرآن بفهمه هو، و الحقيقة القرآنية مناقضة لقوله، لأن الأرض هي مطلق الأرض، فكلما تحركنا في أي اتجاه من الأرض، تجد أرضا، و لو لم تكن الأرض كروية كانت ستنتهي إلى حافة، إذن "مددناها" تستلزم أن تكون الأرض كروية، فمثل هذا القائل أخذ الحقيقة القرآنية بالعكس فاصطدمت مع الحقيقة الكونية.

و مثال آخر، في الآية " وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ"[7]، فقد قالوا يستطيع الأطباء الآن أن يأخذوا عينات و يعرفوا الذي في الرحم، فنقول لهم من الذي جعل الحقيقة القرآنية مقصورة على علم أنه ذكر أو أنثى، الآية تقول "و يعلم ما" و لفظة "ما" عامة، فهل المولود سيكون طويلا أم قصيرا ذكيا أم غبيا و تلك المواصفات الشخصية كلها، فعلم الطب بنوع المولود ليس كل مدلول "ما"، و الطب سيأخذ عينة و يحللها، بينما الله تعالى يعرف بدون تحليل و بدون حتى أن يرى الحامل، و يعلمها قبل أن تحمل، بدليل أنه قال لزكريا نبشرك بغلام و سماها له يحيى[8].

و في أول هذا العصر الحديث أخطأ علماء كبار كالشيخ طنطاوي جوهري، و الشيخ محمد عبده و الشيخ المراغي، عندما اُكتشفت سبعة من الكواكب السيارة، فقالوا هذه هي السماوات السبع، و لم تكتمل فرحتهم و اكتُشِف الكوكب الثامن، فهم معذرون، قد أرادوا أن يفرح الناس بالقرآن[9]، و قد صارت الكواكب الآن أحد عشر، و الحقيقة أنه لا دخل للسموات السبع بالكواكب أو الشمس، فالكواكب و الشمس كلها في السماء الدنيا، و هناك أيضا نجوم و شموس و كواكب بيننا و بينها السنين الضوئية، و كل هذه دون السماء الدنيا، و دعك من تصور السموات السبع.

و في الآية "يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ [10]"، قيل هو سلطان العلم الذي أوصلنا للقمر، فمرة أخرى ما دخل القمر بالسماء؟، الله تعالى يقول أقطار السموات و الأرض، و القمر مجرد ضاحية من ضواحي الأرض، و السلطان هنا ليس سلطان العلم، فلو كان سلطان العلم لم يقل الله تعالى " يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنتَصِرَانِ "[11] بينما سلطان العلم يقتضي الانتصار في الأمر، فهذا السلطان في الآية إنما هو سلطان الإذن الإلاهي، و هذه الآية بالتحديد لو لم تكن نزلت في القرآن لكان حديث الإسراء و المعراج مردودا، لأن النبي صعد للسماء، بإذن الله، و الآية يقول إن الصعود للسماء جائز بسلطان من الله، فـ "بسلطان" هنا تعني بسلطان من الله، نعطيك جواز المرور فتصعد، و لا نعطيك فلا تصعد، فالآية لا علاقة لها بصعود القمر، و القمر من ضواحي الأرض، و أين القمر من السماء، إنها مسافات بملايين السنين الضوئية.

منطلق للتعامل مع الإعجاز العلمي

إذن يجب أن نلحظ أن هناك فرقا بين الحقيقة العلمية و بين النسب الأخرى، من الجهل و التقليد، و الظن و الشك و الوهم، فالذين يمنعون ليسوا على حق، و الذين يبيحون على الإطلاق ليسوا على حق، فاربط القرآن بالحقيقة العلمية التي عليها دليل، و لا تربطه بغيرها و إن كان يحتمل أن يكون حقا، حينئذ نجعل القرآن قيِّما على ما يحدث في الوجود، فإنه مهيمن، إن قال القرآن قضية، و قال الناس قضية بأي شكل تناقضه، نقول لهم لا، إن القرآن مهيمن، لأن كلامكم شك أو ظن أو وهم أو جهل أو تقليد.

فعدِّل نفسك، و لا عيب ألا تفهم، لأنه ليس في أمر تكليفي، فلو أننا عرفنا أن الأرض كروية، و مثل ذلك فما الذي زاد من التكليف، و من لم يعرف، ماذا حصل له؟ إنه علم لا ينفع و جهل لا يضر[12]، فدع كونيات القرآن و آيات الكون إلى أن تنضج معرفتنا بالكون و آياته، النضج الذي يشرفك في أن تربط هذه بهذه.

كنا مثلا و نحن صغار نفهم في الجغرافيا أن الأرض كروية و كنا نأتي عليها بأدلة[13]، و الآن لم يعد ذلك يحتاج إلى أدلة، لأن الأرض صارت مرئية لما صعدوا إلى الفضاء و صوروها، و ليس مع العين أين، كما علمنا أن حولها الغلاف الجوي و هو يدور معها، فهو جزء من الأرض، و كنا نقرأ قديما قول الله " قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ"[14]، فنأخذها على أن الأرض ظرف للسير و نحو ذلك من بلاغة في التعبير، فلما عرفنا أن الغلاف الجوي جزء من الأرض، فنحن إذن لا نمشي على الأرض، إلا إذا كنا سنمشي فوق الغلاف الجوي، فمادام الغلاف الجوي حولي و فوقي، و هو جزء من الأرض، فأنا إذن أسير في الأرض، و لو كنا أجهدنا الأسلوب لكي نفهمه قديما، لكان الأمر صعبا، ولكن بعدما عرفنا الحقيقة العلمية بشكل صحيح فقد قرّبت لنا فهم معنى الآية القرآنية، فنحن نمشي في الغلاف الجوي، أي في الأرض لا عليها، فلما تركنا الحقيقة العلمية تنضج تمت و انتهت المسألة[15].

فالله سبحانه و تعالى يلفتنا إلى آيات في الكون، فلا يجب أن نتعسف، و نجهض الآيات قبل أن تنضج و يتم حملها في الكون، فكل سر في الكون له مدة حمل، و له ميلاد، فلا تجهض الأشياء قبل موعدها، و لذلك ترك رسول الله تفسير هذه الأشياء إلى أن تبين هي بإذن الله، و نقول صدق الله في قوله "سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ"[16]

فليطمئن الغيورون على دين الله، الذين لا يريدون أن يربطوا القرآن بهذه المسائل، نقول لهم اربطوه بالحقائق، و تحروا الحقيقة القرآنية و الحقيقة الكونية تجدونهما متوافقتين، فاربطوا القرآن بالكونيات الحقيقية التي ثبتت و لا معدل عنها.

و كل زمن سيتسع لتفسير القرآن تفسيرا يتفق مع قضايا الكون كله[17]، أما الأحكام التكليفية فلا تريد تفسيرا لأن رسول الله قد انتهى منها، لأنها أمور يتعلق بها ثواب و عقاب، و ما يتعلق به ثواب و عقاب لابد أن يستوي فيه من أدرك عصر النبوة و من يدركه قيام الساعة، و يجب ألا يكون فيه شيئ غامض، فإن كان هناك كنز لبعض الأسرار، فذلك الكنز لأن بعض العقول قد لا تطيق أسرار الحياة التي يشير إليها القرآن الكريم.

التعامل مع القرآن

فالقرآن لابد أن يُستقبل هذا الاستقبال، كلام الله لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، حمل منهج البشرية ليحمي حركة الإنسان الاختيارية، و بحماية الحركة الاختيارية يستديم الجمال في الكون و يبقى الكون موزونا، فيما لك فيه خيار، كما هو موزون فيما لا خيار لك فيه[18]، و سبق أن قلنا إن الكون فيما ليس لي فيه عمل منضبط تماما، و كل شيء أنا تدخلت فيه فهو الذي فسد، لأنني تدخلت فيها بدون منهج الله، و لو دخلنا في الأمور الاختيارية، بمنهج الله، لاستقام جمال الكون، كما استقام جماله فيما لا دخل لنا فيه.

و الأمور التي تترتب عليها مسائل الحياة، أمور لم يجعلها الله اختيارية بل فرضها على الكون بجميع أجناسه، و من هذا بقى نظام الوجود صالحا في كل شيئ مقهور عليه المكلَف، لكن الخلل إنما جاء من ناحية أفعال الناس فيما لهم فيه اختيار، و ضربنا مثلا بروضة لم يدخلها إنسان، فإنك تجد فيه الجمال الكامل، بينما روضة عرفها الناس و صاروا يأتونها، فستجد فيها الفضلات و كل القاذورات، ذلك لأنهم دخلوها بغير منهج الله، ولو تركوها كما هي بقيت على جمال لا أحسن منه.

فمنهج الله جاء ليعصم الحياة من حركة الإنسان الاختيارية، ليظل جمال الكون موجودا، و إذا ظل جمال الكون موجودا رضي الموجود عن الوجود، و مادام رضي الموجود عن الوجود استقامت أنفاسه و حركته، لأنه لا يكون رد في القلب إلا من عدم الرضا، فلما يكون الرضا و يكون الجميل أمامك فلا تفكر إلا في الجميل و لا تصنع إلا الجميل، و يكون الكون كله جميلا.

و انظر قوله تعالى " وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ"[19]، فقد قدم الشفاء قبل الرحمة، و الرحمة ألا يوجد داء، و الشفاء أن يكون الداء موجودا ثم تأتي العافية، فعندما جاءت الرسالة المحمدية، بعد فترة انطمرت فيها الرسالات، و كثرت فيها الداءات، جاء القرآن ليشفي من الداءات أولا، فإذا شفى من الداءات و استقر منهجه في الأرض، و حكم حركة الحياة، فعندها تبدأ الرحمة[20]، و لا تأتي داءات، فإن حصلت غفلة و جاءت داءات فعاودوا صيدلية القرآن من أجل الشفاء.

حفظ الله للقرآن

و إن من علامات إنصاف الحق للخلق أن يديم لهم منهجه، إدامة لا تدخل في اختيار البشر، بل هي فوق مقدورات اختيار البشر، و لو تأملنا لوجدنا الناس كلما تقدم بهم الزمن تحللوا من المنهج، و لكن مع تحللهم من المنهج، نجدهم يعنون عناية خاصة بتوثيق كتاب المنهج و هو القرآن، فيطبع في أشكال متعددة و يسجل على أنماط متعددة، و يكون من جنود حفظه و تسطيره من هو غير مؤمن به، ولو أن الأمر كان منطقيا لكنا أهملنا تسجيل القرآن كما اهملنا تطبيق منهجه في سلوكيات الحياة، لكننا نجد إهمالا للمنهج كنظام يحكم سلوك البشر، و توثيقا للمنهج من حيث تسطيره و تسجيله و حفظه عناية به، مما يدل على أن الحفظ ليس من التكليف في البشر، و لكنه حفظ مقطوع من الله بوعد الله، و يدل على أن الله سبحانه و تعالى حين أطلق قضية الحفظ أطلقها ليؤكدها واقع الحياة: " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"[21].




[1] فصلت 37
[2] الروم 24
[3] أظن تلك الأحاديث كانت في بداية الثمانينات – يناير 2016
[4] الشك تساوي الاحتمالين، و الظن هو ترجيح أحد الاحتمالين، و الوهم هو ترجيح أحد الاحتمالين ثم يكون الحديث أو الميل متجها إلى الاحتمال المرجوح – يناير 2016 
[5] كذلك أن يردد أحد قول غيره دون القدرة على مناقشته، أو أن تقلد عمل عامل دون القدرة على تبرير العمل أو تفسير مكنون العمل الذي يجعله يستحق التقليد – يناير 2016
[6] الحجر 19
[7] لقمان 34
[8] الطب ينظر و يستكشف ما في الرحم، بينما الله تعالى يعلم علما مطلقا بلا استكشاف – يونيو 2016
[9] إن مثل هذه الأخطاء من كبار العلماء، و الرغبة في إسعاد الناس بإشهادهم إعجازا قرآنيا هي من علامات الحياة في زمن انحطاط حضاري، و انهزام لأمة الإسلام لبعدها عن منهج الله – أكتوبر 2015
[10] الرحمن 33
[11] الرحمن 35 ، ثم لماذا النحاس بالذات، و هل الشهب تحمل النحاس فيها؟ - أكتوبر 2015
[12] لا ينفع و لا يضر هنا مقصود بها في أمور الدين و العقيدة و الإيمان، أما في أمور خلافة الأرض المكلف بها الإنسان، فإنه علم نافع بلا شك، و الجهل فيه ضار بلاشك، و  هو أيضا علم يساعد على تعميق الإيمان بالله، فمن يدرك تلك الآيات الكونية يزيد إيمانه بالله جل و علا – أكتوبر 2015
[13] مثل ظهور أعالي السفن قبل أسافلها – يناير 2016
[14] الأنعام 11
[15] فعندما نحاول دفع النظريات العلمية دفعا لنربطها بالقرآن، تحدث المشكلات، بينما لما نترك الأمور لكل زمن بما فيه تنساب الحياة بسلاسة، فالفهم القديم البلاغي سليم في زمنه و يبقى سليما إلى الآن، و لما زاد علمنا الدنيوي و ثبتت صحته عضد ذلك من فهمنا للآية، و أخرج منها أكثر مما كنا نعلم منها، و زاد إيماننا و يقيننا بالله، كما تفتحت لنا أفاق أكثر في آيات القرآن لتشير إلى ملامح معارف أخرى في الكون من حولنا، ولا بأس أن يكون فهمنا لآية قرآنية تاليا لاكتشاف حقيقة كونية، إنه لا يقلل من عظمة القرآن أن يكون الإعجاز العلمي فيه صدى لحدوث الاكتشاف العلمي فعلا في الكون، و ليس مطلوبا أن نبحث عن الإشارات في القرآن لنسعى وراء احتمالات الاكتشاف العلمي في الكون، و إن كان هذا خير إن حدث، ذلك أن القرآن ليس كتاب علم، بل هو معجزة دائمة إلى قيام الساعة تقوم ندا لكل عصر بأدوات و قدرات العصر نفسه فتعجز أهل العصر – يناير 2016
[16] فصلت 53
[17] و تأتي الاكتشافات على أيدي غير مؤمنين فتقنع عقولهم، أما الاستجابة لدعوة الإسلام من عدمها فهي أمر آخر، و كثير من العلماء أقروا بوجود إله خالق، و لكن هناك أسباب لم تيسر لهم أن يسلموا، و هذا موضوع كبير، قد يضم تقصير المسلمين في عرض الدين و عرض أنفسهم، لكي يجد من يرى الآيات و يدرك أن هذا هو الدين الذي أوحت له به الآيات، و لو كان الجهاد و القتال في الإسلام بغرض أن تتاح لجميع البشر أن تصلهم دعوة الإسلام، فإن تأخر المسلمين العلمي هو قعود عن هذا الجهاد، فبروزهم علميا، و ثقافيا، و اجتماعيا، حضاريا بالأشكال المختلفة، هو إعلاء من صوت الدعوة، حيث لم تعد جيوش و لا دول تمنع، و لم يبقى إلا ارتفاع الصوت بالتعريف و بالمثال لتصل الدعوة للجميع، فهو عين الجهاد، و عندما نجد التشويه المستمر للإسلام و المسلمين، فهي عين الحرب المعادية، و التصدي لها لن يكون بالجيوش تقاتل و لكن بالأشكال الأخرى مما قد يطلق عليه القوة الناعمة – أكتوبر 2015
[18] و أضيف أنه كلام يحمل في طياته معجزات إثبات صحته، و القوى على جذب الناس جيلا بعد جيل إلى الإيمان، و ما يديمه كائنا حيا فاعلا و مؤثرا بذاته بما أراده الله به إلى يوم القيامة – أكتوبر 2015
[19] الإسراء 82
[20] و بالتالي فلن يرحمنا الله في بلادنا هذه إلا إن اتبعنا منهجه لنشفى من داءاتنا، و عندها تتنزل علينا الرحمة مرضيا عنا فيها و تخصنا من الرحيم، بينما قبل اتباع منهج الله فقد تشملنا الرحمة كما تشكل كل الناس مؤمنين و غير مؤمنين من الرحمن، و قد تواجدت بيننا الرحمة ابتداءا بحفظ المنهج في القرآن و ما علينا إلا قراءته و اتباعه، فيكون المجد الذي حققه المسلمون الأوائل من رحمة الله لا أنهم نالوه بجهدهم في سبيل الله، إنما رحمة استحقوها باتباع منهج الله – أكتوبر 2015
[21] الحجر 9

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

من سيدخل الجنة

 جاء في التليفزيون المصري، في رمضان الحالي، أن المفتي السابق علي جمعة، يحدث الأطفال، فسألته طفلة، لماذا المسلمون فقط سيدخلون الجنة، وهناك أد...