الخميس، نوفمبر 17، 2005

حكمة الله - 3

مجدي هلال - فلوريدا

قد مهدت سورة الفاتحة إذن لتلاوة القرآن ، و من بعد تمهيدها المعجز و كونها أيضا جزءا من الكتاب الكريم تأتي البقرة ، فتبدأ بتقديم القرآن ككتاب ، و نجد التقديم بمعناه البسيط ، تقديما للشكل و المحتوى كما نعرف في عصرنا هذا ؛ موجز و موضح لاتجاه العمل في "الكتاب" دونما توغل في لب الموضوع ، و هكذا يكون تقديم الكتب ، فالتقديم في البقرة يقول شيئا ما ، ذلك هو " ألم" التي الله أعلم بها و إن كان أفاض المفسرون في النظر فيها ، لكن التقديم بدأ كالأتي: ذلك الكتاب هاد لمن يرجو الهدى في سبيل الله

" ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ 2 "

و يلي التقديم ، التعريف بأصناف متلقي هذا الكتاب الثلاثة ، فتورد الآيات لهم وصفا جامعا تستطيع المقدمة أن تحتمله ، و الصنف الأول من الناس الذين سيتلقون هذا الكتاب هم المتقون ، و هم

"الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ ..... وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ 5 "

و استخدام الألفاظ هنا مهم للغاية ، فأول وصف يوصف به هؤلاء هو أنهم اللذين يؤمنون بالغيب ، و هذا يطمئن من يحتاج أن يطمئن قلبه ، يطمئنه إلى أن إقباله على هذا الكتاب من غير أن يكون قد رأى الله تعالى ، و لا رأى رسوله صلى الله عليه و سلم – هذا في محل تقدير ، ثم إنه بعد ذلك سيصبر ، حتى يعلم الحق ، متفهما أن هذا الإيمان بالغيب هو المرحلة الأولي في بناء الإيمان في قلبه ، إن القرآن لم يبدأ بإثبات وجود الله ، لكنه بدأ بالأمر الواقع الذي هو أنه تعالى هو الله ، فوجود الله لا يجب أن يكون محل تفكير ، لقد وصلت البشرية إلى مرحلة من النضج تؤهلها لقبول ذلك ، و القرآن العظيم يأخذنا مباشرة إلى طور النضج ، مع وجود رحمة الله في كل حال ، و من هذه الرحمة أن يعلم المؤمن الذي لم يكن له حظ العيش في زمن الرسل و المعجزات ، بل في زمن الجدل و الهوى القائم حولنا – يعلم أن إيمانه بالله غيبا ، في محل التقدير ، و إني إذ أؤمن بالله غيبا ، فأجد الله تعالى يخبرني أن هذا هي أولى صفات المفلحين ، فلسوف أطمئن ، و لاشك أنه إذ يراعي هذا الإيمان فلسوف يريني ، أني على الحق ، بعد حين ، و على هذا يأتي قوله تعالى "هم المفلحون" ذا دلالة و فائدة كبيرة ، فليس هذا الصنف من الناس هو صنف المسلمين أو المؤمنين ، بل هو المفلحون ، و هذا أعم و أقرب للفهم ، و يساعد على الإطمئنان ، مع الإيمان بالغيب

كانت هذه هي الفقرة الأولى ؛ الآيات الخمسة الأولى ، تبدأ بالإشارة إلى فحوى الكتاب ، و تقدم الصنف الأول من المتلقين ، و هو صنف الذين يقبلون بالكتاب نبراسا

ثم إن يكن هكذا وصف الصنف الأول من الناس ، فلابد من العلم بالذين اختاروا الكفر ، و قد أعطاهم الله ما فضلوا فليس يصلح معهم هدى و لا دعوة إلى الهدى .. أولئك هم الصنف الثاني ، و جاء وصفهم بالفعل الذي فعلوه ، فقال تعالى " الذين كفروا " و لم يقل الكافرون ، لأن هؤلاء إنما هم كفروا بفعلهم ، و هو ما وضعهم في هذا الصنف ، فإنه لا يوجد كافر ، بخلقته ، إنما الناس ولدوا مسلمين ، و لكن منهم من يختار الكفر، فالكفر ليس قدرا ، و لكنه اختيار بشري ، يعمل من أجله الشيطان ، إذ يولد الناس سواء ، فالمتقي ، هو من يستمر على فطرته السوية ، و أما الكافر ، فإنما هو من فعل هذا الفعل الذي خرج به عن إطار الفطرة ، فالكفر حادث و ليس أصيلا ، وفي صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه و سلم " يقول الله إني خلقت عبادي حنفاء ، فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ، و حرمت عليهم ما أحللت لهم" ، و قد وصف الصنف الثاني بالآيتين التاليتين

"إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ ... وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ 7 "

ثم إنه يجب تماما تمييز الفئة ثالثة من الناس و هم المنافقون ، و لقد أفاض الكتاب في وصفهم ، لأنهم في غاية الخطورة ، و يكون على القارئ أن يصنف نفسه ، في صنف من هذه الأصناف الثلاثة ، و لأن النفاق مرض ، قد نقع فيه و لا ندري ، فهو مفصل في اثنتي عشرة آية متواصلة ، في بداية الكتاب ، و في الأمر كذلك تحذير للقارئ ، بألا يحدث نفسه بأنه مؤمن ، من دون أن يصدق بقلبه ، فكان لابد من هذا الإسهاب في وصف المنافقين

"وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ 8 يُخَادِعُونَ ... إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 20 "

و قد ضرب الله مثلين للمنافقين ، في هذه الآيات ، ذلك أن المنافقين صنفان ، و هم كما أورد ابن كثير في تفسيره ، منافقون خالصون و هم المضروب لهم المثل الناري ، و منافقون يترددون تارة يظهر لهم لمع الإيمان و تارة يخبو و هم أصحاب المثل المائي و هم أخف حالاً من الذين قبلهم ، فهناك المنافق الخالص و المنافق الذي فيه شعبة من نفاق

فالمنافق الخالص حاله في الآيات كالذي استوقد نارا فلما عم النور حالهم إذا هم ينصرفون عنه تماما مختارين ظلمة الضلال ، بعد أن قد عرفوا نور الحق ... فبما اختاروا فقد ذهب الله بنورهم و تركهم صما بكما عميا ، طالما هم مصرون ، أما الذي فيه شعبة من نفاق فهو الذي يتردد بين الهدى و الضلال فيشده الضلال إلى ظلمته ، ثم يتراءى له نور الهدى من حين لحين ، كالبرق حين يلمع في ظلمة الليل ، فتميل إليه نفسه ، و لكنه عند أول اختبار ينكص على عقبيه ، و يظل هذا حاله مترددا مضطربا تائها بين الهدى و الهوى

قد خص الله تعالى المنافقين بمزيد من التوضيح في هذه الآيات الأولى من القرآن ، و لكن كلمة واحدة قد أوجزت و أعجزت ، فصورت حال المنافقين أدق تصوير ، و هذه كلمة " و لا يشعرون " ... المنافق يعلم ما يفعل ، يعلم أن ما يقوله أو يظهره من أعمال ، هي خلاف ما في باطنه ، فلا يمكن أن لا يشعر بما يفعل ، إنهم يعلمون أنهم يريدون هدم ما هو قائم لأسباب يحكمها الهوى و الغرض ، و لكن يظنون أن أعمالهم خافية ، وراء المظهر الذي يجعلوه لها ، ، بينما الفساد بيّن لكل من هو على فطرة سليمة ، و لأن المنافق لا يتبع فطرة سليمة ، فهم يصدقون أنفسهم ، و ينخدعون بظاهر أعمالهم ، أو هم يصدقون أن الظاهر قد حقق الغرض منه ، و هو ما ينطبق على بعض هؤلاء الذين ساقتهم أهواءهم لمحاربة دين الله ، متسترين بدعاوى الحداثة و الأصلاح و التجديد و الإبداع ، على ما يظنون ، مستخدمين مصطلحات و أقوال ، قد لا يكون على ظاهرها اعتراض ، و لكن باطنها من عمل الشيطان ، نسطيع أن نجد هؤلاء على أعلى منابر الكلام و في أبهى المظاهر ، لكننا نستطيع أيضا أن نلمس هذا البرود القائم بينهم و بين الناس ، هم منتشرون في كل وسائل الإعلام ، و لكن هل تتجاوب جموع المسلمين معهم ... ، و مهما أطنبوا في الحديث ، لا يصلون إلى القلوب .. لماذا ؟ .. لأن المسلم الذي يعرف دينه ، لا ينخدع بقول المنافقين ، و سيرى ما يبطنون ، أو سيشعر أن لهؤلاء أغراضا غير ما يظهرون ، و لن يبهره مظهر ما يقولون و لا ما يفعلون ، و حتى إن لم يستطع أن يقول ماذا يرى فيهم ، فهو فقط سيشعر أن فيهم ما لا يرضي الله ... و من الجانب الآخر تجد هؤلاء المنافقين ، مندفعين في ضلالهم ، معتقدين في نجاحهم ، ظانين أن أحدا لا يرى ما يبطنون ، بينما هو ظاهر لكل القلوب المسلمة ... و هم لا يشعرون

آية أخرى من الآيات ، تنطبق على دعاة الإصلاح بالنفاق ، فهم إذا ما رد عليهم أحد ، لا يتناولون الرد بالنقاش ، و الأسلوب المفترض ، بل يسفهون الردود و الرادين ، يقرعون الكلام إلى غير غاية ، و يستكبرون عن النقاش ، و لا يريدون إلا أن يقولوا ما يقولوا و حسب ، بزعم كره ثقافة الجمود و النقل ، فأي مصلح هذا الذي لا يريد أن يسمع لمن يريد إصلاحهم ، و أي مصلح هذا الذي لا يطيق من يريد إصلاحهم ، أفلا يتخذون من الرسل و ما لاقوا العبرة ، إن كانوا حقا يريدون حقا ... و هذا هو كما تقول الآية

"وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ 11 أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ 12 وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمْ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ 13 "

و هنا نجد "لا يعلمون" ، لأنهم في هذا الحالة لا يعلمون فعلا ، أن ما يدعون إليه سفه ، و لا يعلمون أنهم يعادون الله و رسوله ، و كتبه .. هم هنا لا يعلمون.. بينما في الآية السابقة ، هم يعلمون و لكن لا يشعرون ، مثلما يشعر الآخرون

***

و عودة إلى المقدمة ، فبعد تقديم الكتاب الكريم ، و أصناف المتلقين ، فهاكمو غرض الكتاب

"يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ 21 الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ ... وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ 25 "

و تلك هي الدعوة التي يوجهها الكتاب إلى الناس على العموم ، إلى كل صنف منهم ، و لأن الله تعالى ، يعلم أن الكفر أو النفاق ، أمران طارئان ، و ليسا أصيلين في قلوب أصحابهما ، فإنه بعد وصف المؤمنين ، و الكافرين ، و المنافقين ، يأتي هذا النداء العام " يا أيها الناس " بلا تفريق أو تمييز لفئة ، فلا يعلم أحد إلا الله ، كيف ستكون استجابة السامع ، أيا كان صنفه ، و إن الآية تستميل القلوب ، فتقول " اعبدوا ربكم " ، فهو ربكم أجمعين ، مهما كان اختياركم في هذه الحياة الدنيا ، و هذا لأنه من شاء فليؤمن و من شاء فيلكفر ، و لكن باب الإيمان مفتوح

و هكذا يتحدد الغرض ، و كذلك أحوال من يخاطبهم إزاءه ، وهم إما الراغب في الهدي أو الكافر المصر أو المنافق ، هذه هي فئات الناس ، و هذه مقدمة و لابد من تحديد هدف الكتاب فيها و إلى من يتوجه

***

و ما الذي قد يكون باقيا بعد هذا إلا إشارة إلى الأسلوب المتبع في "الكتاب" ؟!! ... لقد ورد تمثيل لحال المنافقين في هذه المقدمة ، فإن الله جلت حكمته سيضرب في كتابه أمثالا توضح و تقرب للأذهان ما فيه ، و لا شك أن القارئ سوف ينتظر من الكتاب تفصيلا لما أجمل عن أصناف الناس ، و لسوف تأتي الأمثلة و ترد الروايات عما سبق ، سترد عن الناس جميعا من اهتدى و من كفر و من يظن أنه يخادع الله ، و سيكون المثال على حسب الحال و لن يكون هناك تحرج في التمثيل بأدنى شئ ، فالذين يريدون الهدى ستنشرح صدورهم بإذن الله ، و من ضل فليضل ... هكذا أسلوب هذا الكتاب و تلك ستكون أدواته في العرض و التوضيح ، الإقناع بالعبر من أحوال من سبقوا ، و بالأمثلة لتقريبها إلى العقول ، مهما كان المثال ... يقول تعالى في الآيتين التاليتين

"إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَ أَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً ... أُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ 27 "

و نجد أيضا توجيها إلى أن ردود أفعالنا نحو الأمثلة و الحجج التي سترد ، إنما تعتمد على أنفسنا ، فالمؤمن خالص النفس لله ، سيقبل ، بينما المجادل ، فسوف يؤولها بما يحقق له فائدة ما من فوائد الدنيا ، و الآية تصور تصرف الخاسرين فهم سيجادلون ، لا عن رغبة في الفهم ، و لكن محاولة للالتفاف حول الحق ، فهم لا يسألون عن معنى القول ، و لكن يقفزون للسؤال عن المراد ، فلا يستمعون للحوار ، أو يستفهمون ، بل يتجاهلون هذا كله ، و يسألون مباشرة: إذن إلى أي شيئ تريد الوصول؟ فيقطعون الكلام حتى نعود لندور حول أنفسنا نعيد فيما نقول و نزيد ، فلا نقر على أي قرار ... هم لا يريدون سماع المنطق فيما يقال ، بل يريدون أن يعودوا إلى نقطة البدء من جديد ، لأنه لا فهم إلا أن نسمع أولا ... إن سؤالا كهذا يعني دعنا من هذا و هيا إلى النتائج المطلوبة ، و هو بوضوح هدم لكل ما يمكن أن يكون تحقق من نتائج ، للبدء من جديد في الجدال ، فالجدال هو ديدن هؤلاء ، و لو أن الآية قالت إنهم يسألون بدلا من "يقولون" لاختلف الأمر ، لأن السؤال قد يفضي بالسائل إلى الاهتداء ، و لكن استخدام يقولون فيه الإشارة إلى أنهم لا يريدون المعرفة ، بل يريدون التشكيك و التهرب من الانصياع إلى الحق ، و إن فيه أيضا لأشارة إلى بذور النفاق ، لأن القول مع وجود غرض الجدال نفاق ، فظاهر المقولة سؤال ، و السؤال فيه خير ، إلا أن الغرض غير ما يبدو من ظاهر ما يقال

يعلمنا الله تعالى أن نراقب أنفسنا في كل حين ، فلا نسمح لها أن تميل بنا مع الهوى ، بل نحكمها لتفكر و لتنفعل ، في حدود كتاب الله ، و ها هي الآية تشير إلى أن هناك أساليب للبحث عن المعرفة ، و لكن ليس منها الكلام بغرض الجدال و الالتفاف على الحق المراد ، إن السؤال جائز لو خلصت النية ، و لكن عندما لا تخلص النية فإنه لا يعود سؤالا ، بل مجرد قول مصحوب بنفاق .. يأمرنا ، سبحانه و تعالى ، أن نتفكر ، في كل حين ، و أمام أي أمر يعرض لنا ، إلا أن العبرة هي بمدى صفاء النفس ، و مدى نقاوتها من الغرض

و الآية اتقول "فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ" ، أي أن هؤلاء سيشعرون بالحق ، لأن أنفسهم سوية ، و غير محكومة بالهوى ، و هم موصوفون بالمؤمنين ، على اعتبار ما سيكون ، أو باعتبار ما هو قائم فعلا ، فالمؤمن مؤمن ، لن يجادل في الحق ، و من سيؤمن ، فهو إنسان أنعم الله عليه ببصيرة و نفس نقية ، ليستطيع أن يميز الخبيث من الطيب ، و ليستطيع أن يحدد طريق الهدى ، من طرق الهوى ، و هو لا يجادل ... إنه تقديم للأسلوب مصحوب بدرس في علم النفس ، يقدم لنا مقياسا ، لنقيس عليه مدى صحة أنفسنا ، و هو توجيه من الله جلا و علا ، الذي يعلم من خلق و هو اللطيف الخبير


و بعد تلك التوضيحات اللازمة عن الغرض والمتلقين و الدعوة و الأسلوب - يأتي كلام ، كبدء لمقولة مستقلة داخل المقدمة ، و هو أيضا ختام لها

"كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَ كُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ... وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ 29 "

إنه تساؤل استنكاري من أن يكفر الناس ، رغم أنهم يمكنهم أن يروا أنفسهم مخلوقين ، و أحياء يسعون في الأرض ، و يرون الأرض و السماء من حولهم ، ألا يفهمون؟ ... و لكن و على أية حال فالكتاب وضع للهدى فلا شك أن الكفر و الضلال منتشران ، يعميان أعين الناس ، و إنما هذا التساؤل يحيط بكل الكتاب كأنه يقول ، مثلما يعهد الناس في كتبهم : إنه لما كان الناس كما ذُكر و كانت أحوالهم من كفر و ضلال هي كما هو كائن فكان لابد من وضع هذا الكتاب ... و تكون هذه نهاية التقديم

و بعد التقديم تكون البداية ، و البداية هنا و في الآية التالية من السورة ، هي بداية البدايات ، هي بداية خلق البشر ، و بداية الخلق هي بخلق آدم عليه السلام ، و هي فعلا البداية ، و التي كان معها بدء هذا الأمر.

--------
http://www.shbabmisr.com/XPage.asp?browser=view&newsID=2109

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

من سيدخل الجنة

 جاء في التليفزيون المصري، في رمضان الحالي، أن المفتي السابق علي جمعة، يحدث الأطفال، فسألته طفلة، لماذا المسلمون فقط سيدخلون الجنة، وهناك أد...